صدرت ضمن روايات الهلال بالقاهرة رواية "الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد" للشاعر والروائي أحمد فضل شبلول، وقد نجح في تضمين متخيله الروائي ما توفّر له من وثائق ومعلومات وبيانات تتعلق بشخص الفنان محمود سعيد الفنان التشكيلي المصري، المولود في الثامن من أبريل/نيسان عام 1897 والمتوفى في اليوم نفسه ولكن في عام 1964، موَرّثَاً تجربة رائدة فريدة في الفن التشكيلي. وقد اصطفاه أحمد فضل شبلول لأن يكون الراوي لأحداث اليوم قبل الأخير من حياته أي يوم 7 أبريل/نسان 1964، من خلال رواية تتكون من ستة عشر رقماً، تبدأ بالرقم 16 وتنتهى بالرقم 1 وكأنه يشير إلى تناقص الزمن الدنيوي للإنسان، فيقل من 16 وصولا إلى 1، وقد سبق هذه الرواية رواية أخرى حول الشخصية ذاتها وللمؤلف ذاته بعنوان اللون العاشق، استعرض فيها شبلول الجزء الأول في حياة محمود سعيد حتى عام 1935، الذي رُسمت فيه لوحة بنات بحري الشهيرة لمحمود سعيد، وقد أهدى الجزء الثاني من الرواية بعنوان الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد إلى سور كورنيش الإسكندرية. ومن هذا الإهداء نجد أننا أمام خطٍّ موازٍ للمتخيلّ الروائي ونؤكد بأن هذا الخط يتمثل في وجود تأملات تستوقف القارىء لتأملها والتفكير فيها وفلسفتها تسير بجوار الأحداث الروائية، تعمقها من خلال التأمل ولكن لا تدخل فيها، فللقارىء أن يتعامل معها بمفردها كمواضع تأملية مضيئة، ويمكن أن تقتصَّ من الرواية فتصبح ذات نسيج أدبي فلسفي، وقد نجح شبلول في تضفيرها في ثنايا عمله الروائي فقامت على دعمه وتقويته دون دخول في مجريات جزئياته الروائية، ودون ولوج إلى تأثير في الأحداث. وهي تشبه الفيتامينات الطبية التي تدخل إلى الجسم لتقويته وإجلاء صحته ولكنها ليست علاجاً لعلّةٍ أو مرض. ومن هنا أحسن شبلول استعمال هذه التأملات في الليلة الأخيرة في حياة محمود سعيد بداية من الإهداء إلى سور كورنيش الاسكندرية، وهنا يتأمل القارىء لماذا الإهداء إلى هذا السور فيجد نفسه مفجراً لفكرة ارتباط السور المبنى في 1930 بالجزء الثاني من حياة محمود سعيد وأيضاً بذكريات أبناء الإسكندرية جميعاً ومنهم كاتب الرواية إذ أن السور يمثل الرابط الممتد في حياة الشخوص محل الرواية في الإسكندرية. وللقارىء أن يستغني عن هذا الإهداء، لكنه يجد نفسه مُسْتَوْقِفاً أمامه خاصة بعد انتهائه من قراءة الرواية بأكملها. وعلى غرار ذلك تتوالى التأملات في كل رقم بالرواية بداية من الرقم 16 وصولاً إلى الرقم 1، وعلى سبيل المثال في الرقم 16 يقول شبلول: لقد خلق الله اللون أولاً، ثم خلق الصوت، ثم خلق الحروف! ألم تعرف ذلك؟ وإذا كان فيثاغورس يرى أن العدد يعتبر بمثابة سر الكون، فأنا أعتقد أن اللون هو سر الكون الأزلي، وأن للضوء طاقاتٍ درامية لانهائية. وهو تأمل يمكن أن ينفصل عن الأحداث في الرواية، ولكنه يثير في نفس القارىء الوقوف لفلسفته والتعامل مع ما جاء به من فكرة وضعها المؤلف على لسان بطله الرئيسي وهو محمود سعيد مخاطباً بها مَلك الموت الذي أطلق عليه مَبْهَجْ، وقد جاء ذلك بعد سرد لجزئية درامية مهمة في المقطع 16 الذي بدأ برغبة محمود سعيد في الخروج من الحجرة الملوّنة باللون الأبيض كغرفة علاج وطموحه إلى الدخول في اللون الأزرق – لونه المفضل – الذي يمثل بالنسبة له الانطلاق والتأجج واللانهائية من الانفتاح على الأزرقين: زرقة السماء وزرقة البحر. وفي المقطع 15 يقول شبلول في نقطة تأملية أخرى: أقرأ أفكارك.. وأعرف في ماذا تفكِّر. أعرفت أنني أريد أن أرسمك لأخلدك في المركز الذي يحمل اسمى؟ وأكون أول فنان يرسمك من واقع الحال وليس من واقع الخيال. لن تستطيع رسمي مهما أوتيت من قوة الخيال، وأنا بطبيعتى مخلد، وفكرة الخلود هذه لا نفكر فيها مثل البشر.. هذه هي طبيعتنا الملائكية. وهنا نجدُ التأملَ يقف أمام منح الخلود من الإنسان لملك الموت، ثم نتأملّ الحوار بين السحابي النوراني المتمثل في ملك الموت والترابي الإنساني المتمثل في محمود سعيد. ومن هنا يتأمل القارىء فكرة الخلود بعد أن استوقفه الكاتب أمامها، ويستدعي بالضرورة علْم الغيب من خلال الحوار القرآني بين الله سبحانه وتعالى والملائكة: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31 قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (33}. (البقرة الآيات 30 – 33). وفى المقطع 14 يقول شبلول: أتذكر أنه في الوقت الذي كان فيه بيكاسو يرسم في باريس لوحته الشهيرة عام 1936 كرد فعل الهجوم النازي على القرية الإسبانية (جورنيكا وتحطيمها بالقنابل، ويرسم سلفادور دالى لوحته (أشلاء الحرب الأهلية كنت أنا أفكر فى الإسكندرية كيف أمنح المدينة السعادة والجمال والخلود والسلام .. إيه كانت أيام. وفي هذا المقطع نتأمل تواصل فناني الحركة التشكيلية على مستوى العالم من بيكاسو إلى سلفادور دالي إلى محمود سعيد ونفكر في التأثير والتأثر في اللوحات التشكيلية الشهيرة. وفى المقطع 13 يقول شبلول: أريد القليل من الحياة لأتمم مشروعاتي الفنية، وأتمم لوحتك البنفسجية ولكني لا أهاب الموت، الموت ليس صعباً، كان معي منذ قليل، كان لطيفاً ومبهجاً، ووعدني بمزيد من الألوان، ليس الأسود من بينها، أخشى أن أتقدم في فهم العالم، دون أن يفهمني العالم، هذا هو الوجع الأساسي الأصعب من وجع الموت يا أنيسكا. والتأمل هنا في: التقدم نحو فهم العالم دون أن يفهمني العالم هو الوجع الأساسي الاصعب من وجع الموت. وفي المقطع 12 يقول شبلول "ولكني لم أستبشر خيراً. أدرك أن السياسة جزء من لعبة الحياة بل أنها تتحكم في إيقاع الحياة ولونها. وأحزن أن طفلاً في السادسة عشرة من عمره سيحكم الآن مصر، وسيضلله الكثيرون من المستفيدين من وجوده. حدث ذلك من قبل وكانت الحياة شبه ساكنة ولم تتغيَّر ألوانها كثيراً، وعلى سبيل المثال هنا الملك بيبي الثاني الذي جلس على عرش مصر وهو في السادسة من عمره، في عصر الفراعنة. وهناك خمارويه بن أحمد بن طولون وقد تولى الحكم بعد أبيه وهو لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره، ودخل في حروب كثيرة عجلت بإنهاء حكم أسرته". ومن هذا المقطع يتأمل القارىء موقف محمود سعيد من الملك فاروق الذي حكم مصر في سن صغيرة وتزوج من ابنه أخته وتدعى صافي ناز المعروفة بالملكة فريدة أم بناته، وقد طلقها قبل الزواج من ناريمان وقد انتهت ولايته على مصر بقيام ثورة 23 يوليو 1952. ويدخل القارىء في التفكير في أحداث زواج فاروق من فريدة وطلاقها منه مع الأخذ فى الإعتبار أن محمود سعيد خال الملكة فريدة. وفي المقطع 11 يقول شبلول: لا أعتقد أن هناك شعباً أهتم بتخليد موتاه في مقابر فاخرة مثل الشعب المصري، قديماً وحديثاً، فالأهرام لم تكن سوى مقبرة كبيرة لبعض حكام مصر القديمة. وفي هذا المقطع يقف القارىء متأملاً المقابر والأهرام وعلاقة مصر بهما ويستدعي العادات والتقاليد والتاريخ المرتبط بها. وهو خط خارجى عن أحداث الرواية ومتخيلها ولكنَّه خط مواز يمتع من يفجّر ما به