في ليلة استثنائية بنادي الأحساء الأدبي الأمير تركي الفيصل يتحدث عن (تحديات الهوية والمواطنة)

  • 12/27/2021
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

• قال الملك فيصل – رحمه الله- عن أهل الأحساء : لقد قمتم، وتقومون، وستقومون، بما يوجبه عليكم دينكم، وخدمة وطنكم وأمتكم في سبيل رفعة هذا الوطن ومجده • مفهوم الهوية والمواطنة يحتل حيزاً واسعاً من الاهتمام • يرى الكثيرون أن العولمة غول يهدد الهويات الوطنية ويضعف دور الدولة القومية أو الوطنية ويحول مجالها إلى سوق ومواطنيها إلى مستهلكين. • الخلل السكاني في بعض دولنا وخاصة الخليجية ما هو إلا جرس إنذار لما يحمله المستقبل من تحديات وطنية شاملة • لقد قامت المملكة وتوحدت وترسخ كيانها على إرث تاريخي عظيم جعل من شعبها شعبا هويته واحدة • قامت المملكة بمشاريع ومبادرات تاريخية تعزِّز قيم الحوار والتسامح والتعايش داخلياً وخارجياً. كان نادي الأحساء الأدبي على موعد في ليلة استثنائية مع صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل في محاضرة عن (تحديات الهوية والمواطنة)، وقد شهدت القاعة الكبرى للنادي حضورا مشهودا من أهل الأحساء ووجهائها ومثقفيها ومثقفاتها بدأت المحاضرة بالسلام الملكي ، ثم اعتلى رئيس نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري المنصة للترحيب بضيف الأحساء معربا عن سعادته وسعادة أهل الأحساء باستجابته لدعوة النادي، وعبر عن سعادته بالضيف الكريم قائلا: عندما يكون الحديث عن قامة مثل الأمير تركي الفيصل فإن أحرف البلاغة تقف لتبحث عن معانٍ تستجيب لمكانة الضيف وقَدْرِه ، وعندما نتحدث عن تركي الفيصل رجل الأمن الوطني فهو فارس لا يجارى في هذا المضمار ، وعندما نتحدث عن تركي السياسي والدبلوماسي فهو مَن مثل بلاده في أرقى المحافل والدول، وعندما نتحدث عنه مفكرا فيكفي أن نذكر رئاسته لمجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية؛ هذا المركز الذي كرم العلماء دون النظر إلى جنسياتهم أوديانتهم فلم يُسَيَّس جوائزه ، بل منحها لمن يستحقها فاكتسب سمعة عالمية جعلت للملكة مصداقية تضاف إلى مصداقيتها. ثم قدم سعادة رئيس النادي الشاعر عبداللطيف بن يوسف المبارك الذي أعرب عن سعادته بلقاء الأمير تركي بعد عام من لقائه به وتسلمه جائزة الأمير عبدالله الفيصل، وصدح بمقطوعة قصيرة عن المملكة قال فيها: قديما بصحرائنا سادرين على الرمس جوعا ولَمّا نهن نجير القريب ولكننا لمن خان نقلب ظهر المجن بلاد هي القلب للعالمين وكانت هنا منذ أن قيل كن ثم قدم رئيس النادي صاحب السمو الملكي بقوله: الجميع يتشوق لحديثك، وآثر صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل الحديث واقفا على منصة نادي الأحساء الأدبي، وفي بداية حديثه شر كر نادي الأحساء الأدبي ورئيسه الدكتور ظافر الشهري ومنسوبي النادي وقال : وإذ يغمرني السرور أن أكون بينكم فإن، لسان حالي يدعوني من خلالكم أن أتوجه إلى أهالي هذه المحافظة الغالية على قلوبنا جميعاً بما عبر عنه -المغفور له بإذن الله – الملك فيصل بن عبدالعزيز مخاطباً أهل الإحساء خلال زيارته لها سنة 1382 هـ /1963م. لقد قال:” يسرني في هذه اللحظة السعيدة أن أعبر لكم عن عظيم امتناني وشكري لهذه الحفاوة اللطيفة التي قابلتم بها إخواناً لكم، أتوا للقياكم ذاكرين لكم تاريخكم المجيد، وعنصركم الطيب فلا غرو فأنتم أهل هذا البلد