هل تؤدي زيادة الضغوط السياسية على «بوريس جونسون» إلى استقالته؟

  • 12/23/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

تمر‭ ‬حكومة‭ ‬المحافظين‭ ‬البريطانية‭ ‬حاليا،‭ ‬بقيادة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء،‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭,‬‭ ‬بفترة‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬السياسي‭ ‬الشديد،‭ ‬ولا‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬المرة‭ ‬الأولى،‭ ‬حيث‭ ‬تأتي‭ ‬بعد‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الجدالات‭ ‬العامة؛‭ ‬تشمل‭ ‬الهزيمة‭ ‬الانتخابية،‭ ‬وتمرد‭ ‬نواب‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬ومزاعم‭ ‬بالفساد،‭ ‬واحتفالات‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭.‬ وفي‭ ‬الواقع،‭ ‬أدى‭ ‬التشريع‭ ‬المقترح‭ ‬لحكومة‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بإعادة‭ ‬فرض‭ ‬تدابير‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬لمواجهة‭ ‬المتحور‭ ‬الجديد،‭ ‬أوميكرون،‭ ‬إلى‭ ‬تمرد‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬من‭ ‬شاغلي‭ ‬المقاعد‭ ‬الخلفية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬توجيه‭ ‬النقد‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬إدارتها‭ ‬للأزمة‭ ‬الصحية،‭ ‬وإثارة‭ ‬مزاعم‭ ‬بالفساد،‭ ‬وكانت‭ ‬الكارثة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬هي‭ ‬الهزيمة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزئية،‭ ‬وخسارة‭ ‬مقعد‭ ‬برلماني‭ ‬شغله‭ ‬الحزب‭ ‬لما‭ ‬يقارب‭ ‬قرنين‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قوض‭ ‬سلطة‭ ‬جونسون‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭. ‬ وكان‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزئية‭ -‬المذكورة‭ ‬أعلاه‭- ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬شمال‭ ‬شروبشاير،‭ ‬هو‭ ‬استقالة‭ ‬النائب‭ ‬المحافظ‭ ‬المخضرم،‭ ‬والوزير‭ ‬السابق،‭ ‬أوين‭ ‬باترسون‭ ‬من‭ ‬البرلمان،‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬أثير‭ ‬من‭ ‬جدل‭ ‬حول‭ ‬تقاضيه‭ ‬أموالا‭ ‬نظير‭ ‬أعمال‭ ‬استشارية‭. ‬وشغل‭ ‬المحافظون‭ ‬المقعد‭ ‬سابقا،‭ ‬بأغلبية‭ ‬كبيرة‭ ‬بلغت‭ ‬23000‭ ‬صوت،‭ ‬لكنهم‭ ‬كانوا‭ ‬ضحايا‭ ‬التأرجح‭ ‬الهائل‭ ‬في‭ ‬الأصوات‭ ‬بنسبة‭ ‬34‭%‬‭ ‬لصالح‭ ‬المرشحة‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية،‭ ‬هيلين‭ ‬مورجان،‭ ‬والتي‭ ‬حسمت‭ ‬المعركة‭ ‬الانتخابية‭ ‬لصالحها،‭ ‬بأفضلية‭ ‬في‭ ‬الأصوات،‭ ‬بـ5925‭ ‬صوتًا،‭ ‬فيما‭ ‬وصفته‭ ‬هيذر‭ ‬ستيوارت،‭ ‬و‭ ‬بيتر‭ ‬ووكر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان،‭ ‬بأنه‭ ‬نصر‭ ‬استثنائي‭ ‬للحزب‭ ‬اليساري‭ ‬الوسطي‭.‬ ووفقا‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين،‭ ‬فإن‭ ‬حكومة‭ ‬جونسون،‭ ‬تتعرض‭ ‬لتهديد‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي،‭ ‬يقربها‭ ‬من‭ ‬الانهيار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬قبل‭ ‬عطلة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وبحسب‭ ‬شبكة،‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز،‭ ‬لم‭ ‬يصرح‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬علنا‭ ‬بتفكيره‭ ‬في‭ ‬الاستقالة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬الانتكاسة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬امتنع‭ ‬أعضاء‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬عن‭ ‬انتقاد‭ ‬زعيم‭ ‬حزبهم‭. ‬ وفي‭ ‬أعقاب‭ ‬هزيمة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجزئية،‭ ‬كانت‭ ‬تفسيرات‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬متباينة،‭ ‬حيث‭ ‬صرح‭ ‬أوليفر‭ ‬دودن،‭ ‬الرئيس‭ ‬المشارك‭ ‬لحزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬بأن‭ ‬الناخبين‭ ‬قد‭ ‬انفضوا‭ ‬من‭ ‬حول‭ ‬الحكومة،‭ ‬بينما‭ ‬تحمل‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬المسؤولية‭ ‬الشخصية،‭ ‬وأعرب‭ ‬عن‭ ‬تفهمه‭ ‬لإحباط‭ ‬الناس‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬أوضح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬قائمة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬السلبية‭ ‬حول‭ ‬السياسة‭ ‬والسياسيين،‭ ‬قد‭ ‬حجبت‭ ‬رسائل‭ ‬حكومته‭ ‬بشأن‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭. ‬وبينما‭ ‬أقرت‭ ‬لورا‭ ‬كوينزبرج،‭ ‬في‭ ‬شبكة‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي،‭ ‬برأي‭ ‬الحكومة‭ ‬القائل،‭ ‬بأن‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬تمثل‭ ‬بؤسًا‭ ‬انتخابيا‭ ‬تقليديا‭ ‬في‭ ‬متوسط‭ ‬أجل‭ ‬الحكومة‭ ‬القائمة،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬أنها‭ ‬نتيجة‭ ‬مروعة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المحافظين،‭ ‬كما‭ ‬توقعت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬جونسون،‭ ‬قد‭ ‬أظهر‭ ‬سابقًا‭ ‬قدرة‭ ‬استئنائية‭ ‬على‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الأزمات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مختلفة‭.‬ ومن‭ ‬المنطلق‭ ‬نفسه،‭ ‬علق‭ ‬آخرون‭ ‬بأن‭ ‬الأحداث‭ ‬الأخيرة‭ ‬قوضت‭ ‬سلطة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بشدة،‭ ‬داخل‭ ‬وخارج‭ ‬حزبه‭ ‬السياسي‭. ‬ووصف‭ ‬ستيفن‭ ‬بوش،‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬نيو‭ ‬ستيتسمان،‭ ‬الخسارة‭ ‬بأنها‭ ‬نتيجة‭ ‬صادمة‭ ‬ستبعث‭ ‬رجفات‭ ‬من‭ ‬الرعب‭ ‬داخل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬وقد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬رئاسة‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭. ‬وفي‭ ‬تأييد‭ ‬لهذا،‭ ‬أوضح‭ ‬جورج‭ ‬باركر،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الفاينانشيال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬الهزيمة‭ ‬الانتخابية‭ ‬تمثل‭ ‬ضربة‭ ‬قاضية‭ ‬أخرى‭ ‬لسلطة‭ ‬جونسون‭ ‬السياسية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬فوزًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬بقيادة،‭ ‬جيريمي‭ ‬كوربين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2019،‭ ‬فإن‭ ‬بوش،‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬نواب‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬سيشعرون‭ ‬الآن‭ ‬أيضًا‭ ‬بالخوف،‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبلهم‭ ‬في‭ ‬الدوائر‭ ‬الانتخابية،‭ ‬التي‭ ‬تحتدم‭ ‬فيها‭ ‬المعركة‭ ‬بين‭ ‬المحافظين‭ ‬والعمال،‭ ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مخاوفهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الهزيمة‭ ‬هي‭ ‬ثاني‭ ‬خسارة‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬حيث‭ ‬سيطر‭ ‬الديمقراطيون‭ ‬الأحرار‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬مقعد‭ ‬باكينجهامشير،‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬تشيشام‭ ‬وأميرشام‭ ‬في‭ ‬يونيو‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬جاءت‭ ‬الهزيمة‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬تمرد‭ ‬118‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬المحافظين‭ ‬خلال‭ ‬تصويت‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬قيود‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬إنجلترا؛‭ ‬بهدف‭ ‬وقف‭ ‬انتشار‭ ‬متغير‭ ‬أوميكرون‭. ‬وأمام‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬وجد‭ ‬جونسون،‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬صعب،‭ ‬حيث‭ ‬عارض‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬حزبه‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإغلاق‭ ‬لحماية‭ ‬الشركات،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬شجب‭ ‬المنتقدون‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬المجلس‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تدابير‭ ‬تم‭ ‬اتخاذها‭ ‬بالفعل‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الإصابات‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إستر‭ ‬ويبر‮»‬،‭ ‬و«أليكس‭ ‬ويكهام‮»‬‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬بوليتيكو،‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬ضربة‭ ‬قوية‭ ‬لمكانة‭ ‬جونسون‭ ‬بين‭ ‬نوابه‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«بوش‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬تمرد‭ ‬الحزب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القيود‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬فرضها‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬بشأن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬الاستياء‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬أسلوبه‭ ‬في‭ ‬القيادة‭. ‬وعليه،‭ ‬رأى‭ ‬روجر‭ ‬غيل،‭ ‬النائب‭ ‬عن‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬أن‭ ‬جونسون‭ ‬قد‭ ‬واجه‭ ‬استفتاءً‭ ‬على‭ ‬أدائه‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء،‭ ‬وحذره‭ ‬نواب‭ ‬من‭ ‬حزبه،‭ ‬بأن‭ ‬أمامه‭ ‬ضربة‭ ‬واحدة‭ ‬أخرى‭ ‬وسيخرج‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭.‬ وفي‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬الواقع،‭ ‬بدأ‭ ‬المعلقون‭ ‬السياسيون‭ ‬في‭ ‬التكهن‭ ‬بما‭ ‬سيكون‭ ‬عليه‭ ‬مستقبل‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬وما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬جونسون،‭ ‬سيبقى‭ ‬رئيسًا‭ ‬للوزراء‭ ‬بعد‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭. ‬وأشار‭ ‬مات‭ ‬ماذرز،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬الاندبندنت،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬قادته‭ ‬بلا‭ ‬رحمة‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يُنظر‭ ‬إليهم‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬ثوابت‭ ‬انتخابية‭. ‬ ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬أخر‭ ‬رئيسي‭ ‬وزراء،‭ ‬تيريزا‭ ‬ماي،‭ ‬وجونسون‭ ‬نفسه،‭ ‬قد‭ ‬ارتقيا‭ ‬إلى‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬بعد‭ ‬فوزهما‭ ‬في‭ ‬المنافسات‭ ‬على‭ ‬قيادة‭ ‬الحزب‭ ‬عقب‭ ‬استقالة‭ ‬أسلافهما؛‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أغلبية‭ ‬برلمانية‭ ‬عبر‭ ‬صناديق‭ ‬الاقتراع‭.‬ وحتى‭ ‬قبل‭ ‬خسارة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تذمر‭ ‬من‭ ‬تحدٍ‭ ‬محتمل‭ ‬للقيادة‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين‭. ‬ورأى‭ ‬جيفري‭ ‬براون،‭ ‬النائب‭ ‬المحافظ‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التناحر‭ ‬على‭ ‬الورق؛‭ ‬إثر‭ ‬رفض‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬اتباع‭ ‬تصويت‭ ‬للحكومة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قوض‭ ‬المصداقية‭ ‬الانتخابية‭ ‬لجونسون‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬السياسيين‭. ‬وادعى‭ ‬روبرت‭ ‬شريمسلي،‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز،‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬خسارة‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شروبشاير‭ ‬كان‭ ‬بقاء‭ ‬الناخبين‭ ‬المحافظين‭ ‬في‭ ‬المنزل‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«بوش‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬أكبر‭ ‬عواقب‭ ‬فورية‭ ‬لخسارة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭ ‬ستكون‭ ‬زيادة‭ ‬تقليل‭ ‬احتمالية‭ ‬حدوث‭ ‬إغلاق‭ ‬جديد‭. ‬ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظره،‭ ‬سوف‭ ‬يدرك‭ ‬جونسون‭ ‬الآن‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬القيود‭ ‬الإضافية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬أزمة‭ ‬نهائية‭ ‬لقيادته‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬السابقة،‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬جونسون،‭ ‬يتمتع‭ ‬بالدعم‭ ‬العام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬نواب‭ ‬حزبه‭. ‬وأوضح‭ ‬النائب‭ ‬تشارلز‭ ‬ووكر،‭ ‬أن‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬قام‭ ‬بعمل‭ ‬جيد‭ ‬حقًا‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أنه‭ ‬لن‭ ‬يراهن‭ ‬ضده‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬جورج‭ ‬باركر،‭ ‬قد‭ ‬ذكر‭ ‬أن‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬البرلمان‭ ‬المحافظين‭ ‬يُعتقد‭ ‬أنهم‭ ‬قدموا‭ ‬استجوابات‭ ‬خطية‭ ‬تطالب‭ ‬بالتصويت‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة،‭ ‬لكن‭ ‬تجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬ليس‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬الـ54‭ ‬نائبًا‭ ‬المطلوبين‭ ‬لإجراء‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬التصويت‭.‬ من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬نصح‭ ‬بعض‭ ‬المحللين‭ ‬السياسيين‭ ‬بتوخي‭ ‬الدقة‭ ‬والحذر‭ ‬عند‭ ‬تحليل‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭. ‬وقالت‭ ‬جانيت‭ ‬دالي‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬التيلجراف،‭ ‬إن‭ ‬التاريخ‭ ‬مليء‭ ‬بالانتخابات‭ ‬التي‭ ‬مثلت‭ ‬نتائجها‭ ‬صدمة‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬لكن‭ ‬يتضح‭ ‬بعد‭ ‬فترة‭ ‬أنها‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬ولعل‭ ‬الأمر‭ ‬منوط‭ ‬أولاً‭ ‬وأخيرًا‭ ‬بحكمة‭ ‬تقليدية‭ ‬مفادها‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬مجرد‭ ‬فرص‭ ‬للناخبين‭ ‬للتنفيس‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬الغضب‭ ‬والاستياء‭ ‬حيال‭ ‬المحافظين‭. ‬وبالمثل،‭ ‬أشار‭ ‬ماثيو‭ ‬جودوين،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬كنت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وضع‭ ‬جونسون‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قابلا‭ ‬للإنقاذ؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الانتصار‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومة‭ ‬لم‭ ‬تسقط‭ ‬كليا‭ ‬جراء‭ ‬خسارتها‭ ‬وهزيمتها‭ ‬الراهنة‭.‬ علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬تبقى‭ ‬مسألة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬المعارض‭ ‬الرئيسي‭ ‬داخل‭ ‬برلمان‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬سيكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬المأزق‭ ‬الحالي‭ ‬لجونسون،‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بهزيمته‭ ‬الانتخابية‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬الطويل؛‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مؤكد‭. ‬وكما‭ ‬لاحظ‭ ‬شريمسلي،‭ ‬فإن‭ ‬العزاء‭ ‬الوحيد‭ ‬لحزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نتيجة‭ ‬الانتخابات‭ ‬تُظهر‭ ‬بالفعل‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬الضعف‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬حزب‭ ‬العمال،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ -‬بحسب‭ ‬التوقعات‭- ‬على‭ ‬وشك‭ ‬العودة‭ ‬المحتملة‭ ‬إلى‭ ‬قيادة‭ ‬الحكومة،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬ليرضى‭ ‬بتقدم‭ ‬حزب‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الليبراليين‭ ‬عليه‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬مضيفا‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬المخضرمين‭ ‬في‭ ‬حزب‭ ‬المحافظين،‭ ‬لا‭ ‬يعتقدون‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬الناخبين‭ ‬حريصون‭ ‬على‭ ‬تنصيب‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬لتولي‭ ‬قيادة‭ ‬الحكومة‭. ‬ وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هزيمة‭ ‬المحافظين،‭ ‬فإن‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬شهد‭ ‬انخفاضًا‭ ‬في‭ ‬حصته‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬شمال‭ ‬شروبشاير‭ ‬الانتخابية‭ ‬بنسبة‭ ‬9‭.