من فكرٍ وآراء. وفي المقطع 10 يقول: لقد قربت من تحقيق هذا الحلم عام 1960 عندما منحت جائزة الدولة التقديرية في الفنون كأول فنان تشكيلي يحصل عليها، كما حصلت على وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في العام نفسه، وتسلمتها من يد الرئيس جمال عبدالناصر في حفل بهيج. وهنا نتأمل موقف محمود سعيد من جمال عبدالناصر المؤيد له ولمبادىء ثورته أي أننا ننظر في شكل الحياة الثقافية بعد ثورة 23 يوليو 1952. وفي المقطع 9 يقول شبلول: يهمني أن أقول لك إنه عند قيام الثورة كنت مثلك تماماً منقسماً على نفسي، وعندما قرأت السمان والخريف للوهلة الأولى أحسست أنني عيسى الدباغ، وأن نجيب محفوظ يعبَّر عن موقفي السياسي وقتها. والقارىء يستنتج من هذا المقطع التواصل الفكري لمبدعي هذه المرحلة وامتزاج أفكارهم وانصهارها في بوتقة واحدة هي بوتقة الفن والإبداع، فمحمود سعيد يرى نفسه في شخصية من شخصيات نجيب محفوظ، ونجيب محفوظ يجسّد شخصية مؤثرة في الواقع المصري بعد ثورة 1952 وتتعانق الافكار نحو تحقيق مشروع ثقافي إبداعي لمصر في هذه الفترة. وفي المقطع 8 يقول شبلول: هل كانت فريدة تبحث عن شيء ضائع منها في المكان غير الصحيح؟ هل كانت تبحث عن عمرها أو فنِّها في زمن ضاع منها؟ هل كانت تبحث عن عمرها الناصع البياض في زوايا وردهات القصر الملكي المظلمة أو باهتة الأضواء؟ ستظل فكرة البحث عن الزمن الضائع في المكان غير المناسب، هي الشغل الشاغل للفنانة فريدة، ولعلها تستطيع أن تترجمها إلى لوحات فنية خالدة في أيامها القادمات. والتأمل هنا سيكون في فكرة البحث عن الزمن الضائع في المكان غير المناسب، وهي خط فلسفي خارج سياق المتخيل الروائي في العمل، ولكنّه مثيرٌ للدهشة والتفكير. وفي المقطع 7 يقول شبلول: ولكن لا بد لي أن أعترف الآن أن قصيدة الشاعر اللبناني أمين الريحاني التي قرأتها في ديوانه هتاف الأودية هي أول من أوحى لي برسم لوحة بنات بحري ومن هذا المقطع يقف القارىء متاملاً ضرورة إطلاع أي مبدع على أعمال المبدعين الآخرين والتأثر بها والتفاعل معها، فلوحة بنات بحري تخرج من رحم القصيدة الشعرية، وهو ما يسمى تراسل الفنون. وفي المقطع 6 يقول شبلول: "سبق أن ضرب تسونامي القديم الإسكندرية وتسبب في تدميرها، فلم تسلم مدينتي الحبيبة، في عزّ مجدها وتألقها من هذا التسونامي، الذي ذكره المؤرخ الألماني مانفريد كلاوس في كتابه الرائع الإسكندرية أعظم عواصم العالم القديم وقال إن تسونامى عام 365 الذي اجتاح شواطىء الإسكندرية يرجع إلى زلزال مدمر للغاية بالقرب من شواطىء جزيرة كريت، لدرجة أن قاع البحر عند الشواطىء المصرية يرتفع ويتحول إلى أرض زادت عليها طبيعة الدلتا المتغيرة". وهنا يدخل القارىء إلى ظاهرة الزلازل والتغيرات الجيولوجية ويستدعي المواقف والأحداث المتعلقة بذلك، وهو شيء ليس في نسيج الحظ الروائي ولكنه يُثري ذائقة القارىء ويدهشه ويغذيه بالفيتامينات المعلوماتية والبيانات المعرفية التي تنمّي بداخله التأمل والتفكير. وفي المقطع 5 يقول شبلول: "لأبدأ الآن من ساعة أن قررت تقديم استقالتي من العمل في القضاء عام 1947 والتفرغ للفن والرسم والتصوير والسفر والتمتع بالحياة. ما إن اقتربت شمس الخمسين من عمري، حتى حزمت أمري، وقررت التقاعد، فكان أهم قرار اتخذته في حياتي، ربما أهم من قرار زواجي من سميحة رياض، وسفري للدراسة في باريس". وهنا يتأمل القارىء علاقة الفنان بالوظيفة وقيد الوظيفة المؤثر في الفنان وله أن يفكّر