العـالـم يحتفـي بلغـة الضـاد فـي يومها العالمي

  • 12/23/2021
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام يحتفي العالم باللغة العربية، حيث اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة في هذا اليوم من العام 1973م، قرارها التاريخي رقم 3190 بأن تكون اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في المنظمة، وقد جاء هذا القرار بعد اقتراح قدمته المملكة العربية السعودية والمملكة المغربية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو، وقبل أن تحتفي المنظمات بلغة الضاد أو يكرمها بنو البشر، فهي لغة القرآن الكريم، ولغة الإسلام الأولى التي نزلت بها الرسالة وتحدث بها النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، كما أنها أيضا لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في الشرق، وكُتِبَت بها بعض الأعمال الدينية والفكرية والفلسفية في العصور الوسطى، وهي بلا شك لغة بلاغة يكمن البيان بين كلماتها، والفصاحة بين أحرفها، ومن خلالها تكمن المتعة في التعبير. المملكة تحتفي بالعربية منذ القدم، والمملكة لا تدخر جهدًا في الحفاظ على لغة الضاد والاحتفاء بها، وكان تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، أحد أبرز الجهود التي دشنتها المملكة مؤخرًا، حيث يعمل المجمع كمنصة لتعزيز الحضور العالمي للغة العربية وفنونها وتعزيز دوره إقليميًا وعالميً، ونشرها وحمايتها ودعمها نطقًا وكتابة والنظر في مفرداتها وأساليبها وقواعدها لتواكب المتغيرات في جميع المجالات، وتيسير تعلمها داخل المملكة وخارجها، واستمرارًا لتلك الجهود التي لا تنضب فقد تقرر استضافة مدينة الرياض لمؤتمر «اللغة العربية في المنظمات الدولية»، في النصف الأول من العام المقبل 2022م، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز (حفظه الله)، وقد تزامن الإعلان عن هذا المؤتمر مع اليوم العالمي للغة العربية، كما أنه يأتي في إطار اهتمام المملكة بتطوير قطاع الثقافة والفنون ضمن رؤية السعودية 2030. من جهته؛ فقد قدم صاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، أسمى آيات الشكر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين (حفظهما الله) على جهودهما المخلصة في دعم اللغة العربية وتعزيز حضورها، مشيرًا إلى أن هذا المؤتمر يأتي تأكيدًا للدور الجوهري لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، ولمكانة المملكة في خدمة اللغة العربية ودعم آليات العمل بها، من جانبه فقد أشاد الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، أ. د. عبدالله بن صالح الوشمي، بالمؤتمر، معتبرًا إياه خطوة تنسيقية تكاملية، تتواكب مع مرجعية المملكة في خدمة اللغة العربية، وتتفق مع أهداف المجمع ورؤاه، وتحقق تطلعاته، وتثمن جهوده وإنجازاته التي تمت في هذا السياق، وتزيد من البناء عليها. لا يتوقف الدور الذي تلعبه المملكة في نشر اللغة العربية عند هذا الحد، إذ اهتمت طيلة الأعوام الماضية بإنشاء مراكز تعليم اللغة العربية وتعزيز مكانتها والحفاظ عليها والنهوض بها، كما أنشأت مراكز متخصصة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لتكون تابعة للأكاديميات والمدارس السعودية في الخارج لنشر لغة الضاد، نظرًا لأهميتها في إبراز الثقافة والتراث العربي والمساهمة في تعزيز التبادل الثقافي مع دول العالم المختلفة، وإطلاق الحملات الإعلامية المعززة لقيمة اللغة العربية ودعم