التغير المناخي.. بروسترويكا القرن الحادي والعشرين

  • 12/30/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

«علينا أن نتعلَّم العيش معاً كإخوة أو أن نُفْنَى معاً كحمقى»، مقولة أطلقها، «مارتن لوثركينج جينيور»، في ستينيات القرن الماضي، ربما نسترشد بمضامينها أهمية التعاون الدولي في مواجهة خطر التغير المناخي، فلم يعد الأمر مجرد أرقام في تقارير أكاديمية أو لجان دولية، بل أصبح واقعاً يعايشه العالم بجهاته الأربع كل يوم في حرائق غابات وفيضانات وأعاصير وموجات حر وصقيع غير مألوفة وموجات نزوح، وخسائر بالمليارات، وإرباك جعل الخطر عدواً مشتركاً للبشرية جمعاء. ومثلما كان مصطلح «البروسترويكا» يعني إعادة الهيكلة، فإن العالم الآن وبسبب التغير المناخي بات مضطراً لتغيير وإعادة هيكلة رؤاه السياسية ونهجه الاقتصادي وأدوات إنتاجه وأنماط حياته، بتجنب خطر وجودي يبدد الثروات ويعيد المجتمعات إلى الوراء، ولا مناص من التعاون من خلال الابتكار والعلوم المتقدمة كطوق نجاة أو سفينة نوح جديدة تنقل البشر لبر السلامة. وقبل أيام من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب26) في اسكتلندا، وتحديداً يوم 4 أكتوبر 2021، ومن الفاتيكان ظهرت «وثيقة النداء المشترك» التي وقّع عليها فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مطالباً مع البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وقادة الأديان، بضرورة تقديم حلول ملموسة لإنقاذ الكوكب من أزمة بيئية غير مسبوقة، والعمل نحو تفعيل التضامن بين الدول النامية والدول الأكثر تقدماً للحد من التغير المناخي وتفعيل القيم الأخلاقية المشتركة في الأديان كافة للتصدي لهذه الأزمة. يبقى التعاون هو الحل، فالأمم المتحدة ترى أن هناك حاجة إلى استثمارات كبيرة والتعاون الدولي أمر بالغ الأهمية، لكن منذ أكثر من عقد من الزمان، التزمت البلدان المتقدمة بتقديم دعم بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020 لدعم العمل المناخي في البلدان النامية. قد يبدو الأمر كثيراً ولكن قارن ذلك بالإنفاق العسكري العالمي في عام 2020 والذي قُدر بأقل من تريليوني دولار، أو تريليونات الدولارات التي أنفقتها الدول المتقدمة على الإغاثة المتعلقة بفيروس كورونا لمواطنيها. وحسب تقرير حالة الخدمات المناخية لعام 2020 الصادر عن المنظمة العلمية للأرصاد الجوية، فإن الخمسين عاماً الماضية شهدت 11 ألف كارثة بسبب المناخ تسببت في وفاة مليوني شخص وخسائر بلغت 3.6 تريليون دولار أميركي. وتتواصل التحذيرات من أن استمرار النمط السائد في العالم حالياً، قد يؤدي، بنهاية القرن الحالي، إلى ارتفاع درجة الحرارة بواقع حوالي 4 درجات فوق المعدل المسجل قبل الثورة الصناعية (1750 - 1850)، ما سيفضي إلى كوارث كارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار، وغمر مناطق جزرية وساحلية بكاملها، لذلك جاء نص المادة الثانية في اتفاقية باريس لتغير المناخ، بأن الهدف العالمي ألا يتجاوز ارتفاع درجة الحرارة درجتين مئويتين، بل والعمل على جعل هذا الارتفاع عند حدود 1.5 درجة، توصل بحث جديد نشرته دورية Environmental Research ربيع العام الجاري إلى أن التلوث الناجم عن حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط كان مسؤولاً عن 8.7 مليون حالة وفاة على مستوى العالم في عام 2018، وهو رقم مذهل؛ أي شخص من بين كل خمسة أشخاص ماتوا في ذلك العام، حيث وجدت الدراسة أن أكثر من حالة وفاة واحدة من بين كل 10 في كل من الولايات المتحدة وأوروبا كانت جراء تداعيات التلوث الناتج عن الوقود الأحفوري، إلى جانب ما يقرب من ثلث الوفيات في شرق آسيا، بما في ذلك الصين، كانت معدلات الوفيات في أميركا الجنوبية وأفريقيا أقل بكثير. وحسب تقرير «مراقبة المناخ» الصادر عن معهد الموارد العالمية في واشنطن، فإن القطاع الصناعي يسهم بـ24.2 في المئة من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بينما تبلغ حصة قطاع النقل بجميع أنواعه 16.2 في المئة، والقطاع الزراعي 18.4 في المئة، والمباني السكنية والتجارية 17.5 في المئة. «الأحفوري وأراضي الخث» الدعوة للحد من الانبعاثات تركز بالأساس على انبعاثات الوقود الأحفوري، وضمن هذا الإطار دعا «جوزيه آنخيل غوريا» الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في يناير 2014 إلى تحقيق هدف صفر انبعاثات من الوقود الأحفوري بحلول النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، وتم اقتراح فرض ضريبة على انبعاثات الكربون، وإعادة النظر لدى دولة المنظمة في الدعم المالي السنوي المخصص للوقود الأحفوري الذي يبلغ 90 مليار دولار. ليس الوقود الأحفوري وحده المسؤول، فهناك سوء استخدام ما يسمى بـ«أراضي الخث»، وهي أراضٍ رطبة تنتشر في 180 دولة، وتشكل 3% من مساحة الأرض، وتعتبر بالغة الأهمية لمنع وتخفيف آثار تغير المناخ، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتقليل مخاطر الفيضانات، وضمان مياه الشرب الآمنة، لكن سوء استخدامها وتغيير طبيعتها ينتج عنها الآن 5 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجم عن الاستخدام البشري في العالم، وإذا