تعكس تصريحات رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي الثلاثاء بعدم اعترافه بوجود نفوذ إيراني على الساحة اللبنانية ودعوته إلى طاولة حوار لتمتين علاقات بلاده مع الدول العربية، لاسيما الخليجية، أنه لا يزال يأمل في التفاتة سعودية لأزمته. وقال ميقاتي خلال مؤتمر صحافي في السرايا الحكومي إن "المهم هو وجود تفاهم داخلي من خلال طاولة حوار لتمتين علاقات لبنان العربية، ولاسيما مع دول الخليج، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية أو الإساءة إليها وعدم الانخراط في ما لا شأن لنا فيه، خصوصا ما يجري في اليمن". وذلك في إشارة إلى الأدلة التي كشفها التحالف العربي عن تورط حزب الله في الحرب في اليمن من خلال دعم جماعة الحوثي. وشدد ميقاتي على تمسكه باتفاق الطائف وبحسن تنفيذه، مجددا الدعوة إلى سياسة النأي بالنفس، معتبرا أنها "تحفظ وطننا وتحمي علاقاته مع المجتمع الدولي والعالم العربي". وفي الثالث من ديسمبر الجاري، استقال وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي بعد نحو شهر على اندلاع أزمة دبلوماسية بين لبنان والسعودية ودول خليجية أخرى، جراء تصريح له قبل توليه الوزارة حول حرب اليمن. وأكد ميقاتي أن "لبنان دولة مستقلة، ولا أعترف بوجود نفوذ إيراني فيها، وحزب الله هو حزب سياسي موجود على الساحة اللبنانية". ويبدو أن ميقاتي، الذي ينتظر حتى الآن إشارات سعودية لاستقباله وقبول التعامل مع حكومته، حيث لا يمكن لبلاده تجاوز الانهيار الاقتصادي الوشيك دون دعم مالي خليجي وخاصة من الرياض، مازال مواصلا في مغازلة المملكة، لكن هيمنة حزب الله على الحكومة اللبنانية وسياستها الخارجية تكبلانه. وأكد رئيس الوزراء اللبناني أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يجب أن يبقى في منصبه في الوقت الراهن، على الرغم من التحقيقات في اختلاسات في لبنان والخارج. وقال "خلال الحرب ما بنغير ضباطنا"، مشيرا إلى سلامة، وأضاف أنه سينتظر نتيجة التحقيقات. ونفى سلامة ارتكاب أي مخالفات أو أخذ أي أموال من المال العام. وعن توقف جلسات مجلس الوزراء، رأى ميقاتي أن "هذا الأمر يشكل خللا بنيويا في عمل الحكومة لا يمكن تجاهله أو التغاضي عنه"، مشيرا إلى أنه "سيسعى دائما لعودة انعقاد المجلس وسيعمل بكلّ جهد لإقرار الموازنة العامّة". وأضاف "بما أن مكونا أساسيا لا يحضر الجلسات فلن أدعو إلى انعقاد المجلس". وأكد "لا أقايض عقد مجلس الوزراء بأيّ تسوية غير مقبولة وطنيا ودوليا". وينصب اهتمام حكومة ميقاتي على استئناف محادثات مع صندوق النقد الدولي من أجل صرف مساعدات دولية مطلوبة بشدة. ولم تجتمع الحكومة منذ الثاني عشر من أكتوبر، بسبب خلاف بشأن تحقيق في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي. واشترط حزب الله المدعوم من إيران وحليفته حركة أمل بقيادة بري إقالة القاضي طارق بيطار، الذي يحقق في الانفجار والذي اتهموه بالتحيز، من أجل العودة إلى جلسات مجلس الوزراء. وسعى بيطار إلى استجواب اثنين من كبار أعضاء حركة أمل تم توجيه اتهامات لهما بشأن الانفجار، بالإضافة إلى مجموعة من كبار الساسة والمسؤولين الأمنيين. وتنذر الإطاحة بالقاضي بالمزيد من الإضرار بعلاقة لبنان مع المانحين الغربيين، وكذلك بالأمم المتحدة. وشدد ميقاتي على ضرورة أن تأخذ التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت مجراها القانوني، مجددا الدعوة إلى إبعاد القضاء عن محاولات الاستغلال السياسي. وأعلن رئيس الوزراء اللبناني أنه وقّع مرسوم إجراء الانتخابات البرلمانية في مايو المقبل، وأحاله إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، متوقعا أن يقره الأخير. والاثنين حددت السلطات اللبنانية الخامس عشر من مايو 2022 موعدا لإجراء الانتخابات النيابية، مشيرة إلى أن المغتربين سيدلون بأصواتهم إما يوم السادس وإما الثامن من مايو، حسب البلد الذي يقيمون فيه. وتابع رئيس الوزراء اللبناني "عندما أجد أن استقالتي هي الحل (للأزمة) لن أتأخر ثانية، أما إذا وجدت أنها تساهم في المزيد من الخراب فلن أستقيل أبدا". ويعاني لبنان منذ أكثر من سنتين من أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار القدرة الشرائية.
مشاركة :