منح مهاجم كولن الفرنسي المخضرم أنطوني موديست الفوز لفريقه بتسجيله هدف المباراة الوحيد في مرمى شتوتغارت قبل نهايتها بدقيقتين في المرحلة السابعة عشرة الأخيرة من دور الذهاب قبل فترة توقف الدوري الألماني لكرة القدم «البوندسليغا» خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة. وبكى موديست على كتف مدرب كولن ستيفن بومغارت في نهاية المباراة وكشف قائلاً: «إنه أمر مؤثر جداً بالنسبة لي، لأني فقدت والدي قبل ثلاث سنوات وتحديداً في ديسمبر (كانون الأول) 2019 وشعرت بأنه معي». والهدف هو الحادي عشر لموديست في الدوري هذا الموسم علماً بأنه سجل ثنائية أيضاً في آخر مباراة لفريقه ضد فولفسبورغ (3 - 2) في المرحلة السادسة عشر. وتألق موديست بشكل لافت خلال مباراة فريقه كولن أمام فولفسبورغ وأحرز هدفين من ضربتي رأس؛ الأول كان واحدا من أسهل الأهداف في مسيرته الكروية وأنهى به فترة قصيرة من الصيام التهديفي، في حين جاء الهدف الثاني من ضربة رأس رائعة في الدقيقة 89 ليهدي فريقه نقاط الفوز الثلاثة وينشر السعادة بين جماهير كولن الزاحفة خلف فريقها لملعب «فولكسفاغن أرينا». وقال المهاجم الفرنسي عن ذلك ضاحكاً: «تكمن قوتي في ضربات الرأس، وليس في قدمي اليمنى أو اليسرى كما رأيت في تلك الحركة». وكان موديست قد أهدر فرصة محققة قبل عشر دقائق من إحرازه الهدف الثاني له والثالث لفريقه لتنتهي المباراة بفوز كولن بثلاثة أهداف مقابل هدفين. وكانت نظرة الحزن التي ظهرت على وجه فلوريان كوهفيلدت، المدير الفني لفولفسبورغ، بعد تلقي هزيمة أخرى، سببها موديست، الذي تعد عودته المذهلة إلى مستواه الرائع وهو في الثالثة والثلاثين من عمره واحدة من أروع قصص النجاح في الدوري الألماني الممتاز هذا الموسم. وتشير الإحصائيات إلى أن المهاجم الفرنسي هو الأكثر تسجيلاً للأهداف بضربات الرأس في البوندسليغا هذا الموسم، كما أنه صاحب أكبر عدد من ضربات الرأس حتى هذه المرحلة من الموسم منذ العملاق يان كولر لاعب بوروسيا دورتموند في موسم 2004 - 2005. وكان موديست غائباً عن التهديف لمدة أربع مباريات قبل مباراة فولفسبورغ على ملعب «فولكسفاغن أرينا»، لكنه بصفة عامة كان يسجل الأهداف بمعدل أسرع مما كان عليه خلال موسم 2016 - 2017 الذي قدم فيه مستويات استثنائية. وأحرز المهاجم الفرنسي 11 هدفا في 17 مباراة لعبها كأساسي مع كولن هذا الموسم، وهو الأمر الذي لم يكن يتخيله أي شخص عندما أعير اللاعب إلى سانت إتيان الفرنسي (الذي لعب له والده الراحل، غاي، أيضاً) الموسم الماضي، أو عندما عاد إلى كولن في الصيف بعد إكمال فترة بائسة في فرنسا تشبه الفترة السيئة التي قضاها مع بلاكبيرن روفرز في عام 2012. ويعود جزء كبير من نجاح المدير الفني ستيفن بومغارت، الذي يتمتع بشعبية كبيرة، في تطوير شكل وأداء الفريق إلى قدرته على مساعدة موديست على تقديم أفضل ما لديه داخل المستطيل الأخضر. وكشف المدير الفني مؤخراً عن بعض التوجيهات التي أعطاها للاعب خلال فترة الإعداد للموسم الجديد، قائلاً: «تحدثنا عما يريد تحقيقه، وعما إذا كان يريد الاسترخاء خلال العامين المقبلين (ما تبقى من عقده في بداية الموسم) أو يتقدم ويحقق النجاح ويستمتع بما يقدمه». وكان رد موديست واضحاً وحاسماً، حيث التزم تماما واستعد نفسيا وبدنيا للقتال تحت قيادة المدير الفني الجديد، بعدما خضع لعملية جراحية في الفك والفخذ. بدأ بومغارت في تحقيق النجاح فيما فشل فيه سلفه ماركوس غيسدول، حيث لم ينجح موديست أبداً تحت قيادة المدير الفني السابق لهوفنهايم. وقال مدافع