أعلن تنظيم داعش، أمس، مسؤوليته عن الاعتداءات التي استهدفت باريس، الليلة قبل الماضية، والتي وصفها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بـعمل حربي، وأعلن الحداد الوطني ثلاثة أيام، وقد أثارت صدمة واسعة بين الفرنسيين الذين استفاقوا على ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 129 قتيلاً، كما قتل ثمانية مهاجمين على الأقل، بينهم سبعة فجروا أنفسهم، وذلك وسط تنديد دولي واسع بالهجمات الإرهابية. وفي التفاصيل، ونتيجة لأكثر الاعتداءات دموية في أوروبا منذ 2004، قتل ما لا يقل عن 129 شخصاً وأصيب 352 بجروح بينهم 99 في حال حرجة، بحسب الشرطة، في الاعتداءات التي تخللتها تفجيرات انتحارية وعمليات إطلاق نار وقعت في مناطق عدة في باريس وضاحيتها. بينما قالت مصادر المستشفيات في وقت سابق، إن 300 شخص يعالجون في المستشفيات. كما قتل ثمانية مهاجمين على الأقل، بينهم سبعة فجروا أنفسهم وكانوا جميعهم يضعون أحزمة ناسفة. وبعد 10 أشهر على الاعتداء على صحيفة شارلي ايبدو، ومتجر يهودي في باريس، ما تسبب في مقتل 17 شخصاً، عاش الفرنسيون مجدداً لحظات طويلة من الرعب، فيما انتشرت جثث الضحايا والدماء في عدد من شوارع العاصمة. وتبنّى تنظيم داعش في بيان تداولته حسابات إرهابية على موقع تويتر اعتداءات باريس، وجاء في بيانه قام ثمانية أخوة ملتحفين أحزمة ناسفة وبنادق رشاشة باستهداف مواقع منتخبة بدقة في قلب عاصمة فرنسا، فتزلزلت باريس تحت أقدامهم، وضاقت عليهم شوارعها. وهدّد تنظيم داعش فرنسا، مؤكداً أنها على رأس قائمة أهدافه ما داموا قد تصدروا ركب الحملة، وضرب مواقع التنظيم بطائراتهم في سورية والعراق. وتشارك فرنسا في الائتلاف الدولي بقيادة أميركية، الذي ينفذ غارات جوية في سورية والعراق ضد تنظيم داعش ومجموعات إرهابية أخرى. وفي يناير 2015، كان منفذ اعتداء المتجر اليهودي الجهادي الفرنسي احمدي كوليبالي، أعلن في شريط مصور قبل الاعتداء، انتماءه لتنظيم داعش، إلا ان التنظيم لم يتبنّ الاعتداء بشكل مباشر. بينما أعلن منفذو الاعتداء على شارلي ايبدو، ان الهدف من هجومهم الانتقام من رسامي الكاريكاتور في الصحيفة الساخرة الذين يسخرون برأيهم من الإسلام. وقبل صدور بيان التنظيم حتى، اتهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، التنظيم الإرهابي بالوقوف خلف سلسلة الهجمات. وقال خلال اجتماع امني في قصر الإليزيه ما حصل أمس هو عمل حربي ارتكبه (داعش)، ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي سيسمح التحقيق بإثباته. وأعلن هولاند الحداد الوطني ثلاثة أيام، مشيراً إلى انه سيلقي كلمة غداً أمام البرلمان الفرنسي، الذي سينعقد بمجلسيه في قصر فرساي قرب باريس للمّ شمل الأمة في هذه المحنة. ولم يفتح برج إيفل أبوابه منذ مساء الجمعة، وسيبقى مقفلاً حتى إشعار آخر، بحسب ما أعلن متحدث باسمه. وكانت الاعتداءات استهدفت الليلة الماضية، ستة مواقع مختلفة بينها محيط استاد دو فرانس الدولي في الضاحية الشمالية لباريس، وفي الشرق الباريسي حيث توجد حانات مشهورة تكتظ عادة بالرواد خلال عطلة نهاية الأسبوع، على مقربة من ساحة الجمهورية التي جمعت نحو مليون ونصف المليون شخص في يناير