خلق الله سبحانه وتعالى هذا الكون العظيم فأحسن صنعه، وأبدع خلقه، وقدره تقديراً بليغاً. وقد جاء في كتابه الكريم آيات عظيمة تبين عظمة صنع الله تعالى لهذا الكون منها قوله تعالى: ((وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ القَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ))، تلك الآيات الكريمة أعظم دليل على النظام والتنظيم واحترام الأنظمة التي دعانا إليها ديننا الإسلامي الحنيف في كل شيء وأقربها العبادات التي تسير وفق نظام دقيق في هيئتها، وعدد ركعاتها وأوقاتها وأقوالها وأفعالها، فلم يترك لنا الأمر نقول ونفعل ما نريد. ولكن للأسف ثقافة احترام الأنظمة السارية سواء في داخل الوطن أم خارجه يفتقر لها البعض بالرغم من أنها تمثل سلوكاً حضارياً، وسمة من سمات المجتمعات والدول المتقدمة، فثقافة احترام الأنظمة تساهم مساهمة فعّالة في احترام الشخص لنفسه باحترامه حقوق الآخرين. إن كانت تلك الأنظمة تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا وتتوافق مع رغباتنا فأهلاً وسهلاً بها يسراً أو قبولها عسراً، وإن كنا غير قادرين على تنفيذها فنحن غير مجبرين على أن نهزئ أنفسنا بارتكاب مخالفات في نظر الدول المشرعة لتلك الأنظمة خاصة وأن أصحابها عند دخولهم المملكة يحترمون أنظمتنا ويرتدون ما يتوافق مع عاداتنا وشريعتنا. ولنأخذ على سبيل المثال ما حدث مؤخراً من تعرض امرأة سعودية لمشاكل بسبب امتناعها على نزع نقابها في دولة ترى في النقاب نوعا من الإرهاب مثلاً وتمنع ارتداءه، أو إصرار شاب على الدخول لمطعم بزي مخالف - كالبنطال القصير - لأنظمة المطعم – الزي الرسمي -، أو تبجح شخص بالمجاهرة في الأكل نهاراً أمام العامة والناس صيام، أو دخول رجل دورة مياه مخصصة للسيدات والعكس، أو دخول شخص مطعما به موسيقى ويطالب بأسلوب غير لائق بإيقاف الموسيقى، أو السفر لبلد لا تتكلم بلغات مفهومة لديه وهو لا يتقن لغتهم.... الخ. فإن كنا لا نقدر على احترام نظام البلد أو المكان المقصود فيتوجب علينا عدم الذهاب له. وإن كنا لا نقدر على خلع النقاب فليست تلك الدولة نهاية المطاف، وإن كنا لا نعلم بالأنظمة السارية في كل مكان نقصده أو كل دولة نرغب في السفر إليها فهنا يتوجب علينا السؤال قبل السفر بالاتصال بالسفارة السعودية في البلد المقصود والاستفسار منها عن كل ما يجول بخاطرنا من أسئلة، فمن واجبات السفارات ومهامها تقديم النصح والإرشاد والحماية وتأمين المصالح وحفظ الحقوق...... الخ، أفضل من أن نتخبط في تصرفاتنا ويطبق علينا المثل القائل مثل الأطرش بالزفة، ولا بد أن نطبق المقولة القائلة من تعلم لغة قوم أمن مكرهم، واللغة هنا لا تقتصر على لغة الكلام وإنما الأفعال والأنظمة والقوانين.
مشاركة :