«التنمر».. سلوك عدواني وفد إلينا من الغرب

  • 11/14/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

"التنمر" أو "الاستقواء".. ظاهرة وسلوك سلبي منتشر بدأ في الظهور أخيراً في مدارس البنين والبنات على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الدراسية، وهو سلوك عدواني يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسدياً أو نفسياً، وأن كنا لم نصل إلى مرحلة استعمال الأسلحة في المدارس، الا أن أهمية هذه القضية ترجع إلى كثير من الأثار السلبية الناتجة عن التنمر، التي تساهم في تفكيك تماسك الأسرة وتهدد العلاقة مع المدرسة. ويرجح كثير من المختصين أن هذه الظاهر انتقلت إلينا من الغرب، بسبب التغير الذي حدث في مجتمعاتنا، من اكتساب أساليب وعادات سلبية، وعن طريق تأثيرات العولمة، وخصوصاً برامج التواصل الاجتماعي، التي بدأت تنتشر بشكل كبير، ولها تأثير فعال على تصرفات الطلاب في المدارس. ابن مشخص: علاج الظاهرة يبدأ بالمكاشفة والحوار مع الأبناء الألعاب الإلكترونية سبب رئيس وقالت المستشارة النفسية والأسرية د. سحر رجب، إن حالات التنمر في مجتمعنا ظاهرة بدأت في الانتشار كثيرًا خصوصاً في مدارسنا، ويعود سبب ظهورها إلى ضعف دور الأسرة وعدم متابعة أبنائها سلوكيا وتربوياً والتأخر بتعديل السلوك السيء للطفل. وأضافت أن هناك سببا رئيسا ومهم بتحول الطفل أو الطالب إلى شخصية متنمرة، وهي قضاء كثير من وقته في متابعة الألعاب الإلكترونية العنيفة، سواء على أجهزة الحاسب الآلي أو الهاتف الذكي، التي تقوم فكرتها على القوة والقضاء على الخصوم لتحصيل أكثر النقاط للفوز في هذه اللعبة، وهذا بالتأكيد ينمي السلوك العدواني لديه، وتصبح هذه الشخصية عدوانية في طبيعتها، سواء في المدرسة أو في الحياة العامة والحياة الأسرية، ولذلك يجب توافر الجهود التربوية بين المدرسة والأسرة، من أجل تنشئة هذا الجيل نشأة سليمة بعيدا عن ظاهر التنمر. وأوضحت د. سحر أن مشكلة التنمر لا تقتصر على مدارس البنين، رغم شيوعها النسبي فيهم، فهي أيضاً موجود في مدارس البنات، وتكون فيها الفتاة الضحية أكثر تحملاً ولا تظهر مما تعانيه، نظراً للطبيعة الأنثوية الضعيفة. التنابز بالألقاب يعد تنمراً من جهته، قال الإعلامي المختص في قضايا الشباب حمد بن مشخص، إن أول خطوة للتعامل مع مشكلة التنمر هو الاعتراف بوجودها وانتشارها، تليها مرحلة التشخيص والبحث للوقوف على حجم هذه القضية في مدارسنا وتحديد المراحل الدراسية التي تزيد فيها حالات التنمر أكثر من غيرها، ومعرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشاره. وأضاف أن التنمر نشأ في الغرب وبدأ يغزو مدارس المجتمع العربي بفعل تأثيرات العولمة والانفتاح والتأثير الثقافي والإعلامي الغربي، وتُشير دراسات أميركية أن ثمانية من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة خوفاً من التنمر، كما كشفت دراسة مسحية لإيرلينغ Erling بعنوان «التنمر: أعراض كئيبة وأفكار انتحارية» أجريت على 2088 تلميذًا نرويجيًا في المستوى الثامن، أن الطلبة ممن يمارسون التنمر وكذلك ضحاياهم قد حصلوا على درجات عليا في مقياس الأفكار الانتحارية. وفي دراسة لليند وكيرني Lind & Kerrney أجريت في نيوزلندا، اتضح أن حوالي 63% من الطلاب قد تعرضوا لشكل أو آخر من ممارسات التنمر. وأشار بن مشخص إلى أن هذا السلوك العدواني تكمن خطورته في أنه متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً، جسدياً أو نفسياً، ويمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمراً التنابز بالألقاب، وهو أمر منتشر بكثرة في مدارسنا، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة، وهي قضية يعانيها كثير من الطلبة عبر كتابات على طاولات المدرسة أو جدران المدرسة أو جداريات الحي. إهمال المتابعة الفكرية والتربوية وأوضح الإعلامي المختص في قضايا الشباب أن أحد أشكال التنمر وهو الإقصاء المتعمد من الأنشطة، مثل منع الطالب بالقوة من أحد زملائه من المشاركة في عمل أو حصة الرياضة أو رحلة بهدف اهانته، أو الإساءة الجسدية، أو الإكراه. ويمكن أن يتصرف المتنمرون بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم قادة أو أقوياء، أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه، ويمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة، وكثيرون يمارسون ذلك لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل في المنزل، أو عبر تصرفات تربوية خاطئة في البيت. ويرى بن مشخص إن احد أهم أسباب التنمر هو ميل الأسر إلى الاهتمام بتلبية الجوانب المادية للأبناء من مسكن وملبس ومأكل وتعليم جيد وترفيه، مقابل إهمال الشق الأهم الواجب عليهم بالنسبة إلى الطفل أو المراهق، ألا وهو المتابعة الفكرية والتربوية، وتقويم السلوك وتعزيز الإيجابيات وتعديل الصفات السيئة، وذكر أن من الأسباب المهمة هو واقع الجو المدرسي، واختفاء هيبة المعلم بشكل كبير، والاعتماد على التعليم من دون التربية، وعلى أسلوب المحاسبة للطالب المخطئ باستدعاء ولي امره دونما أي أساليب أخرى. وقال إن علاج هذه الظاهرة، يجب ان نعزز في نفوس أبنائنا المكاشفة والحوار وعدم كتمان أي مشكلة يتعرضون لها خوفاً من أحد، وفي الطرف الآخر يجب أن يكون التدخل الأسري فعالاً، ولابد من التروي وعدم العجلة في الحكم على سلوك الطفل ووصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية وتتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب، واستشارة المتخصصين ومن لهم علاقة بحياة الطفل، كما يجب ان يصاحب ذلك برامج تربوية وتثقيفية متواصلة وتدريب للمعلمين والمرشدين الطلابيين، فالمعلم له دور مهم، ولحزم الإدارة المدرسية وتعاملها التربوي دور مهم وإيجابي، كما يجب أن تقوم الجهات المتخصصة ومراكز الإرشاد الأسري بدورها في التوعية الأسرية.

مشاركة :