جولة:زياد عيتاني ، راوية حشمي (سوريا)

  • 11/14/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

عندما تريد البحث عن داعش ما عليك سوى البحث عن النفط، فكما كان طريق الحرير في العصور القديمة هي طريق التجارة لشعوب بلاد الشرق الأوسط، فإن طريق النفط هي طريق ثروات تنظيم داعش إن في سوريا أو في العراق، للمضي في إرهابها، فأكثرية المعارك التي خاضها تنظيم داعش الارهابي ضد فصائل الثورة السورية بكل تنوعاتها كانت بهدف السيطرة على حقول النفط والغاز في الاراضي السورية وبخاصة في منطقة الجزيرة السورية. فحروب داعش في مجملها هي حروب وضع الثروات النفطية السورية تحت العباءة الداعشية. بين إدلب وجبل اللاذقية وجسر الشغور وحلب حاولنا البحث ليس عن حقول الزيتون وهي المعلم الواضح ولا عن جرائم النظام والتي باتت أوضح من زيتون إدلب، بل حاولنا البحث عن آثار الدواعش النفطية بخاصة أن فصائل الثورة وبعدما نجحت في طرد داعش وتطهير محافظة ادلب منها كان من اليسير الوصول مع بعض الجهد الى هذا الأثر. الوجهة كانت «معرة مصرين» هي القرية المحررة المتكئة على مناطق سيطرة النظام، هي الشوكة او رأس السهم في المواجهة في إدلب. دخلنا في طريق طويلة معزولة عن باقي الكتل السكانية، هي اشبه بطريق زراعية تخالها للحظة الاولى وأنت تجتاز حقولا وسهولا غير مزروعة او بالأصح منع زارعوها عنها لفترة طويلة فتحولت الى ارض بور لا تعرف النبات ولا الثمار. أوصلتنا الطريق الى ما يشبه المرزعة او المصنع، الجدران كانت مرتفعة وكل ما في الداخل أن يدا تقصدت تخريب كل ما يحتويه المصنع، يد تريد أن تخفي معالم الجريمة. البصمات النفطية كانت واضحة في المكان، ولا تحتاج لكثير من التوضيحات فكل الزوايا شاهدة والمخازن او بقاياها شاهد اكبر. التقينا «فواز» وهو رجل تجاوز الأربعين ببضع سنوات كان حريصا على البقاء بعيدا عن عدسات الكاميرا حاله كحال المئات من السوريين الذين التقيناهم والذين تركوا في انفسنا انطباعا ان الشعب السوري بأكثريته الساحقة يعيش حالة ارتياب من حاضره ومستقبله، حالة ارتياب ان الماضي ربما يعود. خاطبنا «فواز» محاولا تبرير ابتعاده عن الكاميرا فقال: «الاوضاع هنا تنام على شيء وتستيقظ على شيء آخر»، ثم انتقل مباشرة الى اصل الحكاية فقال: «هذا المكان ولقربه من مناطق النظام كانت داعش تعتمده كمحطة لتخزين النفط ومن ثم لتهريبه لاحقا الى داخل مناطق النظام». ويضيف: «بالمنطق العسكري يجب أن يخزن النفط في امكنة آمنة بعيدة عن مواقع العدو الا ان داعش وبشكل غير منطقي كانوا يخزنون النفط في هذا المكان والذي يعتبر خط تماس مع النظام وميليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الايراني. كانت شاحنات النفط لا تتوقف عن تفريغ حمولاتها في النهار لتعود شاحنات أخرى، تأتي متسللة الى هذا المكان في ساعات الليل وحتى بزوغ الفجر، ناقلة النفط الى مناطق النظام وتحديدا الى اللاذقية عبر الاوتوستراد الجديد والذي عمل النظام على الدفاع عن هذا الخط بشكل شرس بوجه الجيش الحر وفصائل الثورة حتى لحظة سقوط داعش وطردها من إدلب، فعمد مباشرة النظام الى الانسحاب من الاوتستراد الدولي لأن الجدوى الاقتصادية للدفاع عن هذا الممر انتهت». نتجول داخل المصنع المفترض ونراقب المسافة الفاصلة مع مناطق النظام، انها العمالة دون ادنى شك وهذا ما يؤكده فواز: «التعاون النفطي بين داعش والنظام لم يكن خافيا على احد لا بل كل الاعتقاد ان داعش من احد ابرز اسباب