كيف لنا أن نقرأ حكاية الفن التشكيلي التي أرى إنها (قصة) بدأت وتطورت عبر تاريخ طويل كما رأى الباحثون في هذا الفن الجميل. وكيف لهذا الفن أن تلاقح مع الفنون الأخرى كالشعر والسرد وارتباطه بالفنون الأخرى كالنحت والتصوير وهندسة العمارة القديمة، متفرداً بتوحده في احتضان جميع الفنون والدفع بها في عوالم تقنية الفن المعاصر. ولم يأت هذا الفن من دون أساس حضاري، كحضارة دلمون ووادي النيل وأرض النهرين والحضارة الفارسية والصينية والهندية واليابانية واليونانية المتمثلة في الشرق الأدنى والحضارة الرومانية التي ساهم فنانوها في إشعال تلك الفنون التي هي اليوم نتاج تلك الأزمنة من الحضارات التي تلاقحت وأنتجت لنا فناً معاصراً على أيدي رواد هم اليوم المعلمون الذين أشعلوا فتيل تلك الفنون عبر تلك الحضارات، التي أثرت بتاريخها القديم في التاريخ المعاصر ذي البعد الإنساني في شتى مجالات الحياة،. ولا يمكن الوقوف على فناني الحداثة في العصر الحالي من دون الرجوع ضاربين بهؤلاء المعلمين الأوائل في الحضارات القديمة. وقد أشار علماء الآثار إلى أن «نشأة الفن البدائي إلى مبدأ العصر الحجري الحديث» أي - «ما بين سنة 20000 ق. م. وسنة 10000 ق. م». حيث وجدت «بعض الآثار من مقاطع وفؤوس وأدوات صيد وقتال وتماثيل صغيرة من الحجر نحت بأسلوب فج، تمثل البشر والحيوان، ومن صور رسمت بالألوان على حوائط الكهوف» وتشير الحُقب التاريخية أن الإنسان مارس فن الرسم قبل معرفته للكلام. ومع تراكم الخبرات وتلاقح الحضارات شيئاً فشيئاً كبرت الرؤية وامتدت نحو فضاءات أوسع في عمر هذا الفن الذي هو اليوم من الصحوة في النتاج الإبداعي متقدم على أكثر الفنون وإن تلاقح مع بعضها يظل هو الأساس الأول لتلاقح كل الفنون الأخرى معه، متقدماً عليها وباني أساسياتها في المفهوم المتجانس والدافع إلى الإبداع من دون الوقوف على تيمة واحدة أو شكل واحد، بل حك جلدته ليكون أول المطر ودافع الغيوم نحو الهطول في أرض واسعة باتساع البشر أو أكبر من ذلك. فالفنون التي أتت بعده كلها نتاج هذا الفن المعروف بالرسم أو التشكيل أو النحت، لأنها هي الأساس لما نحن عليه من إبداع. فالشعر والموسيقى والسرد أدبيات يستأنسها هذا الفن ويأخذ منها بمثل ما تأخذ هذه الفنون من أول الخليقة قبل معرفة الكلام. فالجميل إننا في هذا العصر نقرأ كل جديد وحداثي جاء من بطن فن عريق تجاور بفنانيه مع قصة حكاية الخليقة وبداية أول الكلام وأول الموسيقى في الشعر والحياة بألوانها التي هي اليوم جمع من ألوان قزح العالقة في شغاف كل فنان وملهم لا تجف أحباره ولا ينطوي الورق من دون قبلة من حلمه وأنسه في هدوء لا يقلقه شيء، يرمي بصنارته كي يلتقط أجمل ما يراه في الخليقة من إبداع رباني يثير المبدعين بإلهام لا ينقطع في البحث عن الحب. a.astrawi@gmail.com
مشاركة :