كانت هذه الأراضي دولة، فإنها تحتل الترتيب الخامس كأكبر مَصدر للانبعاثات في العالم، بعد (الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند). وسابقاً كان يُساء استخدام هذا النوع من الأراضي في أوروبا، الآن باتت الدول النامية مثل إندونيسيا وماليزيا، تكرر السيناريو ذاته. من التحديات إلى الفرص العالم أمام تحدٍ كبير، يدفع نحو خطوات عملية وسياسات قابلة للتطبيق على الأطر الوطنية والإقليمية والدولية. الاحترار العالي يتصاعد منذ منتصف القرن التاسع عشر، جراء ارتفاع معدلات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وثاني أكسيد الكربون، والميثان - وأكسيد النيتروز». وعندما يتحرك العالم لمواجهة هذا لخطر المشترك، تتفاعل فرص جديدة للنمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل جديدة في قطاعات واعدة كالطاقة المتجددة، فثمة توقعات بأن تسهم بـ42 مليون فرصة عمل بحلول عام 2050. صرخة العلماء إعادة هيكلة الاقتصاد ليصبح أكثر مراعاة لتحديات التغير المناخي تحتاج وعياً تحمل مسؤوليته الأدبية العلماء والمتخصصون، وضمن هذا الإطار، وتحديداً في نوفمبر 2019 وصف مجموعة من علماء البيئة الأزمة بحالة طوارئ مناخية ضمن دراسة نشرتها مجلة «Bio-Science»، وأعدّها عَالِم البيئة بيل ريبل وبمشاركة كريستوفر وولف من جامعة ولاية أوريجون، وويليام موماو من جامعة تافتس، وباحثون من أستراليا وجنوب أفريقيا. الدراسة طرحت حلولاً، أو بالأحرى أولويات، من بينها الحد السريع من انبعاث الملوثات المناخية قصيرة العمر مثل الميثان والسُخام، والتحول في اتجاه الأطعمة النباتية، وإرساء ممارسات زراعية تزيد من كمية الكربون التي تمتصها التربة. الدراسة طالبت أيضاً بحماية التنوع البيولوجي ووقف تدمير الغابات - وإعطاء الأولوية للغابات التي تخزن الكربون - جنباً إلى جنب مع الأراضي الأخرى القادرة على دفن الكربون بسرعة ومن ثم تقليل الاحتباس الحراري. (الدراسة- الصرخة) وقع عليها في البداية 11258 عالماً من 153 دولة، والآن ازداد عدد الموقعين ليزيد على 14 ألف عالِم، مفردات بسيطة طرحتها الدراسة عندما أشارت إلى محور المشكلة 40 عاماً من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والنمو السكاني وزيادة حصة الفرد من استهلاك اللحوم وفقدان الغطاء الشجري العالمي، والنتيجة زيادة درجات الحرارة وارتفاع درجات حرارة المحيطات. الدراسة طالبت بتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة ووقف استخدام الوقود الأحفوري لصالح مصادر الطاقة المتجددة. الإمارات: خطوات عملية مبكرة جهود الإمارات في مواجهة التغير المناخي تنبع أساساً من حرصها على البيئة وضمان الحفاظ عليها، حيث انضمت عام 1989 لاتفاقية فينيا لحماية طبقة الأوزون وبروتوكول مونتريال، وانضمت عام 1995 إلى الاتفاقية الإطارية بشأن المناخ، ففي قمة الأرض الثانية بجنوب أفريقيا عام 2002، طرحت الإمارات «مبادرة أبوظبي الدولية لجمع وتحليل البيانات البيئة»، ووقعت على بروتوكول كيوتو عام 2005، وأطلقت دبي في مارس 2021 «دي إم سات-1» كأول قمر اصطناعي نانومتري بيئي يحمل مجموعة من أحدث أجهزة الرصد البيئي في العالم. الإمارات أول دولة في منطقة مجلس التعاون الخليجي توقع وتصدق على اتفاقية باريس المعنية بمواجهة الغير المناخي، وأول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تلتزم بخفض الانبعاثات على مستوى الاقتصاد، ولدى الإمارات استراتيجية لخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2050، حيث تم استثمار 600 مليار درهم (163.37 دولار) في مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في العقود الثلاثة المقبلة. وأثناء مشاركته في قمة COP26 أوضح معالي الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص للإمارات للتغير المناخي أن «دولة الإمارات تعهدت عند انتخابها لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022 – 2023 بأن يكون العمل المناخي أولوية رئيسية لها. وأكد أن وفاء الدول المتقدمة بتعهدها لتوفير 100 مليار دولار من أجل دعم العمل المناخي في البلدان النامية سيكون له دور كبير في الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها، يضاف إلى ذلك ضرورة خلق منظومة استثمارية لدعم النمو المستدام». وخلال انعقاد مؤتمر الأطراف «COP26»، أعلنت الإمارات العربية المتحدة والوكالة الدولية لطاقة المتجددة (آيرينا)، ومقرها أبوظبي، عن إطلاق منصة تسريع عملية التحول للطاقة المتجددة، وهي تمويل عالمي جديد يهدف إلى تسريع وتيرة التحول إلى الطاقة المتجددة في البلدان النامية. وتعهدت دولة الإمارات بتقديم 400 مليون دولار من خلال «صندوق أبوظبي للتنمية» لدعم المنصة في جمع تمويل لا يقل عن مليار دولار. الصفقة الأكبر منذ 27 عاماً إنها أكبر صفقة للطاقة والمياه بين إسرائيل والأردن منذ أن توصل البلدان الجاران إلى السلام قبل 27 عاماً. واقع الأردن وإسرائيل يعكس شحاً في الطاقة والمياه، فالمملكة الأردنية الهاشمية تحتل المرتبة الثانية على مستوى العالم كأكثر دولة تعاني من شح المياه، حيث تبلغ حصة الفرد السنوية من الموارد المتجددة للمياه 80 متراً مكعباً