انشائها من قبل النظامين في دمشق وطهران هو أولا تشويه الثورة السورية وثانيا وضع اليد على حقول النفط والغاز». ويتابع قائلا: «تسعون بالمئة من حقول النفط والغاز في سوريا هي بيد داعش فيما عشرة بالمئة منها بيد النظام ووحدات الحماية الكردية، فصائل الثورة الأخرى ممنوع عليها الاقتراب من هذه الحقول، ممنوع عليها الحصول على التمويل، وفي النهاية يعلنون زورا وبهتانا أنهم يقاتلون داعش الممولة والمدعومة والتي ولدت في رحم نظام بشار الأسد وحلفائه الإيرانيين». من بقايا مخزن ومصنع النفط توجهنا إلى مركز المدينة في إدلب مجددا مجتازين سلسلة من القرى، شيء مشترك واحد ينتشر فيها هي «تجارة النفط» فصفائح النفط والبنزين منتشرة على كل زوايا الطرقات وفي ساحات القرى ومعروضة للبيع حيث تختلف اسعارها بين بائع وآخر الا أن الثابت بينهم ان سؤالك عن مصدر النفط المعروض للبيع في تلك القرى والمدن لا يجد اجابة عند أحد، لا بل هو سؤال محظور وغير مرحب به، «الناس تريد ان تعيش» بهذه الكلمات اجابنا مرافقنا ونحن نتذمر من رفض كافة بائعي النفط في الطرقات الاجابة على تساؤلنا. ويضيف مرافقنا قائلا: «مصدر هذا النفط في مجمله تنظيم داعش، يصل الى هذه المناطق عبر تجار النفط وهم كثر، والفصائل تعرف ذلك والنظام يعرف ذك ايضا لكن الكل بحاجة الى هذا النفط والمصدر يكاد يكون واحدا دون أي خيار آخر». ..للحروب اقتصادها الخاص فلها تجارتها غير المسبوقة ولها أسواقها التي لم تكن من قبل، الحروب معروفة، إلا أن مما لا شك فيه أن داعش من أشهر تجار الحروب في تاريخ البشرية، فهي تاجرت بدماء السوريين وبثورتهم، ومن المؤكد أنها تاجرت وجمعت الثروات الطائلة من نفط السوريين وثرواتهم الطبيعية. التايمز ونفط داعش ذكرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية في تحقيق لها قبل اسابيع، انه بالرغم من الحرب التي تشن على داعش الا انه ما لايزال ينتج ما يعادل قيمة الـ 500 مليون دولار في العام من النفط. ووفقا للصحيفة، فإن ايرادات تنظيم داعش من النفط هي اعلى من ايراداتها في نشاطات اخرى، وان عمليات التكرير لداعش تتم من خلال مئات المصافي التقليدية، حيث يستعمل التنظيم شاحنات نقل عادية وتابعة للنظام، وهذا ما يصعب استهدافها في الغارات الجوية، الامر الذي جعل تجارة النفط لدى التنظيم تتطور مع اشتداد معركة الحرب على الارهاب. واعتبرت الصحيفة، ان التحالف ينظر في عدد من الحلول منها بيع النفط باسعار رخيصة للجماعات المنتشرة في سوريا، باستثناء تنظيم داعش او اغراق السوق في شمال العراق من اجل التقليل من ايراداته النفطية اولا. أبو لقمان.. وسيط طهران والارهاب ارتبط اسم لقمان في سوريا بتجارة النفط والغاز، فما يعرف بوالي الرقة ويدعى (ابو لقمان) وهو من قياديي داعش، يتردد اسمه على لسان كل السوريين دون ان يجرؤوا في التصريح عنه للاعلام، فابو لقمان هو وزير النفط غير المعلن في دولة الارهاب الداعشية، هو حلقة الوصل بين النظام وداعش والميليشيات المذهبية الايرانية في تجارة النفط وتقاسم المكاسب والمغانم فيها، لا بل يتم التداول في كثير من المجالس الخاصة في الداخل السوري بحكاية الصفقة التي ابرمها ابو لقمان مع النظام عام 2014 حين تم التوصل الى اتفاق منوع ينص على قيام داعش بحماية حقل توينان وتأمين وصول المواد الخام الى مصافي النظام فيما يقوم النظام بتأمين الصيانة للمنشآت على ان تقسم الارباح الى قسمين، 60 % للنظام و40 % لتنظيم داعش.

مشاركة :