توافقت آراء محللَين سياسيَين، على أن لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع وزير الدفاع الإسرائيلي بني غانتس، الثلاثاء، لن ينجم عنه أي اختراق في العملية السياسية المتوقفة، ولن يتجاوز سقف "تحقيق تسهيلات في الجانب الإنساني". وقال المحللان السياسيان في حديثين منفصلين مع وكالة الأناضول، إن التركيبة اليمينية المتطرفة للحكومة والبرلمان في إسرائيل، لا تمنح أي أمل، في إمكانية استئناف عملية السلام. وبينما تقول السلطة الفلسطينية، إن اللقاء كان بمثابة "الفرصة الأخيرة قبل الانفجار" قالت بيان صادر عن مكتب غانتس إن اللقاء بحث "تعزيز التنسيق الأمني ومنع الإرهاب". وقال حسين الشيخ، رئيس هيئة الشؤون المدنية الفلسطينية، الأربعاء، إن لقاء عباس مع الوزير غانتس في بيت الأخير، قرب تل أبيب هو "تحدٍ كبير، والفرصة الأخيرة قبل الانفجار، والدخول في طريق مسدود". وتابع في تغريدة نشرها، على حسابه في تويتر أن اللقاء كان "محاولة جدية جريئة لفتح مسار سياسي يرتكز على الشرعية الدولية، ويضع حدا للممارسات التصعيدية ضد الشعب الفلسطيني". في المقابل، خلا بيان مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، من أي إشارة تفيد بأن الاجتماع بحث قضايا سياسية، حيث قال إن اللقاء ناقش "مختلف القضايا الأمنية والمدنية". وأضاف البيان: "استمر الاجتماع قرابة ساعتين ونصف الساعة، وأبلغ وزير الدفاع رئيس السلطة نيته مواصلة تعزيز إجراءات بناء الثقة، وأكد الوزير الاهتمام المشترك في تعزيز التنسيق الأمني والحفاظ على الاستقرار الأمني ومنع الإرهاب والعنف". **الاقتصاد على حساب السياسة ويقول الدكتور أيمن يوسف، المحاضر بالجامعة العربية الأمريكية، بمدينة جنين، إن الرواية الفلسطينية (حول بحث قضايا سياسية في الاجتماع)، لن تجد صداها عمليا على الأرض. وأضاف أن أي تفكير فلسطيني في الذهاب باتجاه فتح أفق سياسي، لن يكون مجديا "كون الحكومة الإسرائيلية الحالية، خليط من الأحزاب المتناقضة، وغير القادرة على اتخاذ قرار الذهاب باتجاه فتح آفاق عملية تفاوضية جديدة". وتسيطر أحزاب اليمين المتطرف، على الحياة السياسية في إسرائيل، رغم خلافاتها العميقة، وتُشكل أغلبية داخل البرلمان، على حساب أحزاب الوسط واليسار التي ضعفت كثيرا خلال العقد الأخير. وتابع الأكاديمي والمحلل الفلسطيني أن حكومة إسرائيل الحالية "تلعب على كل الأوتار: تفتح خط تواصل مع حركة فتح، والسلطة بالضفة من خلال بوابة غانتس، وعلاقته الشخصية مع بعض الرموز الفلسطينية، وفي نفس الوقت تفاوض حركة حماس في غزة عبر البوابة المصرية من أجل إحداث اختراقات فيما يتعلق بصفقة تبادل الأسرى". ويرى يوسف أن "إسرائيل في وضعية استراتيجية مريحة جدا، فيما يتعلق بالمتغير الفلسطيني، كونه متغير منقسم على نفسه، وغير موحد". ويشير إلى أن أغلب الملفات التي يجري تداولها حاليا مع الجانب الفلسطيني بالضفة وغزة "ذات جوانب إنسانية واقتصادية، وهذا -حتما- سيكون على حساب الملف السياسي". ويوضح المحلل الفلسطيني أن كل المؤشرات من داخل إسرائيل "تؤكد