‬7‭%‬‭ ‬فقط،‭ ‬جراء‭ ‬القيادة‭ ‬غير‭ ‬المقنعة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬كير‭ ‬ستارمر،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬محل‭ ‬جدل‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬البريطانية‭ ‬طيلة‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭.‬ بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬عناصر‭ ‬الإهمال‭ ‬واللامبالاة‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬على‭ ‬المحافظين،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬أحد‭ ‬نواب‭ ‬المعارضة‭ ‬أيضًا‭ ‬بخرق‭ ‬للقواعد،‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬النائبة‮»‬‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الليبرالية‭ ‬ليلى‭ ‬موران،‭ ‬التي‭ ‬اعترفت‭ ‬باستخدام‭ ‬مكاتبها‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬العموم‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬غير‭ ‬برلمانية‭ ‬مدفوعة‭ ‬تم‭ ‬تنظيمها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شركة‭ ‬محاماة،‭ ‬بما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬الأنظمة‭ ‬البريطانية‭ ‬الصارمة‭.‬ ويبقى‭ ‬واضحًا،‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬استقال‭ ‬جونسون،‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الضغط‭ ‬السياسي‭ ‬المتصاعد،‭ ‬فإن‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭ ‬بالطبع،‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬سيحل‭ ‬محله‭ ‬كرئيس‭ ‬للوزراء؟،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬مرشح‭ ‬بارز‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر‭. ‬وكما‭ ‬لاحظ‭ ‬ماذرز،‭ ‬فإن‭ ‬الأقاويل‭ ‬المنتشرة،‭ ‬بأن‭ ‬المستشار‭ ‬الحالي‭ ‬ريشي‭ ‬سوناك،‭ ‬سيحل‭ ‬محله‭ ‬تتسم‭ ‬بالتعقيد‭ ‬والغموض؛‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬المرشحين‭ ‬المحتملين‭ ‬الآخرين،‭ ‬وهم‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬ترقيتها‭ ‬حديثًا‭ ‬ليز‭ ‬تروس،‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع،‭ ‬بن‭ ‬والاس،‭ ‬وآن‭ ‬ماري‭ ‬تريفيليان،‭ ‬وزيرة‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬سؤال،‭ ‬وهو‭ ‬هل‭ ‬يرغب‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرشحين‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬محل‭ ‬جونسون‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬الصعب‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬جائحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬اهتمام‭ ‬الحكومة‭ ‬كليًا‭.‬ على‭ ‬العموم،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬بوريس‭ ‬جونسون‭ ‬المحافظة،‭ ‬ورئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬نفسه،‭ ‬يخضعان‭ ‬لضغوط‭ ‬سياسية‭ ‬هائلة،‭ ‬ومن‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬تتصاعد‭ ‬التكهنات‭ ‬بشأن‭ ‬مستقبله‭ ‬ومصيره‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬والأسابيع‭ ‬المقبلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬الهزيمة‭ ‬المذلة‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الفرعية‭ ‬أمام‭ ‬الديمقراطيين‭ ‬الليبراليين،‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬شروبشاير،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬آخر‭ ‬انعكاس‭ ‬أو‭ ‬تقييم‭ ‬سياسي‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬لايزال‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المؤكد‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬سيحاولون‭ ‬فعلا‭ ‬إزاحته‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تصويت‭ ‬برلماني‭ ‬بحجب‭ ‬الثقة‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬وإذا‭ ‬حدث‭ ‬ذلك‭ ‬سيكون‭ ‬الأمر‭ ‬بمثابة‭ ‬زلزال‭ ‬سياسي،‭ ‬هو‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021‭. ‬

مشاركة :