رحل رجل الأعمال السعودي البارز، عبدالله عبدالعزيز بوبشيت، الذي اشتهر بمسمى عبدالله فؤاد، إلى جوار ربه فجر أمس (الجمعة)، تاركاً إرثاً متعدداً امتد بين الاستثمارات المحلية والخارجية، إضافة إلى العديد من المشاريع الخيرية التي امتدت إلى خارج المملكة. ورحل فؤاد إلى مثواه الأخير في مستشفى الدمام التخصصي، فيما شيعه المئات في مقبرة الدمام بعد أن صلوا عليه في جامع الأمير فيصل بن تركي. ويعد بوبشيت من رجال الأعمال العصاميين، الذين استطاعوا أن يكوّنوا لهم اسماً بارزاً في خريطة الاقتصاد الإقليمي، فيما تميز الفقيد بإسهاماته الخيرية الكثيرة التي لم تقتصر على جهة دون غيرها، بل امتدت أياديه «البيضاء» إلى معظم الجمعيات الخيرية، إضافة إلى اهتمامه الشخصي بالعديد من الأسر الفقيرة والمحتاجة التي وجدته مقصداً لها لتخفيف معاناتها. وبرز اسم عبدالله فؤاد في الساحة الاقتصادية، بعد تاريخ عصامي حافل، إذ استطاع أن يبني حياته الاقتصادية بجهود ذاتية لافتة، واسمه الحقيقي «عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بوبشيت» وليس «عبدالله فؤاد» كما هي شهرته، والسبب أنه بعد نظام «التابعية» ذهب لتسجيل اسمه وكان مُصرّاً على تسميته بـ«عبدالله فؤاد» تيمناً بعمه «عبدالله فؤاد»، وكانت جميع عقوده وأملاكه قبل التابعية باسم «عبدالله فؤاد»، وفي ذات يوم لبس «البشت» - وهي المرة الأولى - وذهب إلى وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز وعرض عليه مشكلته فابتسم واعتمد اسمه «عبدالله فؤاد». ولد عبد الله فؤاد في بيت جدته في الدمام التي كانت قرية صغيرة لا يتجاوز عدد سكانها الـ200 شخص في عام 1925، وتمكن بعد 18 عاماً في مطلع 1943 من العمل خادماً في منزل أحد الموظفين الأميركيين في شركة أرامكو السعودية، بهدف اكتساب اللغة الإنكليزية، وكان من مهامه تنظيف المنزل وغسل الملابس والصحون، وسرعان ما تعلم اللغة الإنكليزية التي أسهمت في انطلاقته الأولى نحو الحياة الاقتصادية، فيما تمكن بعد فترة وجيزة من العمل بوظيفة مراسل في الشركة ذاتها، إبان الحرب العالمية الثانية، قبل أن يتم فصله نتيجة نومه بعد قراءة إحدى الروايات العالمية، ويروي الراحل بوبشيت القصة لإحدى وسائل الإعلام قائلاً: «حيث قامت شركة أرامكو بتوزيع نشرات تحذيرية للتصرف عند سماع صافرات الإنذار خلال فترة الحرب، وعندما حان دوري في المناوبة بدأت في قراءة قصة لـ«أرسين لوبين»، وحصل أن شعرت بالنعاس أثناء القراءة، ووضعت ذراعي من دون أن أشعر على صفارة الإنذار، فانطلق دويها في كل مكان وتراكض الموظفون والعمال بالشركة إلــــى المخابــئ»، ويواصل: «ما هـــي إلا لحظـــــــــات وشعرت بلطمة قوية على رأسي من رئيسي الأميركي، أفقت بعدها من النعاس، وفصلت بطبيعة الحال بعد هذا الموقف من العمل». وعلى رغم محاولاته العمل في أكثر من جهة في المنطقة الشرقية والبحرين، للبحث عن مصدر رزق في تلك الفترة إلا إنه كان كثيراً ما يتعرض للعقبات التي تعترض طريقه، حتى استطاع أن يقف ويبني حياته الاقتصادية «العصامية» وذلك في منتصف عام 1947، عندما بدأ بمشروع مقاولة غسيل المركبات واستطاع من أرباحها شراء مركبة جديدة. وفي منتصف 1948 استقال من الشركة التي كان يعمل فيها، بعد أن بلغت قيمة المقاولات التي نفذها 14 مليون ريال ثم بدأ بمشواره التجاري الذي كان حافلاً بالصعوبات، حتى استطاع أن يملك مجموعة من الشركات التي حملت اسمه وتعد من الشركات الكبرى على المستوى الإقليمي. واشتهر بوبشيت بحرصه على نصيحة رجال الأعمال بالصبر، خصوصاً المبتدئين منهم، إذ كثيراً ما كان يطالبهم بالصمود أمام الصعوبات مهما كبرت وألا يستسلموا للفشل.
مشاركة :