فقط وهي أقل بكثير من النسبة المحددة بـ 500 متر مكعب للفرد والتي تكشف عن شح شديد في المياه. أما إسرائيل، فتسعى إلى توفير 30% من احتياجاتها للطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، بزيادة 17% عن الهدف الذي حددته سابقاً، حيث تتطلع إلى الوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية في قطاع الطاقة بحلول عام 2050. الصفقة تعكس اهتماماً عالمياً مكثفاً على تخفيف تداعيات التغير المناخي بالحد من انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم، فالتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أولوية للدول الساعية إلى الحياد الكربوني. تحلية مياه البحر جزء من استراتيجية إسرائيل لتطوير مواردها المائية، من خلال تحسينات في التكنولوجيا وخفض التكاليف، وأصحبت قادرة الآن على تلبية 80% من استخدامها المنزلي للمياه من تحلية المياه الساحلية. وتمتلك إسرائيل حالياً 5 محطات نشطة لتحلية مياه البحر قادرة على إنتاج 585 مليون متر مكعب سنوياً مع وجود محطتين أخريين قيد التطوير. وتحت عنوان «استكشاف جدوى صفقة الطاقة والمياه بين الأردن وإسرائيل»، أعد محمد محمود مدير برنامج المناخ والمياه وزميل أول بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن، دراسة نشرها المعهد يوم 16 ديسمبر الجاري، استنتج خلالها أن اتجاه إسرائيل نحو توسيع شبكة تحلية المياه (الساحلية والقليلة الملوحة)، سيؤدي إلى زيادة احتياجات إسرائيل من الطاقة أيضاً، واستنتج أنه في ضوء تعهد إسرائيل بانبعاثات صفرية من غازات الدفيئة بحلول 2050، فإن الحصول على الطاقة المتجددة من منشأة توليد الطاقة الشمسية المقترحة في الأردن توفر حافزاً مغرياً لإسرائيل للمشاركة مع جارتها في الصفقة التي توسطت فيها الإمارات. وتعليقاً على الإعلان، قال سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي: «إن تغير المناخ يفرض تبعات سلبية عديدة على دول ومجتمعات منطقة الشرق الأوسط.. وفيما تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر المناخ COP28، يؤكد هذا الإعلان المهم حرص دول المنطقة على العمل معاً من أجل تعزيز أمن الطاقة وأمن المياه وبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع». ندرك أن تقنيتنا الحالية وحدها لن تقودنا إلى حيث نريد أن نكون. لذلك، يجب أن يكون أيضاً عقداً حاسماً للابتكار: تطوير وإثبات وتسويق تقنيات الطاقة النظيفة الجديدة بحلول عام 2030 حتى نتمكن من ذلك - يمكن نشرها على نطاق واسع في الوقت المناسب لتحقيق أهدافنا الصافية لعام 2050. الابتكار هو الحل أكد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال كلمته الموجهة إلى المشاركين في قمة «كوب26» أهمية الابتكار التقني لتحقيق الحياد الكربوني في 2050، وضمن هذا الإطار، نوّه بايدن إلى الهيدروجين النظيف، وتخزين الطاقة طويل الأمد، ومصادر الطاقة المتجددة من الجيل التالي والطاقة النووية، واحتجاز الكربون، والزراعة المستدامة، وغير ذلك الكثير. ودعا بايدن إلى أن يكون العقد الحالي عقداً حاسماً للابتكار.. وخلال القمة تطرق بايدن إلى «تحالف المحركون الأوائل»، الذي أطلقته الولايات المتحدة والمنتدى الاقتصادي العالمي، تحالف بدأ بأكثر من عشرين شركة من أكبر الشركات وأكثرها ابتكاراً في العالم، ويمثل 8 قطاعات رئيسية تشكل 30 في المائة من الانبعاثات العالمية: الصلب والشحن والألمنيوم والخرسانة والشاحنات والطيران والمواد الكيميائية والتقاط الهواء المباشر، وهذه الشركات شركاء مهمون في الضغط من أجل بدائل مجدية تجارياً لإزالة الكربون من القطاعات الصناعية. الإمارات والتعاون في الهيدروجين عندما استضافت أسكتلندا في جلاسكو الدورة السادسة والعشرين من مؤتمر الأطراف «كوب 26»، ظهرت حافلات بطابقين تعمل بالهيدروجين الأخضر، الذي يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلاتٍ تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية. وهذه الحافلات استخدمها المنظمون في استقبال الوفود المشاركة في المؤتمر، لدى أسكتلندا أول محطة للحافلات في العالم تعمل بالهيدروجين الأخضر، بما يمكن اعتباره مؤشراً قوياً على خطوة إيجابية في سبيل الحد من الانبعاثات في مجال النقل التي تبلغ يسهم بـ23 في المئة من إجمالي الانبعاثات المرتبطة باستهلاك الطاقة في العالم، ويمكن أن تزداد النسبة لتبلغ 30 في المئة خلال العِقد المقبل، إذا لم يتم تغيير تقنيات النقل. كما تسارع العديد من شركات السيارات لإعادة تجهيز مصانعها لإنتاج سيارات تعمل بالبطاريات، وضمن هذا الإطار أعلنت شركة تويوتا أنها تخصص 70 مليار دولار لتقديم 30 طرازاً من السيارات الكهربائية بحلول 2030. في 12 يوليو 2021 انضمت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) إلى «مجلس الهيدروجين»، المنظمة الدولية التي تهدف إلى تسريع اعتماد استخدامات الهيدروجين كأحد الحلول الرئيسية لمواكبة التحول في قطاع الطاقة، للاستفادة من الإمكانات الواعدة التي يوفرها الهيدروجين وأنواع الوقود الحاملة له كمصادر جديدة للطاقة منخفضة الكربون. المنظمة تضم أعضاء من أكثر من 100 شركة تنتمي إلى 20 دولة، ومن المتوقع أن