الماضي احتجاجاً على الاعتداءات التي استهدفت العاصمة في تلك الفترة. وكان نحو 1500 شخص موجودين في مسرح باتاكلان عندما اقتحمه المهاجمون وبدأوا بإطلاق الرصاص. وروى شاهد يدعى لوي، لإذاعة فرانس انفو، ان شباناً كانوا دخلوا المسرح وبدأوا بإطلاق النار عند المدخل. لقد أطلقوا النار على الجموع هاتفين: الله أكبر. وقال شاهد آخر هو مقدم برامج في الإذاعة والتلفزيون يدعى بيار جانازاك (35 عاماً)، إن المهاجمين صاحوا لدى احتجازهم رهائن في صالة المسرح هذا بسبب (الرئيس الفرنسي فرنسوا) هولاند، لا يجدر به التدخل في سورية، مضيفاً انهم ذكروا ايضاً العراق. وقال الصحافي جوليان بيرس، من إذاعة أوروبا-1 استغرق الأمر 10 دقائق أو 15 دقيقة. كان عنيفاً جداً، وحصلت موجة من الذعر. هرع الجميع باتجاه خشبة المسرح، وحصل تدافع، وكان البعض يدوس على الآخرين. في استاد دي فرانس، شمال العاصمة، كان هولاند يشاهد مباراة ودية بين منتخبي ألمانيا وفرنسا، إلى جانب نحو 80 ألف متفرج آخرين، عندما تم إبلاغه بأن الانفجارات ليست عرضية، وأن أحداثاً تقع في مسرح باتاكلان، فغادر المكان. في شارع بيشا، روت فلورانس، التي وصلت إلى المكان بعد دقيقة واحدة من إطلاق النار، ان الأمر بدا خيالياً. كان الجميع أرضاً. عاد الهدوء، ولم يكن الناس يدركون ما حصل. رأيت رجلاً يحمل فتاة بين ذراعيه. بدت لي ميتة. وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقاً في جرائم قتل على علاقة بمنظمة إرهابية. وانتشر 1500 جندي اضافي في شوارع باريس، بناء على امر من فرانسوا هولاند. وكان هولاند أعلن حالة الطوارئ في البلاد، وإقفال الحدود. كما أعلن في المكان حرباً لا هوادة فيها ضد الإرهابيين. وأوضح مصدر أمني ان الأولوية الآن للتعرف إلى الجثث، لاسيما جثث الانتحاريين التي تناثرت في كل مكان بعد أن فجرت نفسها. وسارع العالم إلى إدانة الاعتداءات، وبرز إلى الواجهة رد فعل الرئيس السوري بشار الاسد، الذي حمّل السياسات الفرنسية الخاطئة مسؤولية تمدد الإرهاب، في تعليق على الاعتداءات التي حدثت أمس في باريس، وتبناها تنظيم داعش، وأودت بحياة اكثر من 128 شخصاً، حسبما نقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية سانا. وقال الاسد خلال لقائه وفداً فرنسياً برئاسة عضو الجمعية الوطنية النائب تييري ماريانيان، ان السياسات الخاطئة التي انتهجتها الدول الغربية ولاسيما الفرنسية، إزاء ما يحصل في منطقتنا، وتجاهلها لدعم بعض حلفائها للإرهابيين هي التي ساهمت في تمدد الإرهاب. واعتبر الاسد ان الإرهاب هو ساحة واحدة في العالم، وأن التنظيمات الإرهابية لا تعترف بحدود. وانتشرت ردود الفعل المنددة بين العرب والدول الغربية. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، ان اعتداءات باريس وغيرها من الاعمال الإرهابية الاخيرة، تؤكد ان العالم يشهد نوعاً من الفاشية من القرون الوسطى والحديثة، الساعية إلى التدمير ونشر الفوضى. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ان الهجمات الدموية التي شهدتها باريس تبرر تصعيد عملية مكافحة المتطرفين مثل تنظيم داعش. وأشار عدد من الدول إلى احتمال وجود ضحايا من رعاياها بين القتلى في باريس.
مشاركة :