أعلنت «جبهة النصرة»، المنضوية في غرفة عمليات «جيش الفتح»، تمكن مقاتلي الأخير ليل أول من أمس، من قتل وأسر كثير من عناصر حزب الله اللبناني خلال المعارك الحالية في ريف محافظة حلب الجنوبي بشمال سوريا. الجبهة نشرت على موقعها الرسمي على «تويتر» صور الأسرى اللبنانيين وهم: موسى كوراني وحسن نزيه طه ومحمد مهدي شعيب. وبدا على المقاتلين الثلاثة آثار جروح ودماء على وجوههم، إلى جانب عرض شعارات دينية عادة ما يرتديها مقاتلو الحزب أثناء القتال. وبعد ساعات قليلة على إعلان أسر المقاتلين، نُشر شريط فيديو مدّته دقيقتان ونصف، يتضمّن اعترافات للأسرى الثلاثة بالصوت والصورة. ولقد عرّف الأول عن نفسه بأنه محمد مهدي شعيب من جنوب لبنان، وقال في الشريط: «جبهات ريف حلب الجنوبي مقسّمة بين مقاتلين عراقيين ولبنانيين وأفغان بقيادة قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، مع وجود قليل جدًا وغير فعال لعناصر الجيش السوري». وكشف أنه «يتقاضي مبلغ 700 دولار أميركي شهريًا مقابل القتال في سوريا». أمّا الأسير الثاني الذي يظهر مستلقيًا وملفوفًا ببطانية، فعرّف عن نفسه باسم حسن نزيه طه من منطقة بعلبك - الهرمل (البقاع اللبناني)، وأشار إلى أن «جيش النظام السوري لا يشارك في معارك ريف حلب الجنوبي، والعمليات تجري هناك بقيادة قاسم سليماني». وأضاف: «المقاتلون على الأرض هم إيرانيون وعراقيون وأفغان وحزب الله، وكل منهم لديه مهمة لكن القيادة مرتبطة بالإيرانيين». وإذ لفت إلى عدم مشاهدته جنودًا للنظام السوري، أوضح أن القيادة للإيرانيين التي لا ينازعهم عليها أحد، بينما حزب الله والأفغان والعراقيون يقاتلون على الأرض. وأوضح أن إجمالي راتبه الشهري هو 600 دولار أميركي. هذا، وتبدو إصابة العنصر الثالث الأكثر خطورة، إذ بدا يتنفس بصعوبة أثناء الحديث، وقال: «اسمي موسى كوراني من بلدة ياطر (بقضاء بنت جبيل) في جنوب لبنان، لدي أربعة أطفال، لقد طلب مني حسن نصر الله (أمين عام حزب الله) أن آتي للقتال هنا، وهو حشد قواته كلها من أجل تحرير ريف حلب الجنوبي، والدخول إلى بلدة الفوعة (الشيعية)»، مضيفًا: «أثناء قيامي بإحدى المهمات وقعت في كمين وتم أسري». رغم أن هذه العملية لن تغيّر كثيرًا في مجرى الأحداث على الأرض، فإنها برهنت بحسب المحللين على قدرة مقاتلي المعارضة على الالتفاف على خطوط قتال حزب الله والمقاتلين الإيرانيين وتوجيه ضربات موجعة لهم. ورأى المحلل العسكري السوري عبد الناصر العايد، أن «عملية الأسر تدلّ على أن المعارك التي تخوضها إيران وحزب الله والميليشيات العراقية والأفغانية، هي حرب طائفية مذهبية بامتياز»، مؤكدًا أن «كثافة المقاتلين الإيرانيين وميليشيات حزب الله اللبنانية ستؤدّي حتمًا إلى سقوط أعداد كبيرة من هؤلاء بين قتيل وجريح وأسير». وأوضح العايد في تصريح أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية أسر هؤلاء العناصر، تدلّ على أن طريقة التعبئة لم تعد مدروسة كما يُعرف عن حزب الله، وقد يعود ذلك إلى إنهاكه في الحرب السورية والخسائر الكبيرة التي تكبدها». وأردف «هذه العملية دليل على أنهم يأتون (حزب الله) بمقاتلين من الصف الثاني والثالث، الذين لا خبرة قوية لديهم في القتال فيتعرضون للقتل أو الأسر»، لافتًا في الوقت نفسه إلى «قدرة مقاتلي جيش الفتح على نصب الكمائن وعمليات الالتفاف على الخطوط الخلفية لحزب الله والإيرانيين أيضًا». ولم يجد العايد في هذه العملية إلا «دليلاً على أن حزب الله والإيرانيين يخوضون حربًا ضد الشعب السوري، وتدحض مزاعمهم بأن من يقاتلهم في سوريا غير سوريين»، مؤكدًا أن «إيران تخوض في سوريا حربًا طائفية ومذهبية». ودعا المشاركين في مؤتمر فيينا الذين يصرون على تعريف التنظيمات الإرهابية، إلى «وضع الفصائل الشيعية التي تقاتل في سوريا على قائمة التنظيمات الإرهابية لأنها لا تختلف عن (داعش)». وعما إذا كانت عملية الأسر هذه قد تغير في مجرى المعركة أو تدفع حزب الله إلى التراجع، قال العايد: «من الصعب جدًا أن تؤدي هذه العملية إلى لي ذراع إيران وحزب الله أو إحراجهم، فهم يخوضون حربًا عقائدية، ولا يمكن أن يتوقفوا عند حياة أسرى أو خسارة آلاف المقاتلين». من جانبه، لم يعلّق حزب الله على عملية الأسر، لأنه يتحفظ عادة عن نشر أخبار تتعلق بقتاله في سوريا. وكان الحزب قد أعلن في وقت سابق إنجاز عملية تبادل مع مسلحين في منطقة جبال القلمون السورية على حدود لبنان الشرقية مع سوريا. وتقاطعت مصادر مُتعددة على أن التبادل تم بين «الحزب» و«النصرة» تحديدًا، إذ جرى إطلاق مقاتل واحد للحزب مقابل عدد غير مُحدد من المُقاتلين التابعين لـ«النصرة». وأثارت عملية التبادل الناجحة التي أنجزها الحزب استياءً لدى أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين لدى تنظيمي داعش و«جبهة النصرة»، الذين اتهموا الدولة اللبنانية بالفشل في إنجاز عملية تبادل مع التنظيمين.
مشاركة :