يمثل الهيدروجين ما يصل إلى 18% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050، وتتجه أكثر من 30 دولة نحو استخدام الهيدروجين. ويشير جيف كاربيك في Scientific American المجلة العلمية الأميركية الشهيرة، التي تنشر منذ عام 1845 للعديد من العلماء المشهورين، بمن فيهم ألبرت أينشتاين، إلى أن مجموعة Energy Transitions Commission -وهي ائتلاف يضمُّ عدداً من شركات الطاقة- توصلت إلى قناعة بأن الهيدروجين الأخضر يُعَد واحدةً من أربع تقنيات ضرورية لتحقيق هدف «اتفاق باريس للمناخ»، المتمثل في تقليل ما يزيد على 10 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً في القطاعات الصناعية التي تشكل التحدي الأكبر في هذا المجال: التعدين، والتشييد والبناء، والصناعات الكيماوية. ويلفت باركيك الانتباه إلى أن دولاً كثيرة لديها استثمارات في هذه التكنولوجيا، لا سيما التي تتوافر لها طاقة متجددة قليلة التكلفة كأستراليا، التي تسعى إلى تصدير الهيدروجين المزمع إنتاجه عبر استغلال ما يتوافر لديها من طاقة شمسية وطاقة الرياح، في حين تخطط تشيلي لإنتاج الهيدروجين في المناطق القاحلة الواقعة في شمال البلاد، الغنية بالكهرباء المُوَلَّدة باستخدام الطاقة الشمسية. وأما الصين، فتعتزم إطلاق مليون مركبة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين بحلول عام 2030». مشروعات الهيدروجين تحظى باهتمام كبير في كوريا الجنوبية والنرويج والولايات المتحدة الأميركية، حيث تُبذل جهود حثيثة في ولاية كاليفورنيا من أجل استبعاد الحافلات التي تُدار بالوقود الأحفوري بحلول عام 2040. ومن جهتها، نشرت المفوضية الأوروبية مؤخراً خطة إنتاج الهيدروجين لعام 2030، التي تدعو فيها إلى زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين لتصل إلى 500 جيجاوات بحلول عام 2050 (علماً بأن القدرات الحالية لا تزيد على 0.1 جيجاوات)، ما جعل مؤسسة الخدمات المالية العالمية «جولدمان ساكس»، تتوقع، مطلع 2021 بلوغ حجم استثمارات الهيدروجين الأخضر 12 تريليون دولار بحلول عام 2050. من شأن أساليب التكنولوجيا الحالية، كتلك المستخدمة في إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، أن تَحُدَّ من الاعتماد على الكربون في قطاع الطاقة بنسبة تصل إلى نحو 85%، عبر إحلال الكهرباء النظيفة محل كلٍّ من الغاز والفحم. وضمن هذا الإطار وقعت الإمارات في 3 نوفمبر الماضي اتفاقية تعاون مع حكومة ألمانيا الاتحادية، لإطلاق برنامج موسع يشمل تشكيل فريق عمل بين الجانبين في مجال الهيدروجين الأخضر والوقود الصناعي، تعزيزاً لطموحات البلدين في إنتاج الطاقة النظيفة ودعم اتفاقية باريس للتغير المناخي. وفي 4 نوفمبر 2021 أعلنت الإمارات خريطة طريق لتحقيق الريادة في مجال الهيدروجين من أجل تحقيق الحياد المناخي بصناعات محلية منخفضة الكربون، خاصة أن الإمارات أعلنت استراتيجيتها للحياد المناخي بحلول عام 2050، وهي المبادرة الأولى من نوعها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتتوافق مع اتفاقية باريس للتغير المناخي، وتم الإعلان عنها إثناء «كوب26» في جلاسكو. التحول نحو الاقتصاد الأخضر البروسترويكا المطلوبة لمجابهة تحديات التغير المناخي، دفعت للاهتمام بما يسمى «الاقتصاد الأخضر»، الذي يعرف بـ النمو الاقتصادي الذي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة مع مراعاة الحد من المخاطر البيئية، ويقول مركز المستقبل في العدد الأول من إصداره المنشور في أكتوبر 2021، والمعنون بـ«ملفات إكسبو»، إن دولاً مثل الإمارات والسعودية والأردن ومصر والمغرب وتونس والجزائر، اهتمت بدرجات متفاوتة بالاقتصاد الأخضر، فالإمارات استضافت «الحوار الإقليمي للتغير المناخي» في 4 أبريل 2021، وتبنت «استراتيجية التنمية الخضراء»، وكانت الإمارات سباقة في الإعلان منذ عام 2013 عن مبادرة «اقتصاد أخضر»، وأكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اعتماد بلاده على الطاقة النظيفة بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030، كما أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، إضافة إلى «رؤية 2030»، وفي 25 مارس 2021 أكدت الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة السعودية في واشنطن، خلال انعقاد منتدى الأعمال السعودي- الأميركي «اتجاه المملكة نحو الطاقة النظيفة الخضراء والمساهمة بشكل إيجابي في المعركة العالمية ضد تغير المناخ»، وتوفير 750 ألف فرصة عمل في قطاع الطاقة النظيفة، إضافة إلى صندوق سعودي للاستثمار في الهيدروجين، وخطط لتدشين مصنع للهيدروجين الأخضر واستخدامه في تشغيل 20 ألف حافلة. وفي مصر، تم تعزيز مفهوم الاقتصاد الأخضر في برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتلقت تونس استثمارات إيطالية في قطاع الطاقة المتجددة. 