الطيب، وأنتم أيها الإخوان من أوائل الركب في تأسيس هذه المملكة، ولقد قمتم، وتقومون، وستقومون، بما يوجبه عليكم دينكم، وخدمة وطنكم وأمتكم في سبيل رفعة هذا الوطن ومجده”. انعم في جنات الخلد يا والدي فأبناء الأحساء، كما هم أبناء المملكة جميعاً، باقون على العهد منذ أيام المغفور له موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز بل إلى أبعد من ذلك، إلى عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن سعود، الإمام الثالث للدولة السعودية الأولى، إذ قاموا ويقومون وسيقومون بالحفاظ على هذا الكيان الراسخ وهويته الوطنية وتحقيق ما صبوت إليه وعمل عليه جميع ملوك هذه البلاد وهو رفعة هذا الوطن وعزته ومجده. وما تشهده بلادنا اليوم من نهضة ومن إصلاحات هيكلية على كل المستويات في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان- حفظهما الله- إلا تتويج لهذه المسيرة المباركة. ثم ما يقوم به صاحبا السمو الملكي الأميران سعود بن نايف وأحمد بن فهد لتنفيذ توجيهات قيادتنا الرشيدة. في ظل احتدام الصراعات السياسية والعسكرية الدينية والأثنية في كثير من المجتمعات والدول في عالم واحد متداخل ومتواصل تهيمن عليه ثقافة المتغلب، يحتل مفهوم الهوية والمواطنة حيزاً واسعاً من الاهتمام ويثير كثيراً من التساؤلات والمخاوف والهواجس حول المستقبل ليس في منطقتنا وحسب بل في أرجاء المعمورة. وأنا هنا لن أدخل بتعريفات لمصطلحات ومفاهيم الهوية والمواطنة عاطفياً وفكرياً وسياسياً ودينياً؛ فالأدبيات حولهما لا حدود لها وفي ازدياد بسبب ما يجري في العالم من تحولات شاملة تفرض قراءات جديدة ومختلفة للمفهومين. ومع ذلك فالهوية هي إحساس فطري بالانتماء إلى جماعة بذاتها لها لغتها ودينها وثقافتها وحضارتها وتاريخها وجغرافيتها وذاكرتها المشتركة . أما المواطنة ، فهي مفهوم حديث وهي انتساب نظامي إلى دولة بحدود جغرافية معترف بها ودستور وحكومة وبحقوق وواجبات مادية ومعنوية. والهوية والمواطنة تتقاربان وتتداخلان وقد تتماهيان بشكل كامل إذا ما كانت الدولة تجسد وجود جماعة ذات هوية واحدة. وفي عالم اليوم الذي تشكله أكثر من مائة وتسعين دولة المواطنة هي المعيار الذي تقوم عليه هذه الدول على الرغم من أن الكثير منها لا تجسد هوية واحدة؛ وبعضها قد يكون نجح، وبعضها قد يكون فشل في صوغ هوية واحدة تلغي الهويات الأخرى أو الهويات الفرعية فيها. ومع ذلك فالقاعدة هي وجود الدولة بكل عناصرها لتحقيق الأمن والكرامة والعدالة والمستقبل لشعبها، والمواطنة عماد علاقتها بمواطنيها ، ولم يكن سؤال علاقة الهوية بالمواطنة بالأهمية نفسها لو أن العالم لم يشهد منذ عدة عقود تطورات مذهلة وسريعة لم تكن مسبوقة في التاريخ البشري تمثلت في زيادة الاندماج والتداخل والتفاعل الكبيرة بين عناصر الاقتصاد والتقنية والاتصال والثقافة سمح بالحديث عن عصر جديد أصبح العالم فيه قرية لا حواجز قومية أو خصوصية وطنية فيها، ولا حدود جغرافية لها، والاقتصاد كوني والثقافة عالمية والهوية وطنية والقضايا دولية والوعي عالمي والمواطن كوني. وما شهدناه خلال السنتين الماضيتين من تفشي وباء كوفيد 19 عبر الحدود خير دليل على وحدة عالمنا. لقد أثارت هذه التطورات والاتجاه نحو العولمة مخاوف الكثيرين في العالم الذين رأوا فيها – بالرغم من بعض الإيجابيات التي تحملها- غولا يهدد الهويات الوطنية ويضعف دور الدولة القومية أو الوطنية ويحول مجالها إلى سوق ومواطنيها إلى مستهلكين. لم نكن وحدنا في الخليج أو العالم العربي والإسلامي من لامسته هذه الهواجس حول مهددات وتحديات مسألة الهوية التي تحملها العولمة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر اندماجاً في العولمة والمحرك لها أثارت مخاوف الكثيرين من صفوة نخبتها. فهذا عالم السياسة صاحب كتاب ” صدام الحضارات” المفكر الشهير (صامويل هنتغتون قسم حضارات العالم على أساس ديني متنبئاً بحتمية الصدام بين اتباع هذا الحضارات، يؤلف في آخر أيام حياته كتاباً جاء تحت عنوان” من نحن؟” Who Are We? وبعنوان فرعي: “التحديات للهوية الوطنية الأمريكية”. وإذا كان تخوف هنتغتون هو من تغير التركيبة السكانية في الولايات المتحدة، التي هي في الأصل مجتمع مهاجرين، وازدياد عدد السود وذوي الأصول الأسبانية والمهاجرين من أتباع الهويات الأخرى، وما يمثله ذلك من تهديد لهيمنة العرق الأبيض الأنجلو ساكسوني؛ فقد كان خوفه في مكانه، فقد انتخب باراك أوباما –الأسود- رئيساً للولايات المتحدة. وهنا فإن المواطنة انتصرت وليست الهوية، وهذا تطور كبير في مجتمع كانت الهوية العرقية محدداً لهوية رئيسه. وأنا سعيد أن هنتنغتون شهد هذا الحدث قبل وفاته بوقت قصير ليشهد نهاية رؤيته الفوقية حول الهوية وحول صدام الحضارات. إننا نعرف من نحن: نحن مسلمون وعرب ننتمي إلى أمة عريقة لها لغتها ودينها وثقافتها وحضارتها وتاريخها وجغرافيتها وذاكرتها المشتركة؛ ونحن في الوقت نفسه مواطنون سعوديون وإماراتيون وقطريون وبحرينيون وعمانيون ويمنيون ومصريون وعراقيون و….إلخ، أي مواطنون في دول هويتها هذه الهوية الكبرى الممتدة في جذور التاريخ؛ ونحن أيضاً من سكان هذا الكوكب نعيشه ونتعايش معه. إن هذه المعادلة تفرض علينا النظر إلى أنفسنا بثقة وأن لا خوف على هويتنا من العولمة ومتطلباتها إذا ما عملنا على إيجاد توازن رشيد بين كوننا عربا ومسلمين هوية، ومواطنين في دول عربية مختلفة تتكامل هويتها الوطنية وتتماهى مع الهوية الكبرى، وفي الوقت نفسه فاعلين ومشاركين في عالم يتكامل ويندمج ويتداخل. ولتحقيق هذا التوازن ينبغي على مستوى الهوية الكبرى تعزيز عناصرها بالانفتاح والتسامح وترك العصبيات الضيقة والاعتزاز بالذات والحفاظ على مكانة لغتنا العربية؛ وهي وعاء هذه الهوية في جامعاتنا ومدارسنا ومراكزنا العلمية وفي إعلامنا ومنازلنا. وعلى مستوى الهوية الوطنية ينبغي تعزيز الولاء للأوطان والإيمان بها وإيجاد المؤسسات الوطنية وإصلاح القائمة لتستوعب طموحات وتطلعات كافة فئات الشعب وإشراكها في صوغ مستقبلها، وإيجاد علاقة صحية بين الدولة ونخبها الحاكمة والمجتمع. ووضع السياسات الاقتصادية والتعليمية والتربوية والاجتماعية والثقافية التي ترقى بالمجتمع وتؤهله ليكون قادراً على المنافسة في هذه المجالات كافة وتؤهله للتفاعل الكامل مع التطورات العالمية وتوظيفها لمصلحته دون خوف أو تمايز. لا يعني هذا القول إن دولنا محصنة وهوياتها الوطنية بأمان: لا؛ إننا – وخصوصاً في دول الخليج العربية الكائنة- في أكثر المناطق خطورة واستقطاباً إقليمياً ودولياً نعاني وسنعاني من تهديدات أمنية واقتصادية واجتماعية وثقافية وديموغرافية كثيرة ما لم نتدارك الوضع بسياسات حكيمة عاجلة لا تحتمل التأجيل. فموضوع الهوية وتحدياتها مرتبط بكل هذه التهديدات. والخلل السكاني في بعض دولنا وخاصة الخليجية ما هو إلا جرس إنذار