الأسواق الناشئة تقاوم الضغوط للتأقلم مع تقلبات الإغلاق

  • 12/24/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الأسواق الناشئة تقاوم الضغوط للتأقلم مع تقلبات الإغلاق   لندن - يسلم مديرو الاستثمارات الذين يتمثل عملهم في إقناع الزبائن بشراء الأدوات الاستثمارية في الأسواق الناشئة بأن العام المقبل لن يكون أسهل على ما يبدو بعد عام ساخن من التقلبات ضلت خلاله الأعمال طريقها إلى التعافي نتيجة قيود الإغلاق. وكان لشبح ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وقوة الدولار الأميركي وتباطؤ النمو في الصين تأثير سلبي شديد هذا العام على تلك الأسواق التي كانت تعاني بالفعل من تداعيات جائحة كورونا. وقال بول جرير، مدير صناديق الدين بالأسواق الناشئة لدى فيدليتي، لرويترز إن “العائق أمام إقبال المستثمرين على العودة إلى الأسواق الناشئة أعلى بكثير مما كان”، مشيرا إلى تشدّد السياسة النقدية الأميركية وتأثير الجائحة على المالية العامة للدول الناشئة. وثمة عوامل أخرى تتمثل في انخفاض معدلات التطعيم بلقاحات كوفيد - 19 وصعوبة التنبؤ بالسياسات والتطورات السياسية، مثلما هو الحال في تركيا التي انهارت عملتها هذا العام وفي أميركا اللاتينية، وهو ما من شأنه أن يُضعف الثقة. وساهمت التدابير التنظيمية المشددة التي فرضتها الحكومة الصينية في خفض قيمة الأسهم المحلية بنحو تريليون دولار، في حين كان تخلف شركة التطوير العقاري إيفرغراند عن سداد ديونها، في أكبر حدث من نوعه يشهده ثاني أكبر اقتصادات العالم، وراء هبوط السندات الصينية مرتفعة العائد 30 في المئة. وإجمالا فقدت أسهم الأسواق الناشئة سبعة في المئة من قيمتها في 2021. ويتناقض ذلك تناقضا صارخا مع صعود مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ومكاسب مؤشر أم.أس.سي.آي العالمي التي بلغت 13 في المئة ومع عام الازدهار الذي شهدته كل الفئات الأخرى تقريبا من الأصول الاستثمارية بفعل السيولة الرخيصة التي غذت ارتفاعاتها. أما أسهم الأسواق الناشئة فيجري تداولها بأقل أسعارها مقارنة بالأسهم في أسواق الدول المتقدمة منذ 17 عاما. وساء أيضا مآل السندات بالعملات المحلية فانخفضت 9.7 في المئة. أما السندات المقومة بالدولار فكان حالها أفضل بفضل ارتفاع أسعار النفط لكنها انخفضت قرابة اثنين في المئة خلال 2021. وهبط مؤشر جيه.بي. مورغان لعملات الأسواق الناشئة، الذي يُستبعد منه اليوان الصيني، بنسبة 9.7 في المئة. وكان من المتوقع أن يكون أداء الأدوات الاستثمارية في الأسواق الناشئة على ما يرام بفضل تعافي الاقتصاد من الجائحة وتحسن أسعار السلع الأولية وسعي المستثمرين لاقتناص الفرص السانحة خارج أسواق الدول المتقدمة التي تبدو الأسعار فيها مرتفعة والعوائد منخفضة. ووصف ديفيد هونر، خبير استراتيجيات الأسواق الناشئة لدى بنك أوف أميركا، عام 2021 بأنه “كارثة”. وقال “الآن أصبح من المستحيل العثور على أحد يشعر بالتفاؤل بالأسواق الناشئة، وهو وضع مناقض جدا لما كان عليه الحال قبل عام عندما لم يكن باستطاعتك العثور على فرد واحد يشعر بالتشاؤم”. وجاء العام الحالي بعد عقد صعب على الأدوات الاستثمارية في الأسواق الناشئة التي يفترض أنها شديدة المخاطر، لكنها في الوقت نفسه مرتفعة العائد. العالم النامي يمثل 36 في المئة من الاقتصاد العالمي لكنه لا يمثل سوى 11 أو 12 في المئة من القيمة السوقية العالمية للأسهم ففي كل عام، باستثناء العامين 2010 و2017، انخفض مؤشر أم.