أن فتح أفق سياسي، ليس أمرا واردا في المدى القريب أو على أجندة الحكومة الإسرائيلية". كذلك يلفت إلى غياب أي خطوات عملية من الإدارة الأمريكية باتجاه الوفاء بتعهداتها للفلسطينيين أو تحريك الملف السياسي. ويضيف: "يبدو من الإشارات التي ترد من واشنطن أن الإدارة الديمقراطية، بزعامة جو بايدن، لا تعطي الملف الفلسطيني أي اهتمام". ويرجّح أن تكون الإدارة الأمريكية "قد رتبت أمورها الإستراتيجية بالمنطقة باتجاه الملف الإيراني، بعيدا على حساب القضية الفلسطينية". وشدد على حاجة الفلسطينيين إلى ترتيب أمورهم الداخلية "في وقت تسعى فيه إسرائيل لتفتيت الحالة الوطنية إلى ملفات إنسانية واقتصادية". **حديث مكرر وانحياز أمريكي بدوره، يعلّق الدكتور سعيد شاهين، أستاذ الإعلام في جامعة الخليل (جنوبي الضفة)، على تصريحات المسؤول الفلسطيني حسين الشيخ، بأن اللقاء مثّل "الفرصة الأخيرة قبل الانفجار"، بالقول إنه "مكرر وسبق وسمعناه، وكان أشبه بفقاعات". وأضاف شاهين لوكالة الأناضول أن الواقع على الأرض "يفرضه الاحتلال منفردا من خلال المستوطنين والجيش، في وقت لا يرتقي فيه تفاعل السلطة إلى حجم الانتهاكات واعتداءات المستوطنين على الشعب الفلسطيني". وتابع شاهين أن الحكومة الإسرائيلية الحالية "لا تختلف عن سابقها سوى بزيادة مستوى التطرف والجنوح نحو الاستيطان، والمزيد من ضم الأراضي". ولا يرى المحلل الفلسطيني في الوقت الحالي فرصة لفتح أفق سياسي، أفضل مما كان عليه الوضع في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. ويقول شاهين إن إدارة الولايات المتحدة لملف الصراع "منحازة لإسرائيل التي تواصل الاستيطان وضم الأراضي دون أن تحرك ساكنا". وهنا يشير إلى "تلكؤ الإدارة الأمريكية في تنفيذ وعدها بإعادة فتح قنصليتها في شرقي القدس (أغلقها ترامب عام 2018)" . **الفصائل ترفض القرار ورفضت فصائل فلسطينية، في بيانات منفصلة، الأربعاء، لقاء عباس-غانتس، واعتبرته بمثابة "خروج عن حالة الإجماع الوطني". وقالت حركة "حماس" إن اللقاء "يستفز الشعب الذي يتعرّض يوميا لحصار ظالم بغزة، وتصعيد عدواني يستهدف أرضهم وحقوقهم الوطنية والمقدّسات في الضفة والقدس". بينما قالت حركة "الجهاد الإسلامي" إن اللقاء "يأتي في وقت يتعرض فيه شعبنا للهجمات الإرهابية التي يقودها اليمين الإسرائيلي المتطرف، وينفّذها الجيش بتعليمات من غانتس". كما عبّرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عن رفضها لهذا اللقاء كونه "يتعاكس مع المواقف والمطالب الوطنية". ويعتبر هذا اللقاء الثاني بين عباس وغانتس، حيث سبق أن التقيا يوم 30 أغسطس/آب الماضي في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة. وآنذاك، قالت الحكومة الإسرائيلية، إن اللقاء، بحث قضايا أمنية، ولم يتطرق لأي قضايا سياسية. وتوقفت المباحثات السياسية بين الفلسطينيين وإسرائيل، منذ عام 2014، جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان، وعدم قبولها بمبدأ "حل الدولتين". الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :