صام أتلتيكو مدريد عن لقب الدوري الإسباني منذ عام 1996 حين توج به بوجود سيميوني في صفوفه كلاعب، مكتفياً بمشاهدة العملاقين برشلونة وريال مدريد يحتكران منصة التتويج. عاد دييغو الى الفريق الذي دافع عن ألوانه في مرحلتين من 1994 حتى 1997 ثم من 2003 الى 2005، لكن هذه المرة كمدرب بالتعاقد معه في كانون الأول/ديسمبر 2011 على أمل أن ينقل حماسه واندفاعه وحتى جنونه الى لاعبي "لوس روخيبلانكوس". نجاح سريع (2011-2013) عندما استلم الأرجنتيني قيادة أتلتيكو، كان الفريق قابعاً في المركز التاسع في منافسات الدوري وخرج للتو من مسابقة الكأس المحلية على يد ألباسيتي، لكنه أنهى الموسم وهو متوج بلقب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" على حساب المنافس المحلي أتلتيك بلباو ومدربه الأرجنتيني أيضاً مارسيلو بييلسا (3-صفر). وبقيادة لاعبين مثل الحارس البلجيكي تيبو كورتوا، الأوروغوياني دييغو غودين، التركي أردا توران، كوكي (ما زال مع الفريق) والكولومبي راداميل فالكاو، أنهى أتلتيكو الدوري بطريقة إيجابية بعدما شق طريقه الى المركز الخامس. وبدأ نادي العاصمة الموسم التالي، الأول الكامل لسيميوني كمدرب للفريق، بإحرازه الكأس السوبر الأوروبية على حساب تشلسي الإنكليزي بطل دوري الأبطال باكتساحه 4-1 بفضل ثلاثية من فالكاو، ثم أنهاه بنيل مركز مؤهل الى دوري أبطال أوروبا وباحراز الكأس الإسبانية على حساب الجار اللدود ريال مدريد (2-1 بعد التمديد). كوفىء سيميوني على جهوده بتمديد عقده مع النادي لأربعة مواسم إضافية. قاب قوسين أو أدنى من قمة أوروبا غادر فالكاو الى موناكو وجاء دافيد فيا، فيما بقي الحماس والطموح دافِعَيّ سيميوني نحو المزيد من النجاح. ففي 2013، حقق أتلتيكو أفضل بداية دوري في تاريخه بعد فوزه بالمباريات الثماني الأولى، وواصل نتائجه الجيدة حتى نجح في نهاية المطاف بإحراز لقب الدوري للمرة الأولى منذ 1996 بفضل تعادل خطفه في المرحلة الأخيرة أمام برشلونة برأسية غودين. ولم يكتفِ أتلتيكو بالتألق محلياً، بل بلغ أيضاً الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا لأول مرة منذ موسم 1996-1997 حين كان سيميوني لاعباً في صفوفه. وبعد تخلصه من فرق عملاقة مثل ميلان الإيطالي، برشلونة وتشلسي، وصل أتلتيكو الى المباراة النهائية لأول مرة منذ 1974. لكن النهاية كانت دراماتيكية إذ خسر "لوس روخيبلانكوس" أمام الجار اللدود 1-4 بعد التمديد في مباراة تقدموا خلالها حتى الدقيقة الثالثة من الوقت الضائع، قبل أن يخطف سيرخيو راموس التعادل للنادي الملكي ويجر الفريقين الى شوطين إضافيين. في صيف 2014، قرر أتلتيكو التغيير فجاء بالمهاجم الفرنسي أنطوان غريزمان والحارس السلوفيني يان أوبلاك. كان سيميوني صائباً في خياره إذ تألق غريزمان تحت قيادة الأرجنتيني. في 2015-2016 وبعد موسم للتأقلم مع أسلوب أتلتيكو، لعب غريزمان دوراً حاسماً في قيادة أتلتيكو الى نهائي دوري الأبطال مجدداً وضد ريال مرة أخرى. وتكررت الحسرة، إذ خسر أتلتيكو النهائي بركلات الترجيح بعد التعادل 1-1 في الوقتين الأصلي والإضافي. بين العمالقة (2016-2019) عانى أتلتيكو في موسم 2016-2017 من تراجع في أدائه وبقي يترنح خلف العملاقين ريال وبرشلونة، فيما انتهى مشواره القاري هذه المرة في نصف نهائي دوري الأبطال على يد... ريال مجدداً. لكن ما حصل لم يقلل من أهمية سيميوني بين نظرائه وبات ينظر اليه على أنه من أبرز مدربي القارة العجوز والعالم. فبأسلوب مقفل يعتمد بشكل أساسي على الدفاع لكن مع الحنكة اللازمة للتعامل مع أصعب السيناريوهات، استحق سيميوني أن يمدد عقده حتى 2020. في خريف 2017، عاش أتلتيكو إخفاقاً في دوري أبطال أوروبا بعدما ودع المسابقة من دوري المجموعات، لكن هذا الاخفاق فتح الباب أمامه للفوز بلقب الدوري الأوروبي "يوروبا ليغ" للمرة الثانية بقيادة الأرجنتيني وذلك على حساب مرسيليا الفرنسي. وفي صيف 2018 وبفضل إحرازه الكأس السوبر الأوروبية على حساب ريال مدريد ومدربه الفرنسي زين الدين زيدان، بات سيميوني المدرب الأكثر فوزاً بالألقاب في تاريخ أتلتيكو أمام لويس أراغونيس. لكن نادي العاصمة خرج من ذلك الموسم خالي الوفاض على صعيد الألقاب. تغييرات ولقب ثانٍ في الدوري (2019-حتى الآن) كان صيف 2019 حافلاً بالتغييرات في صفوف أتلتيكو مع رحيل غودين، خوانفران، الأخوين الفرنسيين تيو ولوكاس هرنانديز وغريزمان الذي غادر الى برشلونة ثم عاد الى فريق سيميوني في صيف 2021. وفي المقابل، تعاقد أتلتيكو مع البرتغالي جواو فيليكس الذي بات أغلى صفقة في تاريخ النادي بعدما دفع 120 مليون يورو لضمه من بنفيكا. مدد سيميوني بدوره عقده مع النادي حتى 2022، وقاد الفريق الى الدور ثمن النهائي لمسابقة دوري الأبطال للمرة السادسة منذ وصوله، في وقت لم ينجح "لوس روخيبلانكوس" في الوصول الى هذه المرحلة سوى 7 مرات خلال 60 عاماً قبل حقبة الأرجنتيني. وتزامناً مع تفشي فيروس كورونا والأثر السلبي الذي تركه على الأندية في أوروبا بأكملها، قرر سيميوني أن يدخل تعديلاً على أسلوبه في اللعب من أجل منح القوة الهجومية التي يملكها فرصة التعبير عن إمكاناتها. وأعطى ذلك ثماره، إذ تمكن سيميوني من قيادة الفريق الى لقب الدوري الإسباني الموسم الماضي، متقدماً على غريميه ريال وبرشلونة توالياً. ولا يبدو أن أتلتيكو قادرُ هذا الموسم على التمسك بلقب "لا ليغا"، إذ ينهي عام 2021 وهو متخلف بفارق 17 نقطة عن ريال المتصدر بعد سقوطه في المراحل الأربع الأخيرة، لكنه ما زال بإمكانه الحلم بلقب أول في دوري الأبطال بعدما بلغ ثمن النهائي حيث سيتواجه مع مانشستر يونايتد الإنكليزي.
مشاركة :