كولن، رافائيل تشيكوس، عن موديست: «لم أره من قبل وهو يعمل بهذه الجدية وبهذا النشاط». لقد نجح بومغارت، بشخصيته الرائعة وشجاعته التكتيكية، في تغيير شكل نادي كولن بشكل جذري، لكن الشيء المؤكد هو أن كولن لم يكن ليشهد هذه الطفرة الكبيرة في النتائج والأداء لو لم يعد موديست اكتشاف نفسه ويستعيد حاسته التهديفية. لقد أصبح لدى كولن مهاجم رائع لم يكن بمقدوره أن يحصل عليه لو أنفق الكثير من الملايين في سوق انتقالات اللاعبين. ويجب أن نعرف أن الأمر لم يكن سهلاً، وأن العودة لتقديم هذه المستويات في الدوري الألماني الممتاز تعني الكثير والكثير. يعد نادي كولن بمثابة المنزل لموديست، ولهذا السبب عندما بدأ كل شيء في طريقه للانهيار في الصين وأراد ناديه الجديد التملص من صفقته باهظة التكلفة، لم يكن هناك سوى مكان واحد يعود إليه المهاجم الفرنسي وهو نادي كولن. وبعد دخوله في خلاف مع نادي تيانجين غوانجيان الصيني، عاد موديست إلى ألمانيا في أواخر صيف عام 2018 وتدرب مع فريقه السابق قبل أن يوقع على عقد جديد مع النادي في نوفمبر (تشرين الثاني). وبعد شهور من الجدل بين الناديين والاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، تطلب الأمر تدخل رئيس البرلمان الأوروبي السابق مارتن شولتز، مستخدماً علاقاته في الصين لمنحه الفرصة للعب. ونجح موديست في هز الشباك بعد أربع دقائق فقط من أول ظهور له في ولايته الثانية مع كولن، وكان ذلك أمام نادي بادربورن في فبراير (شباط) 2019. وبعد إحراز هذا الهدف، بكى موديست بحرقة، بعدما شعر أن رحيله ربما أدى إلى انهيار العلاقة بينه وبين جمهور النادي الذي يعشقه. وواصل موديست تقديم مستوياته الرائعة وسجل بعض الأهداف المهمة التي ساعدت الفريق على الفوز بلقب دوري الدرجة الثانية والتأهل للبوندسليغا. وإذا كان موديست قد نجح في تحسين العلاقات خارج الملعب، فإن الوضع داخل المستطيل الأخضر كان أكثر صعوبة، حيث تعرض للعديد من الإصابات التي جعلت البعض يشككون في قدرته على تقديم مستويات جيدة مرة أخرى. وقال موديست لصحيفة «بيلد» الألمانية مؤخراً عن معاناته من الإصابة في الفخذ والركبة: «في منتصف أبريل (نيسان)، وصل الأمر لدرجة أنني لم أكن قادراً على المشي بسبب الألم». تواصل موديست مع الجراح جيل ريبول، الذي كان يعرفه ويثق به منذ الفترة التي لعب خلالها بقميص نادي بوردو الفرنسي قبل عقد من الزمان، وأجرى له عملية جراحية في الفخذ. كان موديست قد سجل 25 هدفاً في الدوري الألماني الممتاز في موسم 2016 – 2017، عندما قاد كولن للمشاركة في المسابقات الأوروبية للمرة الأولى منذ جيل كامل، واقتحم موديست وزملاؤه في الفريق المؤتمر الصحافي للمدير الفني بيتر ستوغر للاحتفال بالفوز الهام على ماينز في الجولة الأخيرة من الموسم، وهو الفوز الذي ضمن لهم اللعب في البطولات الأوروبية. وبعد ذلك، انتقل موديست إلى الصين، ومنذ اللحظة التي تعرض فيها اللاعب لانتقادات شديدة بسبب تلك الخطوة من قبل المدير الرياضي لكولن آنذاك (والمدير الرياضي الحالي لفولفسبورغ) يورغ شمادتك، لم تسر الأمور على ما يرام، سواء بالنسبة لموديست أو كولن، حيث أقيل ستوغر من منصبه قبل فترة أعياد الميلاد، وهبط كولن لدوري الدرجة الأولى، وتراجع مستوى موديست بشكل كبير ودخل في صراع مع ناديه الصيني. لكن الآن عاد موديست للتألق مرة أخرى، وأصبح معشوقا لجماهير كولن التي تتغنى الآن باسمه في المدرجات، بل ويوصف الآن بأنه «تأمين الحياة في كولن»، بعد أن أصبح العنصر الأكثر تأثيرا في مباريات الفريق.
مشاركة :