يتنامى دور الاقتصاد الإسلامي في تغيير البنية الاقتصادية للبلدان التي تعتمده، فالتمويل الإسلامي يتّجه أكثر إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحتى الكبرى، ما يعزّز فرص إرساء قاعدة صناعية إنتاجية في تلك البلدان، فتنتقل من كونها أسواقاً استهلاكية إلى أسواق منتجة ومصدّرة للسلع. وأشار مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي في تقرير، إلى «وجوب استحداث أدوات جديدة للتمويل وابتكار صيغ جديدة للصكوك تًسمى، مثلاً، صكوكاً تنموية، فتستقطب الثروات لتمويل المشاريع السيادية». وتساءل عبدالله محمد العور، المدير التنفيذي للمركز: «هل تستطيع الثروات الخاصة التي يملكها مواطنو دول مجلس التعاون الخليجي، أن تقدّم مساهمةً جوهريةً في مسيرة التنمية، خصوصاً في ظل ما يشهده الاقتصاد العالمي من ركود وتباطؤ في النمو انعكسا سلباً على أسعار النفط؟». ينقل التقرير عن صندوق النقد الدولي، أن خسائر دول مجلس التعاون من هبوط أسعار النفط الخام بلغت 300 بليون دولار، وهو ما أشار إليه أيضاً عبدالعزيز العويشق، الأمين العام المساعد للشؤون الخارجية للمجلس. وفي المقابل، تفيد دراسة لشركة «استراتيجي آند» للبحوث، بأن منطقة الخليج هي واحدة من أقوى الأسواق الناشئة أداءً في العالم، في ظلّ نمو الثروات السائلة بنسبة 17.5 في المئة سنوياً بين 2010 و2014، لتصل إلى 2.2 تريليون دولار. وهذا المبلغ يعادل حاجة دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة، لتنفيذ مشاريع البنية التحتية حتى عام 2025، وفق تقرير لمؤسسة دبي لتنمية الصادرات. وفيما تشهد شركات إدارة الثروات والأصول إقبالاً كبيراً على حلول إدارة الثروات الخاصة من دول مجلس التعاون الخليجي، فإن جزءاً كبيراً من الثروات الخاصة لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي ليس فقط قابلاً للتسييل بل للاستثمار أيضاً، وفق العور، الذي لفت إلى أن مواجهة هبوط أسعار النفط «تحتاج إلى خطوات محدّدة وضرورية لتحقيق نتائج مباشرة، مثل تحرير أسعار الوقود الذي بدأته الإمارات، أو مشروع ضريبة القيمة المضافة الذي لا يزال قيد الدرس». لكن تقرير مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي أشار إلى «أن هاتين الخطوتين، على أهميتهما المرحلية، لا تكفيان للصمود في وجه المتغيرات الاقتصادية. فنحن في حاجة إلى مزيد من البحث للوصول إلى عمق إمكاناتنا ومكامن قوتنا وتشغيلها لتحقيق هدفين، الأول: تنمية هذه الثروات في الإطار الشرعي، والثاني: المساهمة في شكل حقيقي في تعزيز الناتج المحلي وتوسيع قاعدة الاقتصاد وبنيته الإنتاجية». وأضاف التقرير «أن تحقيق هذه المعادلة بات ممكناً بقدر ما هو ضروري، لكن يجب أن نحدد مدخلاً لتوظيف هذه الثروات من خلال، أولاً، تعزيز ثقافة الشراكة بين المواطن والدولة لتعزيز مقومات التنمية، فالتحوّل من الاستهلاك الى الإنتاج هو تحوّل في البنية الثقافية للمجتمعات قبل كل شيء، وثانياً، إنشاء صناديق استثمار سيادية تتولى إدارتها جهات حكومية، تصدر هذه الجهات صكوك تمويل تمثل شراكة المواطن بنصيب مشاع يتحدّد بحجم الصكوك، في مشاريع التنمية الحكومية المختلفة، من قطاع الخدمات إلى إنشاء المصانع وتأسيس مراكز بحوث علمية لتعزيز الجانب المعرفي لعملية الإنتاج». وحضّ المركز، ثالثاً، على «أن يستفيد أصحاب الثروات من تنامي منظومة الاقتصاد الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ازدياد عدد مؤسساته ومصارفه وأدواته المالية، ومن القطاعات الاستثمارية التي استحدثها، ورابعاً، على دور أكبر للدولة في توجيه الاستثمارات على أرضها، والتركيز على أولويات القطاعات المستدامة التي تؤسس لاقتصاد قوي ومتين، وخامساً، صياغة قوانين وتشريعات جديدة لتنظيم الخطوات المذكورة أعلاه».
مشاركة :