ينظم محامون مغاربة للأسبوع الثاني على التوالي احتجاجات أمام عدد من محاكم المملكة للتنديد بفرض “جواز التلقيح” وجعله شرطا لدخول المحاكم وعلى “المذكرة الثلاثية” التي صدرت عن السلطتين التنفيذية والقضائية ورئاسة النيابة العامة في هذا الصدد. وتقضي هذه المذكرة بضرورة حيازة شهادة تثبت الحصول على لقاح مضاد لفيروس كورونا من أجل دخول المحاكم سواء بالنسبة للمتقاضين والموظفين والمحامين. ودخلت هذه المذكرة حيز التنفيذ في 20 ديسمبر كانون الأول الحالي، وهو ما أثار حفيظة المحامين وجعلهم ينظمون سلسلة من الاحتجاجات أمام المحاكم على “هذا القرار الذي يضر بالمواطن والعدالة بالأساس”. وقال المحامي حسن حلحول لرويترز “التوقيع على المذكرة غير دستوري”، وإن السلطات “همشت المحامين واستفردت بالتوقيع”. وأضاف “الأمر يتعلق بتهميش وإقصاء المحامين، والمتضرر هنا هي العدالة والمواطن والدولة”. ومضى يقول “في بداية الجائحة، وبعد الحجر الصحي، كنا نشرف على تنظيم عمليات دخول المواطنين كأفواج، وكنا حاضرين كنقابات وهيئات.. ماذا حدث ليتم إقصاؤنا.. المتضرر الأكبر هو المواطن.. الملفات تدرج في المداولة دون حضور محام”. كما قال إن أغلبية المحامين حاصلون على اللقاح وبحوزتهم الجواز الصحي، لكن فرضه للدخول إلى المحاكم “لا دستوري ولا قانوني”. وكان المغرب قد فرض الجواز الصحي بصفة عامة على المواطنين للتنقل ولدخول الأماكن العامة والإدارات في 21 أكتوبر تشرين الأول، لكنه أثار الكثير من الاحتجاجات مما جعل السلطات تلجأ إلى بعض المرونة في تطبيقه. عسكرة المحاكم كما احتج المحامون على ما أسموه “عسكرة المحاكم”، بنشر عدد من رجال الأمن أمامها لإنفاذ قرار فرض الجواز الصحي. وقال عمر محمود بنجلون عضو مكتب جمعية هيئة المحامين بالمغرب لرويترز “هي دورية (قرار) مشؤومة فضحت انعدام فصل السلط وخرقت النظام الدستوري في البلد الذي يقر بفصل السلط… فالدفاع اليوم رسالته هي حماية النظام الدستوري قبل أن يكون الولوج إلى المحاكم”. وكانت أقوى احتجاجات المحامين يوم الجمعة الماضي أمام محكمة النقض بالرباط إذ دعت إليها (فدرالية(اتحاد) المحامين الشباب بالمغرب)، وحضرها محامون من مختلف المدن المغربية. ونادت بإسقاط الجواز “وبرحيل وزير العدل الحالي” وبتحقيق العدالة والحرية والكرامة. واعتبرت (فدرالية المحامين الشباب بالمغرب) أن “هذه الدورية تشكل مساسا خطيرا بحق التقاضي المكفول لكل المواطنات والمواطنين بمقتضى الفصل 118 من الدستور”. كما اعتبرتها “اعتداء غير مسبوق على حقوق الدفاع وإعاقة فاضحة لأداء المحامين والمحاميات لوظائفهم وصل إلى حد الإرهاب والتخويف بعسكرة المحاكم وتكثيف التواجد الأمني بمختلف محاكم المملكة وهو ما يشكل خرقا سافرا للمبادئ الأساسية بشأن دور المحامين التي اعتمدها مؤتمر الأمم المتحدة”. كما تضامنت مع المحاميين جمعيات حقوقية أبرزها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة التي قالت إنها تابعت “باستياء عميق مجريات الأحداث التي خلفها تنفيذ الدورية الثلاثية الصادرة عن السلطتين التنفيذية والقضائية ممثلتين في وزارة العدل ورئاسة السلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة التي فرضت اعتماد جواز التلقيح كوثيقة إلزامية لولوج المحاكم”. واضافت أن ذلك “إجراء ينتهك قواعد حقوق الإنسان ومبادئ الدستور وكل ما يترتب عنها من انتهاك صريح لحقوق المتقاضين القضاة والمحامين… المذكرة حولت مرفق العدالة إلى معسكرات أمنية لا يمكن ولوجها إلا بإذن السلطات العمومية”. وطالبت الجمعية “بإلغاء المذكرة الثلاثية لاتسامها بالشطط خاصة اتجاه هيئة الدفاع”.
مشاركة :