لما يحمله المستقبل من تحديات وطنية شاملة. إننا مطالبون في دول مجلس التعاون بالعمل الحثيث لاستكمال عملية التكامل القائمة بيننا والسعي المتواصل لتحقيق الاندماج الكامل فيما بيننا. وفي الوقت نفسه علينا مراجعة سياساتنا في كافة القطاعات بشكل جدي ليكون هدفها بناء المواطن التي تعود فائدتها على شعوبنا وترسخ هويتها الوطنية. وإذا ما استمرت السياسات التي اتبعت خلال عقود ماضية فإننا لا شك سنكون أقليات في بلادنا في وقت ما، وبالتالي وجودنا نفسه سيكون عرضة للخطر. فالتنمية الاقتصادية يجب أن ترتبط بالتركيبة السكانية. وهذا الأمر يتطلب رؤى جديدة وسياسات فاعلة في مجالات التعليم والتثقيف والتدريب والتأهيل ليكون مواطنونا في مستوى اقتصادات بلادهم ومنطقتهم ليستفيدوا منها وهم الأحق بها، فالنفط ليس دائما. إن الإدراك يتزايد في منطقة الخليج حول أهمية موضوع الهوية الوطنية لا سيما ونحن نرى الآثار المدمرة في بلدان كثيرة ومنها بعض دولنا العربية والتي لم تنجح في صياغة هوية وطنية جامعة إذ تفتت النسيج الاجتماعي فيها بسبب هيمنة هويات فرعية دينية أو طائفية أو مذهبية أو مناطقية لا تبنى على أسسها الأوطان بل تتسبب في تدمير الأوطان. وبذلك علينا أن نعض بالنواجذ على كياناتنا الوطنية الناجحة وأن نرسخ هوياتنا الوطنية لنحافظ على المنجزات المحققة. وهذا – بحمد الله – ما نلمسه عند شعبنا وبذلك لا خوف على هويتنا الأصيلة. لقد قامت المملكة وتوحدت وترسخ كيانها على إرث تاريخي عظيم جعل من شعبها شعبا هويته واحدة، يجمعه إسلامه وعروبته وانتماؤه لوطنه ودولته. وهو بكل تنوعاته الفرعية المناطقية والقبلية والمذهبية مرتبط بهذه المظلات الكبرى الجامعة. وقد تعايش الجميع في ظل دولة لا تميز بين مواطنيها، ولكنها في الوقت نفسه لم ولن تسمح مطلقاً بأي نزاعات مدمرة مهما كانت خلفياتها أن تهدد وحدتها ووحدة نسيجها الاجتماعي وأمنها واستقرارها. وفي هذا السياق لا ينبغي أن ننسى أنه خلال العقود الماضية استقبلت المملكة عشرات الملايين من الوافدين الذين قدموا إليها للعمل أو الزيارة، وما زال يعيش فيها أكثر من اثني عشر مليون وافد وتعايش الجميع بسلام ولم يؤخذ أحد بجريرة دينه أو مذهبه أو جنسيته. وهذا دليل على أن التسامح أيضاً ديدن هذا المجتمع وجزء من أخلاقه. ومهما نسمع أحياناً من اتهامات باطلة توجه للمملكة بشأن التعامل مع الآخرين المختلفين فالواقع يدحضه ولم يؤخذ أحد إلا بسبب إخلاله بالنظام العام أو بسبب العمل على زعزعة الأمن والاستقرار. كما لا تفوت الإشارة إلى أن المملكة بكل ود وترحاب وتسامح استقبلت وخدمت خلال العقود الماضية عشرات بل مئات الملايين من المسلمين بكافة خلفياتهم المذهبية والدينية كحجاج ومعتمرين وزوار. إن وطنيتنا الحقيقية ليست شوفينية أو متعالية أو متطرفة بل وطنية اعتدال وتسامح وتعايش وانفتاح وهذه الوطنية تترسخ في وجدان شعبنا بالأخذ بالأسباب الثقافية والتعليمية والتربوية والنظامية، وأحسب أن هذا ما نشهده منذ انطلاقة رؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين محمد بن سلمان. إن التسامح والاعتدال والوسطية سمة طبيعية في مجتمعنا، والدولة منذ قيامها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز ومن خلال أنظمتها وتشريعاتها وسلوكها داخلياً وخارجياً لم تبتعد عن هذه المبادئ الإسلامية الراسخة؛ إلا أن ذلك لا ينفي أننا شهدنا ظهور بعض النزعات