42 عاماً من التعاون وبالعودة إلى مقولة مارتن لوثر كينج، فإن العيش معاً كإخوة يتطلب تعاوناً في مواجهة التغير المناخي، ضمن جهود دولية متراكمة، بدأت منذ عام 1980 بإنشاء البرنامج العالمي لأبحاث المناخ كثمرة للتعاون بين المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في جنيف والمجلس الدولي للاتحادات العلمية في باريس، ما أعطى زخماً لعلوم المناخ خاصة المرتبطة بالغلاف الجوي والمحيطات. وتواصل الجهد الدولي عبر محطات متتالية بدأت في نوفمبر 1988 بإنشاء الفريق الحكومي المعني بتغير المناخي IPCC. وفي يونيو 1992 بدأ المجتمع الدولي مكافحة تغير المناخ في قمة الأرض الأولى بريو دي جانيرو، آنذاك وقعت 166 دولة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. أهمية القمة تكمن في أنها أقرت بدور البشرية في ظاهرة الاحتباس الحراري. وفي ديسمبر 2009 أنجز مؤتمر كوبنهاجن لتغير المناخ خطوة مهمة تمثلت في تحديد درجات الحرارة التي لا يجب أن يتخطاها الاحتباس الحراري، وتم الاتفاق على سقف درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية، وفي ديسمبر 2010، وبمدينة كانكون المكسيكية، انعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، اتفقت الأطراف على إنشاء «صندوق المناخ الأخضر»، لمساعدة الدول النامية بما قيمته 100 مليار دولار سنوياً اعتباراً من عام 2020، من أجل أن تتبنى هذه الدول مبادرات لمكافحة تغير المناخ وإزالة الغابات.. مبادرات دولية بطموحات كبيرة، لكن الوعود لن تتحقق، والواقع لايزال دون الطموح، فالدول الأقل تقدماً تتلقى- حسب تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة 14% من إجمالي تدفق التمويل المناخي، بينما تحصل الدول الجزرية الصغرى على 2%، وهذه الدول هي الأكثر تضرراً من تداعيات التغير المناخي. وفي كل عام، يجتمع مندوبو الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وعددها 197 دولة، من أجل البحث عن حلول ومراجعة الالتزامات والسعي لسد ما يستجد من ثغرات، استناداً إلى الواقع. وفي 2015 كانت اتفاقية باريس للمناخ نتاجاً لقمة (كوب21)، واتسمت بأفق كبير كدعم الدول النامية ونقل التكنولوجيا وتأكيد دور المدن والشركات والأفراد لضمان التحول الإيجابي في مواجهة التغير المناخي. وفي عام 2019 لعبت «الهيئة الحكومية الدولية لتغير المناخ» دوراً في تحفيز الجهود التطوعية من الدول للحد من التغير المناخي، من خلال 3 تقارير في عام واحد حذرت خلالها من عواقب الاحترار وخطره على المحيطات والغلاف الجوي والكتل الجليدية في القطبين. أوروبا و«الحياد الكربوني» وفي ديسمبر 2019 كان الاتحاد الأوروبي سبّاقاً في طرح ما يعرف بـ«الصفقة الخضراء» لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام2050، بحيث لا يكون إجمالي ما ينتجه من غازات الاحتباس الحراري أكثر مما يمكنه امتصاصه (المعروف باسم «صافي الانبعاثات الصفرية»). بعد وقت قصير من الإعلان عن الصفقة، قطعت الصين تعهداً مشابهاً بأن تكون الانبعاثات «ذروة» قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. وعادت الولايات المتحدة، التي انسحبت من الجهود الدولية في ظل رئاسة دونالد ترامب، إلى المسرح العالمي في أوائل عام 2021 بعد انتخاب جو بايدن بخطط جديدة تركز على التغير المناخي لخطر يهدد أمن الولايات المتحدة القومي وبات في قلب سياستها الخارجية. باسكال بونيفاس: مواقف أوروبية مشتركة تجاه المناخ أكد الباحث الفرنسي باسكال بونيفاس، مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، أن أوروبا تريد أن تكون في الريادة في مكافحة الاحترار المناخي، وتؤكد أنها من بين الدول الصناعية الأكثر ثباتاً حول هذا الموضوع منذ بروتوكول كيوتو. ولدى أوروبا مواقف مشتركة بخصوص هذا الموضوع. وتشير إلى أنها تنتج قدراً أقل من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري مقارنة مع الصين أو الولايات المتحدة. وقد وافقت على تقليص انبعاثاتها أكثر والتزمت بإنفاق 25 مليار دولار من أجل مساعدة البلدان النامية على تحقيق التحول في مجال الطاقة، من أصل مئة مليار دولار التي اعتُبرت ضرورية خلال قمة باريس عام 2015. وإذا كانت ألمانيا في عهد المستشارة أنجيلا ميركل قد وضعت حداً لإنتاج الطاقة النووية، ما أدى إلى زيادة اللجوء إلى الفحم، فإن الائتلاف الحاكم حالياً في ألمانيا قرر وضع حد للجوء إلى الفحم بحلول 2030. وفي ما يتعلق بالاحترار المناخي، يمكن القول إن البلدان الأوروبية تجد مواقف مشتركة بسهولة عموماً. حوار صيني- أميركي عادة ما يطفو الصراع والتنافس بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لكن فرضت التحديات المناخية حواراً في 15 و16 أبريل 2021 بين المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ جون كيري والمبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ شيه زينهوا في شنغهاي، وكانت النتيجة بيان مشترك نَصّ على «التزام الولايات المتحدة والصين بالتعاون مع بعضهما البعض ومع الدول الأخرى لمعالجة أزمة المناخ، التي يجب معالجتها بالجدية والإلحاح اللذين تتطلبهما. وهذا يشمل تعزيز إجراءات كل منهما والتعاون في العمليات المتعددة الأطراف، بما في ذلك اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس. يتذكر كلا البلدين مساهمتهما التاريخية في تطوير واعتماد وتوقيع وبدء نفاذ اتفاق باريس من خلال قيادتهما وتعاونهما». الصين في (كوب26).. إجراءات مشتركة لمواجهة تحديات المناخ ويشير زيكون وان، الصحفي بـ«مجموعة الصين للإعلام»، إلى أن الصين تبدي اهتماماً كبيراً وعلى جميع المستويات لمسألة التغير المناخي، وخلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب26)، أدلى الرئيس الصيني شي جين بينغ بتصريحات مهمة من خلال بيان مكتوب لقمة قادة العالم طالب خلالها جميع الأطراف بوجود اتخاذ إجراءات مشتركة للتصدي لتحديات المناخ، وقدم مقترحاً مكوناً من ثلاثة محاور للتصدي لتحدي المناخ، يشمل التمسك بالتوافق متعدد الأطراف، والتركيز على الأفعال الملموسة، وتسريع التحول الأخضر، وهذا يثبت أن الصين تعمل مع جميع الشركاء بما فيهم الولايات المتحدة والدول الآسيوية لمواجهة هذا الخطر العالمي. وقبل قمة «كوب26» بأيام قليلة، قدمت الصين خطة عمل للوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل 2030 وبحلول عام 2030، ستكون حصة استهلاك الطاقة غير الأحفورية حوالي 25 في المائة، بينما ستنخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 65 في المائة مقارنة بالمستوى المسجل في عام 2005، ومن يلاحظ مستويات التنمية الخضراء سيجد بأن الصين من أكثر الدول في العالم التي تدعم التحول الأخضر، وتقود الجهود الدولية من حيث الاختراعات والصناعات المتعلقة بأنظمة الطاقة المستدامة من أجل توفير بدائل فعالة لحماية البيئة. الانبعاثات والزراعة الزراعة جزء رئيسي من تحدي تغير المناخ الذي يواجه العالم لأنها تساهم بنحو 18.4 في المائة من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما أن الأمن الغذائي في خطر، حيث إن تزايد عدد سكان العالم أصبح يعتمد بشكل متزايد على إنتاج الغذاء الذي يتأثر بالمناخ. تستورد دول مجلس التعاون الخليجي ما بين 80 في المائة و90 في المائة من احتياجاتها الغذائية، وفقاً لمركز الأبحاث البريطاني تشاتام هاوس، حيث يمثل تحسين الأمن الغذائي أولوية قصوى لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد عربي. وحسب موقع «مبادرة مخاطر الاستثمار في حيوانات المزرعة والعائد»، التي تضمن شبكة مستثمرين تهدف إلى وضع الزراعة والصناعات المتعلقة بها ضمن الأجندة البيئية، فإن أبحاثاً أجراها معهد «تشاتام هاوس» وآخرون، استنتجت أنه لن يكون ممكناً الحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى درجتين مئويتين -(الهدف المتفق عليه في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، COP21، في عام 2015)- إذا لم تتم معالجة تربية الماشية واستهلاكها، مما يشكل خطراً تنظيمياً في الصناعة. ووفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، فإن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناجمة عن الماشية تشكل نحو 14.5% من إجمالي الانبعاثات في العالم، خاصة في ظل توقعات بزيادة استهلاك اللحوم عالمياً بنسبة 73% بحلول منتصف القرن الجاري، وسط طلب متزايد من اقتصادات مثل الهند والصين. وقد يؤدي هذا إلى زيادة التكاليف الصحية والبيئية بقيمة 1.6 تريليون دولار بالنسبة للاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، بحسب «مبادرة مخاطر وعائدات الاستثمار في حيوانات المزرعة»، التي أسستها شركة «كولر كابيتال» في لندن. وتجدر الإشارة إلى أن تربية الماشية وإنتاج السماد يسهمان في 5.8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على الصعيد العالمي: الماشية والأغنام تنتج غازات الدفيئة من خلال عملية تسمى التخمير المعوي - عندما تقوم الميكروبات في أجهزتها الهضمية بتفكيك الطعام، فإنها تنتج غاز الميثان كمنتج ثانوي. هذا يعني أن لحم البقر والضأن يميلان إلى أن يكون لهما بصمة كربونية عالية، وأن تناول كميات أقل هو وسيلة فعالة لتقليل انبعاثات نظامك الغذائي، علماً بأن قطاع الزراعة يسهم في 18.4 بالمئة من انبعاثات الاحتباس الحراري. التعاون.. طوق النجاة كانت المفاجأة الأكبر في مؤتمر COP-26 هي إعلان الولايات المتحدة والصين عن العمل معاً لمعالجة أزمة المناخ. وقال الإعلان غير المتوقع، إن البلدين سيعملان معاً للحفاظ على ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي في حدود 1.5 درجة مئوية خلال هذا العقد. ووصفت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي الإعلان بأنه «خطوة عاجلة ومشجعة للغاية». ثم هناك الهند وروسيا والاتحاد الأوروبي. الآن، إذا انضموا إلى المبادرة الصينية الأميركية، فإن انبعاثات الكربون ستكون أقل بكثير. تعاون شرق أوسطي في كتاب يحمل عنوان (التحديات البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الطريق الطويل من الصراع إلى التعاون)، أكد حميد بوران باحث مشارك بمعهد لندن للشرق الأوسط، وحسن حكيميان هو مدير معهد لندن للشرق الأوسط وعضو اللجنة الاستشارية لمنتدى البحوث الاقتصادية بالقاهرة أنه إذا كانت هناك فرصة حقيقية للنجاح في مواجهة التحديات المناخية، فإن بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة إلى مواجهة هذه المشاكل، باعتبارها تهديدات مشتركة، وأن تراها فرصة للتعاون الإقليمي وتنسيق السياسات، خاصة أن جميع الدول العربية في الشرق الأوسط تواجه تحدياً سياسياً تفرضه الحاجة إلى تطوير عملية صنع قرارات بيئية فعالة ومتكاملة عبر