لقد كان الغرض الرئيس من تطوير شبكات المعلومات، منذ ستينيات القرن الماضي، هو تيسير سبل الوصول إلى المعلومات للطلاب والباحثين. ومع تطور شبكة الإنترنت، ونشأة الجيل الثالث للعنكبوتية العالمية، أصبح الهدف الرئيس، هو توظيف الشبكات كأداة للاقتصاد الرقمي، القائم على توفير آليات لتسويق وبيع السلع والمنتجات عبر الفضاء الرقمي. وظهرت وانتشرت مع هذه الطفرة الجديدة، آليات متنوعة للاقتصاد الرقمي، تعتمد على البيانات والمعلومات كسلع أساسية، يتم تداولها في ما يُعرَف بالاقتصاد الأزرق. ولعلَّ أبرز آليات النجاح في هذه البيئة الرقمية، هو ضمان الاستدامة من خلال تحقيق الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وتوفيرها لكلِّ القطاعات المعرفية على المستوى العالمي. ولا شكَّ أنَّ كلَّ المؤسَّسات لديها منتجاتها المعرفية التي تنتجها كلَّ عام، في صورة رقمية، ويتم حفظها من خلال أدوات بدائية، للإتاحة غير الاحترافية وغير المنظمة، والتي لا تتوافق مع طبيعة المحتوى الرقمي والمعرفي، ما يفوِّت على تلك المؤسَّسات إمكانات تعزيز وجودها في البيئة الرقمية، من خلال ما تقدمه من محتوى نافع، يسد الفجوات المعرفية، وتجيب عن التساؤلات التي تواجه الطلاب والباحثين والممارسين للوظائف المختلفة. فلنا أن نتخيَّل كمَّ الجهد الذي يبذله الأفراد في الحصول على معلومات مدققة من الناحية العلمية والمعرفية، وقد لا يستطيعون الوصول إليها، على الرغم من وجودها في فضاء غير منظَّم، أو عدم وجودها في الفضاء الذي يبحث فيه الناس. وهنا، تتجلى ضرورة وأهمية أنظمة المعرفة الرقمية الشاملة والمتكاملة، التي تستطيع باحترافية أن توفِّر كلَّ المحتوى الرقمي الذي تنتجه المؤسَّسات التي تمتلك إدارات للمعرفة، من خلال صندوق بحث موحد، وبآليات عمل مستودعات الذاكرة الرقمية المؤسَّسية. وتجدر الإشارة إلى أنَّ إدارات المعرفة بالمؤسَّسات، يجب عليها أن تمارس وظيفتها المحورية، والتي تتمثَّل في إنتاج وتنظيم ومشاركة وإتاحة المعرفة. ولا يمكن لتلك الإدارات، أن تؤدّي دروها من خلال أنظمة رقمية بدائية، مثل مواقع الويب، أو حتى البوابات الرقمية، إنما يجب أن تقوم بهذا الدور، من خلال أنظمة احترافية ومعيارية، تضمن بناء كتل البيانات بآليات معيارية، تتوافق مع طرق عمل المنصات الرقمية، وتمكِّن المؤسَّسات من بناء ذاكرتها الرقمية، وتعزِّز وجودها في مجتمع المعرفة، كمؤسَّسات معرفية فاعلة. ومن هذا المنطلق، قامت مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، ببناء أول منظومة معرفة عربية متكاملة، تمثَّلت في نظام يُمكِّن المؤسَّسات من تطوير مراكز للمعرفة الرقمية. وقد تمَّ تطبيق هذا النظام، في ثلاث تجارب رائدة، لمؤسَّسات متنوعة، كما شاركت فيه أكثر من 20 مؤسَّسة ودائرة حكومية بدبي، في إتاحة المحتوى المعرفي والرقمي بشكل تجريبي خلال عام 2021. وتسعى المؤسسة خلال عام 2022، نحو تعميم التجربة على كل المؤسسات والدوائر الحكومية، لبناء ذاكرة رقمية ومعرفية شاملة ومتكاملة لدبي، يمكن الوصول إليها من خلال منصة موحدة، ونقطة وصول واحدة. تشمل كل المطبوعات الحكومية، من تقارير وأدلة إرشادية وكتب سنوية ومجلات وفيديوهات، وصور وخرائط.. إلخ. لتكون بذلك أول منصة شاملة للمحتوى الرقمي والمعرفي لمدينة، وهو ما يتناسب مع مكانة دبي العالمية. ولنا أن نتخيَّل معاً، تلك المنظومة التي تحمل شعار المعرفة الرقمية لدبي، وعن دبي، يمكنك الوصول إليها من خلال نقطة وصول واحدة، بآليات احترافية، تنتج بيانات ضخمة لمجتمع المعرفة العالمي، وتحمل شعار مركز المعرفة الرقمي لمؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، يشمل كلَّ الكيانات الرقمية التي أنتجتها مؤسَّسات حكومة دبي، ومؤلفون ومبدعون من دبي أو عن دبي. هذا النظام الموحد، هو طريق دبي لإتاحة المعرفة الرقمية للجميع، بآليات مجتمع المعرفة العالمي. * مستشار الحلول الرقمية والمعرفية في مؤسَّسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :