ألم يحن نفاذ النظام يا معالي الوزير؟

  • 12/29/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

منذ صدور القرار الملكي الكريم رقم أ / 130 بتاريخ 9 /3 /1443هـ بتعيين معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة، استبشر أرباب الطوائف بعهد جديد من الارتقاء بخدمة ضيوف الرحمن، وتنظيمات إدارية تتواكب مع رؤية 2030م باستضافة 30 مليون معتمر وحاج، وكذلك استكمال لخطط تنفيذ نظام مقدمي خدمات حجاج الخارج الذي صدر بالمرسوم الملكي رقم م/111 بتاريخ 17 /9 /1440هـ. كما صدرت اللائحة التنفيذية للنظام خلال تسعين يوماً حسب المادة (الثانية والعشرون من النظام)، وصدر أيضاً التصنيف النوعي والكمي للخدمات خلال مائة وعشرين يوماً من صدور اللائحة التنفيذية (حسب اللائحة المادة التاسعة أولاً). ولأن النظام يهدف إلى إعادة هيكلة شركات أرباب الطوائف من خلال رسملتها وحوكمتها، وتوسيع قاعدة المشاركة، وتطوير الخدمات المقدمة للحجاج؛ فإن أرباب الطوائف ينتظرون بفارغ الصبر تأسيس مجالس الإدارات حيث تم إجراء الانتخابات لثلثي الأعضاء من كل شركة، ولم يبق سوى الثلث الباقي وهم أربعة أعضاء يتم تعيينهم من الوزير لإقامة الشركات حسب النظام، علماً بأن المؤسسات في سبيل إجراءات التحول قد دفعت مبالغ طائلة لإعداد خططها الإستراتيجية. وحقيقة كان هناك حراك وعمل دؤوب من معاليه بالالتقاء بلجان الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة، وكذلك الالتقاء بالمجلس التنسيقي لحجاج الداخل، وبالهيئة التنسيقية لمجالس أرباب الطوائف للاطلاع على مجريات الأمور، وهو هنا لم يكتف بالتحليق من أعلى، بل الوصول لدهاليز خدمات كل جهة، وبالتالي تكون القرارات متوافقة مع متطلبات نظام مقدمي الخدمات. ولكن، تأخُّر صدور قرار التعيين لمجالس إدارات الشركات، قد أعطي المجال لتكهنات من عشاق الشهرة ومحبي الظهور في السوشيال ميديا؛ بآراءٍ تُظهِر تجاهلاً لطبيعة المهنة التي تتطلب وعياً كاملاً بثقافة الحجاج وخبرات في العمل.. ومنها فكرة دمج شركات الطوافة في شركة واحدة، ودمج أصولها وممتلكاتها، ويديرها مجلس إداري واحد يُعيَّن من الوزير، وأن يكون تحت إدارة صندوق الاستثمارات العامة وشركة كدانة. فهذا الطرح مخالف تماماً لنظام مقدمي الخدمات والصادر بالمرسوم الملكي المذكور أعلاه. بل من الناحية القانونية لا يمكن تنفيذ ذلك لأن كل شركة من شركات أرباب الطوائف لها أصول، وممتلكات، ورؤوس أموال مختلفة تماماً عن الأخرى، وهنا يختلط الحابل بالنابل وتضيع حقوق الكثيرين. فالدمج يعني دخول كلي للشركات في الشركة الكبرى، وقد يخلق نوعاً من الاحتكار أو الاستحواذ أو السيطرة المالية والإدارية على حساب الشركات الأخرى.. وهنا تزاد نسبة الفقر بين أرباب الطوائف، خاصة بعد توقف العمل لمدة عامين بسبب الجائحة. وفي مفهوم اندماج الشركات يقول الخبير الاقتصادي (على حمودي) في موقع (investing.com): إن هناك مخاطر عالية في الاندماج والاستحواذ، منها: «تقييم الأصول بأقل من قيمتها لغياب الشفافية والإفصاح». بل سيكون هناك مخاطر في القضاء على المنافسة؛ فوجود شركات أرباب الطوائف وحسب نظام مقدمي الخدمات يفسح المجال للمنافسة، بحيث بعد ثلاث سنوات يحق للحاج أن يختار الشركة حسب الثقة، وتقديم أفضل الخدمات حسب التصنيف النوعي والكمي للخدمات وبأقل سعر. ولكن أليس وجود شركة واحدة يلغي المنافسة؟. كما أننا في زمن (التخصص) وفي كافة المجالات، وهذه نقطة جوهرية تقود للجودة والتميُّز يجب ألا نغفلها؛ فالتخصص في خدمة دول معينة ذات ثقافة مختلفة عن الأخرى ليس بالأمر السهل، وعدم تنفيذها قد يسبب الكثير من المشكلات.. بل من طرح فكرة الدمج ناقض نفسه باقتراح التوسع بـ(شركات مساندة) تحت الشركة المدمجة للخدمات والأعمال المتخصصة، وهي أصلاً موجودة في اللائحة التنفيذية، وفي مذكرة الأسئلة الشائعة لنظام مقدمي الخدمات. إن شركة كدانة وهي الذراع التنفيذي للهيئة الملكية لتطوير مكة ليس من اختصاصاتها تقديم الخدمات للحجاج، فأهم أعمالها: إعداد البني التحتية في المشاعر المقدسة ومكة، وتطوير منظومة النقل، ودراسة الكثافة العمرانية، وزيادة المراكز الحضرية في مكة.. وأرى أنه من الممكن حدوث (الدمج) بين شركات تقديم الخدمة في كل شركة من شركات أرباب الطوائف وهي شركات صغيرة ومتوسطة، وهو خيار إستراتيجي لهذه الشركات نحو التكتل والتحالف كما يقول الخبير الاقتصادي على حمودي: «لخلق كيان قوي يعمل بأسلوب تقني، ورأسمالي وتكنولوجي يُمكِّنه من استغلال وحدة المنافسة لصالحه، وتحقيق الأهداف التي لا يمكن تحقيقها بمفردها، أو التغلب على مشكلات قائمة أو متوقعة في المستقبل؛ فالشركات العملاقة ليست بحاجة للاندماج، لأن مركزها المالي قوي جداً، وصناعتها قادرة على الصمود في السوق. كما أن الاندماج يعتبر الحل المثالي للشركات المتعثرة والمهددة بالإفلاس. ولكن شركات أرباب الطوائف لم تقم بعد، مع أن المادة (الثالثة والعشرون) من النظام تقول: «يعمل بالنظام بعد تسعين يوماً من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية»، وقد كان ذلك منذ صدور اللائحة التنفيذية ونشرها، فلماذا لم يتم إنفاذ النظام وتعيين الثلث حتى الآن لتقوم الشركات يا معالي الوزير؟. لابد من التذكر أن كل شركة من شركات أرباب الطوائف ستعمل على توظيف الآلاف من أبناء مكة المكرمة، وأبناء الوطن حسب الجدارة والكفاءة في العمل، وهنا ستكون الإنتاجية في أعلى مستوياتها، مدعمة بالحوكمة الرشيدة التي تتطلبها أعمال الشركات وتشرف عليها وزارتا الحج والعمرة والتجارة.. وتعطيل أعمالها حتى الآن هو خسارة كبرى لأهل واقتصاد مكة المكرمة.

مشاركة :