حجبت روسيا موقع منظمة «أو في دي - إنفو» المتخصصة في مساعدة المتظاهرين الموقوفين، معتبرة أنها تروّج «للتطرف والإرهاب»، في خطوة تأتي في خضمّ حملة قمع للأصوات الناقدة للكرملين. وتعمل موسكو على تشديد ضغطها على الإنترنت، إحدى آخر مساحات حرية التعبير في البلاد، عبر إغلاق مواقع المعارضة والتهديدات والغرامات التي تستهدف عمالقة التكنولوجيا الرقمية. وأعلنت هيئة «روسكومنادزور» الناظمة للإعلام، أول من أمس (السبت)، أنها حجبت «أو في دي - إنفو» بعد صدور حكم قضائي في 20 ديسمبر (كانون الأول)، قائلةً إن المنظمة غير الحكومية تنشر معلومات تروّج «للتطرف والإرهاب»، دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول هذه الاتهامات. كما طلبت الهيئة من منصات التواصل الاجتماعي حذف حسابات المنظمة غير الحكومية. وكانت المنظمة قد كشفت في وقت سابق أول من أمس، أن موقعها الإلكتروني حُجب، وقالت عبر «تويتر»: «لم نُبلّغ حتّى الساعة بهذا القرار ولا ندري الأسباب الكامنة وراء هذا الحجب». وأُنشئت هذه المنظمة غير الحكومية قبل 10 سنوات خلال أولى المظاهرات الحاشدة ضدّ حكم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتوفر المنظمة أرقاماً موثوقة لعدد الاعتقالات خلال احتجاجات المعارضة في أنحاء روسيا، كما توفر دعماً قانونياً لضحايا القمع. وفي سبتمبر (أيلول)، أضافت وزارة العدل «أو في دي - إنفو» إلى قائمتها الآخذة في التوسّع لـ«العملاء الأجانب» التي تضمّ منظمات ترى السلطات أنها تعمل عكس المصالح الروسية وبتمويل أجنبي، وتشمل وسائل إعلام مستقلة ومنظمات غير حكومية. شهد عام 2021 حملة قمع ضد معارضي النظام بدأت بسجن أليكسي نافالني الذي يعد أبرز معارضي الرئيس بوتين. وبعد عودته إلى روسيا في يناير (كانون الثاني) عقب فترة نقاهة في ألمانيا، تم توقيف نافالني ثم حُكم عليه بالسجن لمدة عامين ونصف العام في قضية احتيال عدّها مسيّسة. بدورها تخشى منظمة «ميموريال» غير الحكومية، وهي أحد أعمدة المجتمع المدني والمتخصصة في تأريخ القمع الستاليني، من حظرها قبل حلول العام الجديد. وباتت «ميموريال» مهدَّدة بالحل لانتهاكها قانون «العملاء الأجانب»، كما أنها على غرار «أو في دي - إنفو» المتهمة بالترويج «للتطرف والإرهاب». ويتضح هذا القمع أيضاً على الإنترنت، إذ تفرض روسيا باستمرار غرامات على الشركات الرقمية الكبيرة وخاصة الأجنبية منها، على خلفية عدم محو المحتوى الذي يعد خطراً على القصّر أو مرتبطاً بالمعارضة. وقضت محكمة روسية (الجمعة) بفرض غرامتين على «غوغل» و«ميتا» (الشركة الأم لـ«فيسبوك») قدرهما على التوالي 87 مليوناً و23 مليون يورو لعدم إزالة محتوى «محظور»، وهما غرامتان حُسبتا لأول مرة على قاعدة إيرادات الشركتين في روسيا. ويخشى مراقبون من أن هذه الضغوط ستدفع «ميتا» و«غوغل» لإزالة محتوى المعارضة، بما في ذلك التحقيقات المناهضة للكرملين التي تجريها شبكة نافالني التي تحظى بمتابعة واسعة على منصة «يوتيوب» المملوكة لشركة «غوغل». وردّا على سؤال (الخميس) حول قمع المعارضة الروسية، قال بوتين إنه لا يهدف لإسكات المعارضين بل لاحتواء النفوذ الأجنبي. وقال خلال مؤتمره الصحافي السنوي: «أذكّركم بما يردّده الخصوم منذ قرون ومفاده أنه لا يمكن هزيمة روسيا وليس في الوسع تقويضها إلا من الداخل»، وهو ما تسبب بانهيار الاتحاد السوفياتي قبل 30 عاماً، على حدّ تعبيره.
مشاركة :