الوعي السياسي المتنامي للمواطن رهان على المستقبل وحصانته

  • 11/15/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يُعرّف الوعي السياسي بأنه الرؤية الشاملة بما تتضمنه من معارف وخبرات التي تتيح للإنسان إدراك الخلفية السياسية للأحداث ومساراتها وهو وعي يتأسس على استخدام الفرد للتحليل بناء على أسس منطقية ما يتيح له تكوين موقف مناسب تجاه التغيرات التي تدور حوله. وفي الفضاء السياسي أثبت المواطن السعودي قدرته على استقراء الأحداث السياسية بوعي خلاق ورؤية متبصرة لا تخضع للعاطفة أو الأحكام المسبّقة وكذا عدم ركونها للتجييش العاطفي والشحن على اختلاف أنواعه: الطائفي والمناطقي.. وكذلك على مستوى التعاطي مع الأحداث الإقليمية؛ يظهر ذلك جليا في تعاطي الشعب السعودي من خلال تنديده لأي حدث إرهابي. ردّات فعل المواطنين على الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت باريس مساء الجمعة وتخللتها تفجيرات وعملية احتجاز رهائن وإطلاق رصاص- ما دفع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود، بينما أعرب العالم عن إدانته وغضبه - كانت مؤشّراً إيجابيا لافتا عكس ارتفاع منسوب الوعي السياسي لدى متلقّي هذا الحدث الإجرامي المحزن. فالمواطن كان صيداً سهل الانقياد تجاه أي موقف حيث لا يحتكم إلى وعي سياسي ولا يجيد الفرز والتمحيص للمواقف وخلفياتها في ظل هيمنة فكر أحادي يعتمد على هشاشة وعي من حوله فيقوم ببث أفكاره المغلوطة ومعلوماته المشوهة التي لا تصدر عن قراءة واعية للحدث أو دوافعه ومآلاته. مضى زمن طويل ونحن نعاني من أصحاب الفكر المتطرف الذين انساقوا بشكل قطيعي تجاه بعض من يرون أنفسهم رموزاً وقادة رأي كلّ قدراتهم وإمكاناتهم هو دغدغة مشاعر ذوي الوعي الناقص أو المعدوم عبر تشويه المعلومات والأفكار واستخدام الدين كأحبولة تحكم خناقها على عديمي الوعي والقابلين للانسياق خلف أي فكرة أو من يرى نفسه رمزاً وقائداً. لقد حان الوقت لنفخر بأبناء الوطن الذين باتوا على تماس مع الأحداث يقرؤونها بعين فاحصة، عين لا تعشوها أفكار مضللة أو تأثيرات من أناس لا يودون الخير لهذا الوطن وأهله. نعم بات لدينا وعي آخذ في التراكم بشكل يدعو للبهجة والحبور. وعي خلاق هو ثمرة لعمل دؤوب لقيادتنا الراشدة، هذه القيادة التي نأت بنفسها ومواطنيها عن الآثار السلبية والمدمرة التي اجتاحت المنطقة من ثورات وخلل سببه حالة الارتباك التي افرزتها المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ولاسيما الإسلام المؤدلج الذي أحدث حالة ارتباك كبيرة في المواقف والرؤى والتصورات. هذا الوعي مدرك لحجم وخطورة هذا الفكر المنحرف كان جلياً لدى قيادتنا الراشدة وتعاملت مع الأحداث بمنطق رصين وتعاطٍ ملتزم ومسؤول وخلاق تجاه الأحداث على اختلاف درجات خطورتها وأثرها. ولعل القراءة التي يخرج بها كل متابع لردات الفعل المجتمعي على وسائل التواصل الاجتماعي يخلص إلى أن الوعي هو رهان الوطن على المستقبل وعلى أبنائه الذين استثمروا كل هذه الوسائل في تكوين وعي سياسي رصين وثابت لا تزعزعه مطامح أو أهواء أو تأثيرات سلبية ممن يتربص بالوطن وأهله الشرور. إن الإرهاب لا دين له وقد بذلت المملكة العربية السعودية جهودا عالمية في صد الفكر المتشدد وتجفيف منابعه على كافة المستويات. إنه بات من الضروري أن ندق ناقوس الخطر وأن نعمل بجد على إسكات الأصوات النشاز التي تصدر هنا وهناك لشق صف الوحدة وزرع فكر دخيل يشيع روح الكراهية والعنف. مع الإشارة إلى أهمية دور الأسرة والمدرسة والمجتمع في تعميق الوعي السياسي لدى النشء وصناعة حصانة فكرية تحميهم من التيارات والمذاهب المتشددة وتشكيل ثقافة سياسية يتحقق فيها الانتماء الوطني والمجتمعي وتساهم في رخائه.

مشاركة :