القطاعات الاقتصادية الرئيسية وفي الوقت نفسه مفتوحة لمشاركة الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بما في ذلك المجتمعات المحلية المتأثرة سلباً بتغير المناخ. «الازدهار: الأخضر والأزرق» في 22 نوفمبر 2021، وداخل جناح الإمارات بمعرض «إكسبو 2020 دبي»، وقعت الإمارات والأردن وإسرائيل إعلانَ نوايا في مجال الاستدامة تتعاون للتصدي لتداعيات تغير المناخ من خلال مشروع واحد يتكون من محورين مترابطين، وهما برنامج «الازدهار الأخضر» الذي يشمل تطوير محطات طاقة شمسية كهروضوئية في الأردن بقدرة إنتاجية تبلغ 600 ميجاواط، على أن يتم تصدير كامل إنتاج الطاقة النظيفة إلى إسرائيل، وبرنامج «الازدهار الأزرق» الذي يهدف إلى تطوير مشاريع تحلية مياه مستدامة في إسرائيل لتزويد الأردن بحوالي 200 مليون متر مكعب من المياه المحلاة.. ومن المقرر أن يبدأ العمل في دراسات الجدوى الخاصة بهذا المشروع في عام 2022. هذا الإعلان أصبح ممكناً بعد توقيع معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل في سبتمبر 2020، الذي دشّن حقبة جديدة من التعاون بين الدولتين. الخلاصة أن الأردن يصدر طاقة نظيفة إلى إسرائيل في إطار برنامج «الازدهار الأخضر».. ويحصل على مياه محلاة وفق برنامج «الازدهار الأزرق». جون كيري المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للمناخ، الذي حضر توقيع إعلان النوايا وصف منطقة الشرق الأوسط بأنها «في صدارة المناطق المتأثرة بتبعات أزمة المناخ، ويمكن لدول المنطقة التغلب على هذا التحدي من خلال تعزيز التعاون والعمل المشترك»، واعتبر المبادرة مثالاً حياً على أهمية التعاون وما يمكن أن يفضي إليه من نتائج تسهم في تسريع عملية تحول الطاقة واتخاذ إجراءات أكثر مرونة لمواجهة آثار تغير المناخ». المناخ.. «طوارئ» وحقوق إنسان ربما تكون الأمم المتحدة هي الآن الجهة التي تقود بروسترويكا المناخ من خلال خطوات ترصد من خلالها حجم التحدي وتقترح مسارات جديدة لاحتوائه، وضمن هذا الإطار في 27 يناير 2021 نشر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نتائج استطلاع رأي أسماه «تصويت الشعوب من أجل المناخ»، وشاركت فيه 50 دولة عدد سكانها يزيد على نصف سكان العالم، وكانت النتيجة أن 64% من المشاركين يرون أن تغير المناخ «حالة طوارئ عالمية». بروسترويكا المناخ طالت أيضاً مفاهيم متعلقة بحقوق الإنسان، لتضيف رافداً جديدة يعزز الحرص على البيئة، ففي يوم الجمعة 8 أكتوبر2021، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القرار 48/13، الذي أقر لأول مرة بأن وجود بيئة نظيفة وصحية ومستدامة هو حق من حقوق الإنسان، ودعا الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى التعاون لتنفيذ هذا الحق. في اليوم نفسه، اعتمد المجلس (القرار 48/14)، بتعيين مُقرِّر خاص بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق تغير المناخ. القرار تم اعتماده بأغلبية 42 صوتاً مقابل صوت واحد ضد وامتناع 4 أعضاء عن التصويت. وطلب المجلس من لجنته الاستشارية إجراء دراسة وإعداد تقرير بالتعاون الوثيق مع المُقرِر الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها في سياق تغير المناخ، عن تأثير التكنولوجيات الجديدة لحماية المناخ على التمتع بحقوق الإنسان. الابتكار الزراعي كشفت الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية عن مبادرة مشتركة لدفع العمل المناخي السريع والتحويلي بقطاع الزراعة في مؤتمر COP26، من خلالها يتطلع البلدان إلى تعزيز الاستثمار في العلوم والابتكار لضمان مساهمة القطاع في حل أزمة المناخ. حشدت بعثة الابتكار الزراعي للمناخ 4 مليارات دولار من الاستثمارات المتزايدة لتعزيز القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، بما في ذلك مساهمة قدرها مليار دولار من دولة الإمارات العربية المتحدة. المبادرة الإماراتية الأميركية هي أول تحالف عالمي للزراعة وتغير المناخ، وتضم المبادرة أكثر من 30 دولة من ست قارات: الإمارات العربية المتحدة، أستراليا وبوركينا فاسو والدنمارك وغانا وإيرلندا وليتوانيا والفلبين والسويد والمملكة المتحدة وكندا والمفوضية الأوروبية وجيانا وإسرائيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وجزر البهاما والولايات المتحدة. وبنجلاديش وكولومبيا وفنلندا وهندوراس واليابان والمغرب ورومانيا وأوكرانيا وأذربيجان وأوروجواي والبرازيل وكوستاريكا وجورجيا والمجر وكينيا ونيوزيلندا وسنغافورة وفيتنام. ومن بين الداعمين الآخرين وكالات غير حكومية بارزة، مثل مؤسسة بيل وميليندا جيتس، فضلاً عن «الفاو». وحققت الإمارات طفرة قطاع الطاقة من خلال الابتكار والنمو الأخضر، حيث استثمرت أكثر من 17 مليار دولار في الطاقة النظيفة في جميع أنحاء العالم. إعلان جلاسكو.. سياحة حيادية مناخياً تغيرات هيكيلة، أو «بروسترويكا» منشودة بقطاع السياحة، وقع عليها أكثر من 300 شركة سفر ومجالس سياحة ودول ضمن إعلان جلاسكو بشأن العمل المناخي في السياحة، وهي الخطوة الأولى لخريطة طريق مشتركة لخفض انبعاثات الكربون. تصريحات باتريك تشايلد، نائب المدير العام للبيئة في المفوضية الأوروبية، تحمل