إثراء المحتوى العربي، وإحياء تراثها دراسة وتحقيقًا ونشرًا، وتشجيع العلماء والباحثين والمختصين في اللغة العربية. العالم يتحدث العربية تعتبر اللغة العربية واحدة من أشهر اللغات الرسمية العالمية، وهي إحدى أكثر اللغات انتشارًا واستعمالًا في العالم، وهي تحتوي على 28 حرفًا مكتوبًا، وتُكتب من اليمين إلى اليسار ومن أعلى الصفحة إلى أسفلها، وهي اللغة الرسمية في كل دول الوطن العربي، كما أنها لغة وطنية مثل السنغال ومالي والنيجر، أو لغة أقلية رسمية في عدد من الدول مثل قبرص وتركيا، وقد حظيت اللغة العربية مؤخرًا باهتمام كبير من بعض الجامعات حول العالم، ففي كوريا الجنوبية على سبيل المثال، اعتمدت وزارة التربية الكورية لغة الضاد كمادة رسمية في بعض الجامعات، لتكون بذلك ضمن امتحان القبول بها بصفتها اللغة الأجنبية الثانية، كما عمدت بعض الجامعات والأكاديميات الكورية إلى إرسال طلابها إلى الشرق الأوسط للتعرف على الثقافة العربية وزيادة الاحتكاك بالعرب، وبهدف تحسين مستوى الطلاب اللغوي، أما في الصين، فهناك 60 جامعة تُدرّس اللغة العربية، وعدد كبير من الصينيين يقبلون على تعلمها لأسباب تجارية وثقافية وسياسية. في الولايات المتحدة، أنشأت أعرق الجامعات بعض المراكز لتعليم اللغة العربية وخصصت ميزانية بملايين الدولارات من أجل هذا الغرض، كما أنها تمنح من يجتاز اختبارات اللغة العربية امتيازات في الدراسة، أما في تركيا فقد أنشأت حكومتها قرية للغة العربية بمحافظة قونيا، كي يتعلمها الطلاب بأساليب دقيقة. لغـة الضـاد يعد حرف الضاد (ض) من أهم حروف اللغة العربية، وله منزلة كبرى عند العرب لأنه السبب في تميز لغتهم عن باقي اللغات الأخرى، والعجيب أن العرب لم يطلقوا على لغتهم العربية لغة الضاد في العصر الجاهلي أو في عصر صدر الإسلام، ذلك لأنهم لم يدركوا حينها أنهم الوحيدون القادرون على نطق هذا الحرف بسهولة ويسر عن غيرهم من باقي شعوب الأرض، وقد برزت أهمية حرف الضاد عندما عجز العجم عن نطقه عندما أرادوا تعلم اللغة العربية، فبدأ العرب في دراسته من أجل معرفة السر وراء عدم قدرة غيرهم على نطقه، وفي بداية القرن الثالث ظهر مصطلح لغة الضاد، تزامنًا مع ظهور عدد من علماء اللغة على رأسهم الخليل وسيبويه والأصمعي، الذين اهتموا بدراسة العربية وحروفها، وقد أشار سيبويه إلى أن «حرف الضاد هو أحد الأصوات غير المستحسنة ولا الكثيرة في اللغة، ومن لا يستطيع نطقه بطريقة سليمة لا يمكنه قراءة القرآن والشعر بطريقة صحيحة، ومعظم العجم يخلطون بين حرف الظاء والضاد». تعتبر العربية مصدر رئيسي للمفردات في لغات متنوعة مثل: الأمهرية والهندية والبنغالية والسواحيلية والتركمانية والأردية والإندونيسية، إلى جانب الكازاخية والكردية والقيرغيزية ولغة الباشتو والفارسية والأوزبكية وغيرها من اللغات الحية، كما أن الحروف العربية أصبحت حروفًا أساسية لكتابة بعض اللغات الأخرى، ففي القارة الآسيوية على سبيل المثال لا الحصر هناك حوالي 25 لغة تتم كتابتها بحروف عربية، أبرزها الفارسية. العربية على الشبكة العنكبوتية تعتبر اللغة العربية من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا على شبكة الإنترنت، وقد بدأت جهود اعتمادها كلغة أممية رسمية قد بدأت في الخمسينات من القرن الماضي، وفي عام 1960م قررت اليونسكو استخدامها في المؤتمرات الإقليمية التي تنظمها في البلدان الناطقة بالعربية وأصدرت إلزامًا بترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية، وهو