في ضرورة أن يتفرّغ المبدع لإبداعه كما فعل محمود سعيد. وفي المقطع 4 يقول شبلول: "روح عصرنا تتسم باللايقين والتغيير السريع وإعادة توزيع القوة والتأزم والسلوك والفوضوي، ولن تكون السنوات ماثلة في الأذهان دون اقترانها بحدث مفصلي في تاريخ البشرية. وهذا رأي فلسفي في الواقع والعصر، وللقارىء أن يقارن بين عصر محمود سعيد وعصرنا الآن بل ويستطيع تطبيق هذا الرأي على الواقع، وهي حالة خارجة عن الأحداث الروائية، ولكنها تأملية مدهشة مفاجئة تستوقفه وتمتعه". وفي المقطع 3 يقول شبلول: "وَرَدَت كلمة الحُبُّ بكل مشتقاته وتراكيبه 83 مرة في القرآن الكريم، وجاءت كلمة محبة وليس عشق عندما خاطب الله - سبحانه وتعالى - النبي موسى فقال له في سورة طه: وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي". وهنا ندخل إلى فلسفة الجمال وفقه اللغة والفارق بين المحبة والعشق والمسافة بينهما وهو ما يدور في فلك تفجير الموقف الفكري وهو ينفصل عن الأحداث الروائية ولكنَّه يمثل رافداً موازياً لإمتاع القارىء وإثراء ذائقته الثقافية. وفي المقطع 2 يقول شبلول: "للزنبق تاريخ عريق أحببته وقرأت عنه كثيراً، مثلما أحببت تاريخ زهرة اللوتس وقرأت عنها، وقد حظيت زهور الزنبق بتقديرٍ وإعجابٍ في بلاد فارس، وكانت تنمو في حدائق العاصمة القديمة لهذه البلاد، كما نمت في بغداد". وورد ذكرها في إحدى قصائد الشاعر عمر الخيام، وحضرت كاستعارة للجمال الأنثوي المطلق. وهنا لابد للقارىء من استحضار تاريخ الزهْرة والوقوف أمام علاقة الإنسان وعلاقة الأماكن والأزمان بها، وماذا كتب عنها من أساطير وحكايات. وفي المقطع 1 يقول شبلول مختتما روايته بهذه الفقرة: "وهل الفن كما قال بيكاسو ليس حقيقة، وإنه كذبة تجعلنا ندرك الحقيقة، والحقيقة الوحيدة في الحياة هي الموت. فهيا يامَبْهَجْ! إنني أبصر الجميل في مطلقه وأعبر نحو الحقيقة، أرى الأشكال ترن وتتراقص وتعانق الألوان والكتل والخطوط في حركة لا تخلو من نغم وإيقاع هادىء وانسيابي لاحدود له، أرى جسدي خفيفاً، أحس به يطير ويعلو في الفضاء، فوداعاً للإسكندرية بكل ألوانها التي منحتنى إياها، لم تترك فراغاً في لوحاتي إلا ملأته بعبقها، وبعطر روحها، وداعاً جميلاً يليق بها". لقد كانت سنواتى تأملاً فيها، ولكنى الآن أرى الجمال الخالص من أية منفعة ومن أية لذة بشرية، والذى لن أستطيع أن أرسمه، فاللون استحال إلى ضوء أسبح فيه الآن. وفي المقطع يتجلّى التأمل، ويتفجرِّ الموقف الفكرى في أقوال مثل هل الفن ليس حقيقة والحقيقة الوحيدة في الحياة هي الموت، وأبصر الجميل في مطلقه وأعبر نحو الحقيقة وإننى أرى الجمال الحقيقي الجمال المجرد، الجمال الخالص من أية منفعة ومن أية لذة بشرية، والذي لن أستطيع أن أرسمه واللون استحال إلى ضوءٍ أسبح فيه الآن. وكلها عبارات تثير التأمل وتدعو إلى الفلسفة وترقب الحكمة، وما موقف القارىء منها بعد أن استوقفه الكاتب ببراعة قلم جعل من الخط التأملي الموازي للخط الروائي وأحداثه خطًّا جديدًا بالتفاعل والمعايشة وإبداء الرأي. وأحمد فضل شبلول بهذا النسق الأسلوبي المتمثل في بناء رافد التأملات المتوازي مع رافد المتخيل الروائي وأحداثه قد نجح في ضخ المتعة والإثارة والدهشة في نفوس قراء عمله بل ودعاهم وحرضهم على التأمل والإطلاع والوجود بالرؤى المضيفة أو المؤكدة لآرائه المتأملة. فما أحسن هذا الضخ وما أحسن التأملات الموازية للأحداث الروائية في رواية "الليلة الأخيرة لمحمود سعيد".
مشاركة :