والجماعات والاتجاهات الفكرية والدينية والمذهبية المتطرفة والمتعصبة، والتي كانت ستأخذ وتقود مجتمعنا نحو وضع يعاكس طبيعتنا وما نحن عليه. ولو لم تكن الدولة بقياداتها الحكيمة عبر العقود واعية لخطورة هذه النزعات المدمرة ومواجهتها لكنا في وضع مختلف تسوده نزعات الفرقة والعصبية والتطرف والإرهاب. لقد أدت ممارسات البعض من أصحاب هذه النزعات إلى تهديد أمن واستقرار البلاد والإساءة إل مكانتها الإقليمية الدولية، وأظهرتنا وكأننا بعيدين عن مفاهيم ومبادئ التعايش والتسامح. وعليه فقد بادرت المملكة أولاً بالمواجهة الأمنية المباشرة مع قوى الإرهاب والتطرف من أي مذهب كان، وفي الوقت نفسه بالمواجهة الفكرية التي تنزع أية شرعية دينية أو مجتمعية لها. لقد قامت المملكة بالكثير من المشاريع والمبادرات التاريخية التي تعزِّز قيم الحوار والتسامح والتعايش داخلياً وخارجياً. وجميع هذه المبادرات والمشاريع تقوم على مبادئ الوسطية والاعتدال التي هي مبادئ ديننا الحنيف والتي تتضمن هذه القيم، وهي التي يقول عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- أطال الله عمره- : ” إن الاعتدال ليس كلمة تقال، أو وصفاً لموقف أو شعارا براقا يرفع، وإنما هو منهج شامل والتزام بمبدأ يحقق مصالح عامة تهدف إلى الخير والنماء”. ويقول – حفظه الله ورعاه- : “اعتدالنا اليوم مطلب شرعي وضروري لمواجهة ما تعيشه الأمة من اضطراب وتجاهل للأسس والمبادئ كي نعزز وحدتنا وقوة بلادنا ونحافظ عليه”. وعلى هذه المبادئ يقوم خطابنا العام والخاص ونرسم سياساتنا الداخلية والخارجية لنحقق عزة هذا الوطن ومجده. وتبع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بقوله: “اليوم لم يعد التطرف مقبولاً في المملكة العربية السعودية، ولم يعد يظهر على السطح، بل أصبح منبوذا ومتخفيا ومنزويا. ومع ذلك سنستمر في مواجهة أي مظاهر وتصرفات وأفكار متطرفة”، وأشير هنا إلى ما قاله المهندس نظمي النصر وهو من أهلنا في هذه المنطقة عندما استلم جائزة الاعتدال من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين وأمير منطقة مكة المكرمة “إن الاعتدال صفة جليلة ، طيلة حياتي أحاول تجسيدها وتبنيها في سيرتي على المستوى الشخصي والمهني، وإن الاعتدال مطلب أساسي لبناء الأوطان”. ويسترسل فيقول “إن في الاعتدال طريقاً عظيماً يهدي إلى الوسطية المحمودة حيث لا إفراط ولا تفريط”، ويتذكر والديه فيقول: “إنهما من غرسا فيَّ نبتة الاعتدال وحب الوطن، والعمل من أجله”. وهنا يبرز دور العائلة والأهل في تربيتهم لبناتهم وأبنائهم، وهو دور لا يقل أهمية عما تبذله الحكومة لضمان سلامة واستقرار واعتدال أبناء شعبها ووطنيتهم. وفي نهاية حديثه توجه سموه بالشكر لنادي الأحساء الأدبي، وشكر للجميع حسن الاستماع. وقدم رئيس النادي الأدبي بالأحساء الدكتور ظافر الشهري وثيقة شكر ودرع لسموه، ثم قدم الأمير عبدالعزيز بن محمد بن فهد بن جلوي درعا لسموه ، وأعرب مشرف البرامج والفعاليات بالنادي الدكتور صغير بن علي العجمي ، عن سعادة النادي وأعضائه باستضافة شخصيات وطنية بارزة على مستوى الوطن وتضيف للأحساء في كافة الجوانب الثقافية و الأدبية والفكرية ، من خلال جملة من الفعاليات والبرامج التي ناسبت الجميع، واستضافة سمو الأمير تركي الفيصل إضافة للمشهد الثقافي في الأحساء، من عدة جوانب يتصف بها سموه منها الفكر والدبلوماسية والسياسة والأدب.

مشاركة :