أس.سي.آي للأسواق الناشئة عن المؤشر الرئيسي في السوق الأميركية. وأمام مؤشرات أخرى كان الأداء أفضل. فمنذ نهاية 2016 ارتفع مؤشر أم.أس.سي.آي العالمي باستثناء الولايات المتحدة 34 في المئة بالمقارنة مع صعود مؤشر الأسواق الناشئة 40 في المئة. لكن هذا أيضا معناه أن أسهم العالم النامي ليست رخيصة كما يبدو. ووسط ذلك كله يلوح شبح الصين في الخلفية حيث يعتقد محللون أنه ربما تؤذن خطة “الازدهار المشترك”، التي طرحتها بكين سعيا لإعادة توزيع مغانم النمو الاقتصادي، بنهاية أرقام النمو الهائل التي تصدرت العناوين سابقا. فعلى مستوى الاقتصاد الكلي يعد النمو الصيني عاملا مهما للأسواق الناشئة كما أنه ظل لفترة طويلة عامل إغراء للمستثمرين في هذه الفئة من الأصول الاستثمارية. واستجابة لذلك عمدت صناديق الاستثمار إلى استكشاف منتجات استبعدت منها الصين لإقناع زبائنها بأن أفضل الفرص تكمن في أسواق أخرى. لكن الثقة تقوضت بفعل أزمة الديون العقارية الصينية والتدابير التنظيمية المشددة وكذلك المخاوف من أسعار الفائدة المتجهة للارتفاع عالميا. وقالت ماري تريز بارتون، رئيسة قسم ديون الأسواق الناشئة لدى بيكتت أسيت مانجمنت، إن “القائمين على توزيع حصص الفئات الاستثمارية عالميا مازالوا يعاملون الأسواق الناشئة كأداة تداول تكتيكية وليست استراتيجية” وأضافت “ما نرجوه هو أن يلقى ثراء عالم الأسواق الناشئة التقدير وهذا صعب في الوقت الحالي الذي نعجز فيه عن إدراك الصورة”. ويقول هونر إن المشكلة لا تكمن في التباطؤ الصيني بل “إن الصورة ليست رائعة في أي من الأسواق الناشئة الأخرى”. ولم تكن الأمور كلها بهذا السوء إذ صمدت تدفقات المحافظ الاستثمارية. فوفقا لبيانات معهد التمويل الدولي بلغ إجمالي التدفقات على الأسواق الناشئة في العام الجاري 366 مليار دولار بنهاية نوفمبر الماضي، حيث تجاوز نصيب استثمارات الدخل الثابت منها 80 في المئة. كما نعمت أسهم الأسواق الناشئة ببعض التدفقات بفضل الصين وتدفق أرصدة إلى الخارج من أسواق أخرى. ويقول البعض إن الأسواق الناشئة اليوم في وضع يمكنها من تحمل ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية أفضل مما كانت عليه خلال ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية بفعل سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) في العام 2013. ويشير لوك دوغ، رئيس قسم أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة لدى فونتوبل أسيت مانجمنت، إلى أن هوامش سندات الأسواق الناشئة عالية العائد تمثل في التداول أعلى فارق بالمقارنة مع أسواق العالم المتقدم منذ 15 عاما. وقال “هذه أرقام تعكس وضع الأزمة ولا أعتقد أننا في أزمة”. وفضلا عن ذلك كله ثمة من يجادل بأنه في ضوء أخذ كل هذه العوامل السلبية في الاعتبار لا يمكن أن يكون هناك مجال لتدهور كبير. وقال روشير شارما، كبير خبراء الاستراتيجية العالمية في مورغان ستانلي انفستمنت مانجمنت، إن “العالم النامي يمثل 36 في المئة من الاقتصاد العالمي لكنه لا يمثل سوى 11 أو 12 في المئة من القيمة السوقية العالمية للأسهم”. وأضاف أن “هذا الفارق في التقييم بين الأسهم الأميركية وغيرها بلغ أعلى مستوياته منذ قرن ومن المنتظر أن يتقلص، كما أن المال المتاح للخروج من الأسواق النامية يصبح أقل إذا حل الذعر”.

مشاركة :