ما ساعدها على أن تصبح أكثر انتشارًا ونموًا في فترة قصيرة، متفوقةً في ذلك على الفرنسية والروسية. رغم ضعف وقلة المحتوى الإلكتروني العربي على شبكة الإنترنت، إلا أن أهميتها رقميًا برزت بسبب الأهمية الاستراتيجية التي حظيت بها المنطقة العربية من الناحية الاقتصادية والجيوسياسية، ومن المؤسف أن المحتوى العربي على الإنترنت لا يزال لا يتساوى مع الإرث الحضاري والثقافي العربي الذي لا تضاهيه لغة حية أخرى، ولا مع عدد الناطقين بالعربية حول العالم، وبحسب تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا «إسكوا» فإن المنتجات المعرفية، مثل: الكتب الإلكترونية وبرامج التعلم الإلكتروني، ما زالت دون المستوى المنشود، وإن كان المحتوى الرقمي العربي في قطاعات أخرى كالإذاعة والتلفزيون والموسيقى والسينما قد حقق نجاحات متزايدة خلال السنوات الأخيرة، وهو بمثابة بارقة أمل نحو مزيدٍ من الانتشار. قالوا عنها .. لم يتوقف سحر اللغة العربية عند حدود أهلها والناطقين بها، بل سحرت قلوب وعقول الأجانب والمستشرقين، فنجد المستشرق الفرنسي وليم مرسيه يقول: «العبارة العربية كالعود، إذا نقرت على أحد أوتاره رنت لديك جميع الأوتار وخفقت، ثم تُحَرَّك اللغة في أعماق النفس من وراء حدود المعنى المباشر مَوْكبًا من العواطف والصور»، أما المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه فقالت: «كيف يستطيع الإنسان أن يُقاوم جمال هذه اللغة ومنطقها السليم، وسحرها الفريد؟، فجيران العرب أنفسهم في البلدان التي فتحوها سقطوا صَرْعَى لسحر تلك اللغة»، أما المؤرخ والكاتب الفرنسي إرنست رينان، فقال: «اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولة ولا شيخوخة»، وأبرز المستشرق الألماني يوهان فك مقام اللغة العربية فقال: «لقد برهن جبروت التراث العربي الخالد على أنه أقوى من كل محاولة يقصد بها زحزحة العربية الفصحى عن مقامها المسيطر». المستشرق الفرنسي جاك بيرك تناول دور اللغة العربية في بقاء شعوبها، قائلًا: «إن أقوى القوى التي قاومت الاستعمار الفرنسي في المغرب هي اللغة العربية، فهي التي حالت دون ذوبان المغرب في فرنسا»، وتحدث المستشرق الألماني كارل بروكلمان عن اتساع لغة الضاد قائلاً: «بلغت العربية بفضل القرآن من الاتساع مدى لا تكاد تعرفه أية لغة أخرى من لغات الدنيا»، وعبر المستشرق الفرنسي ريجي بلاشير عن قدرتها على التعبير قائلًا: «إن من أهم خصائص اللغة العربية قدرتها على التعبير عن معانٍ ثانوية لا تعرف الشعوب الغربية كيف تعبر عنها»، فيما قال المستشرق النمساوي جوستاف جرونبوم عن تفرد وشرف لغة الضاد بقوله: «ما من لغة تستطيع أن تطاول اللغة العربية في شرفها». أرقام وحقائق 422 مليون نسمة عدد من يتحدثون اللغة العربية حول العالم كلغة رسمية، والعدد مستمر في الزيادة 12 مليون كلمة عدد مفردات اللغة العربية دون تكرار، وقد يزداد الرقم عن ذلك في مقابل 600 ألف للغة الإنجليزية. 16 ألف جذر لغوي للغة العربية 16 ألف جذر لغوي، في مقابل 700 جذر لغوي للغة اللاتينية. 1700 سنة يُقدر المؤرخون عُمر اللغة العربية بـ 1700 سنة على الأقل. 7102 لغة عدد اللغات الحية المنتشرة حول العالم، وتحتل اللغة العربية المركز الرابع عالميًا من حيث عدد المتكلمين بها كلغة أم 60 دولة عدد الدول التي تتحدث اللغة العربية، من بينها 22 دولة فقط أعضاء في الجامعة العربية، وتعتبر اللغة الإنجليزية هي الأولى حيث تتحدثها 101 دولة.

مشاركة :