رسالة قوية حول التوجهات المنشودة في هذا القطاع، ليكون متسقاً مع مرئيات اتفاقية باريس لمواجهة التغير المناخي، حيث قال، خلال مؤتمر جلاسكو (كوب26): «نحن بحاجة إلى تغيير ثقافي، ونحتاج إلى تجاوز العقليات التقليدية الموجهة نحو النمو لرؤية نظام بيئي سياحي أكثر استدامة وأكثر مسؤوليةً وحياديةً مناخياً». الإعلان الذي يدعو إلى عقد من العمل في السياحة من أجل المناخ، حذّر من زيادة انبعاثات الكربون الناجمة عن أنشطة القطاع التي زادت خلال الفترة من 2006 إلى 2016 بنسبة 60 في المائة. حركة النقل التي يرتكز عليها القطاع ساهمت في عام 2016 بما نسبته 5 في المائة من إجمالي الانبعاثات العالمية، وأن انبعاثات القطاع سترتفع بنسبة 25 في المئة مقارنة بما كانت عليه قبل 5 سنوات ما لم يتم التعجيل بإزالة الكربون من أنشطتها. محمد بن دينه لـ«الاتحاد»: التعاون المناخي البحريني السعودي الإماراتي نموذج يحتذى به أكد الدكتور محمد بن مبارك بن دينه، المبعوث الخاص لشؤون المناخ، الرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للبيئة بمملكة البحرين، أن تغير المناخ أصبح هاجساً يهدد البشرية وكوكب الأرض، ما يحتم على الجميع في كافة الدول العمل بجدية تامة والتعاون والتنسيق المستمر من أجل مواجهة التغيرات المناخية. وأضاف: هذه المسؤولية تختلف من دولة لأخرى بحسب ظروفها الطبيعية والجغرافية والاقتصادية والدور الذي يترتب عليها في هذا الشأن. وحسب «بن دينه» أعلنت مملكة البحرين مؤخراً خلال مؤتمر الأطراف 26 في جلاسكو التزامها بالوصول للحياد الكربوني بحلول عام 2060، وتقليل الانبعاثات بنسبة 30% والحد من التغير المناخي بحلول عام 2035 من خلال إطلاق العديد من المبادرات مثل تعزيز كفاءة استخدام الطاقة ومضاعفة مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة أشجار نبات القرم بأربعة أضعاف، ومضاعفة عدد الأشجار في مملكة البحرين بنسبة 30% والذي يؤكد جدية مملكة البحرين في مواصلة الجهود الوطنية الهادفة للحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك من خلال الجهود الوطنية والتعاون الإقليمي والدولي. ‎وفي هذا السياق يقول «بن دينه»: أطلقت مملكة البحرين العديد من التشريعات والمبادرات الوطنية والمشاريع والبرامج التي تضمن التزامها باتفاقية باريس لتغير المناخ واتفاقية مونتريال لحماية طبقة الأوزون والحد من الغازات المستنفدة لطبقة الأوزون، وأصبحت أهداف التنمية المستدامة مبدأ استراتيجياً في القطاعات الصناعية والتجارية والاستثمارية والزراعية وغيرها من القطاعات التي تؤثر على حماية طبقة الأوزون والتغيرات المناخية. ‎وأكد «بن دينه» أن الحفاظ على البيئة العالمية مسؤولية دولية تتطلب المزيد من التعاون الإقليمي والدولي، فقد ضاعفت مملكة البحرين جهودها في تعزيز التعاون البيئي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة، وأكبر مثال على هذا ما أصبح عليه التعاون بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والذي بات نموذجاً يُحتذى به في مجال التعاون البيئي والمناخي، حيث إن هناك العديد من المشاريع والمبادرات الثنائية بينهما تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتحول التدريجي للطاقة المتجددة وزيادة الرقعة الخضراء والحد من الانبعاثات الكربونية. الأمين العام للمنتدى السعودي للأبنية الخضراء: أول تحالف سعودي أممي في المنطقة لمكافحة التغير المناخي أكد المهندس فيصل الفضل، الأمين العام للمنتدى السعودي للأبنية الخضراء (سعف)، وهي منظمة سعودية بالوضع الاستشاري الخاص والمراقب البيئي من منظمات المجتمع المدني لدى الأمم المتحدة من المملكة العربية السعودية، أن «مبادرة السعودية الخضراء» والشرق الأوسط الأخضر يمثلان إرادة سياسية رفيعة المستوى، تعزز جهود المملكة في مواجهة التغير المناخي وحماية البيئة محلياً وإقليمياً، وتعكس في الوقت ذاته طموحات وآمال المتخصصين في مجالات التنمية المستدامة الطاقة والمياه النظيفة والبنية الأساسية الخضراء، والاستفادة من والمواد الصديقة للإنسان والبيئة، من أجل رفاهية المواطن بما يتوافق مع الأجندة العالمية 2030م. مبادرة السعودية الخضراء تهدف إلى تخفيض 728 مليون طن سنوياً من انبعاثات الكربون بحلول 2030 والوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، وزراعة 450 مليون شجرة كمرحلة أولى. أما مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، فهي أول تحالف في المنطقة لمكافحة التغير المناخي، يشكل منصة تجمع المعرفة مع رأس المال، وتضع أسساً لدبلوماسية المناخ لتحقيق تغيير جذري عبر الإرادة السياسية. ولفت الفضل الانتباه إلى أن إحصاءات عام 2016 تشير إلى أن هناك أكثر من ألف مشروع بمساحة تجاوزت 10 ملايين متر مربع في المملكة العربية السعودية ضمن قائمة الأبنية الخضراء، وهذا النوع من الأبنية قد احتضنتها السعودية منذ عام 2010 من أجل تحقيق مبادرة الأبنية الخضراء من أجل الطبيعة. وأضاف الفضل: إن المملكة العربية السعودية تأتي في المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأكثر جاذبية للاستثمار في الأبنية الخضراء. وتقوم مؤشر سعف من المنتدى السعودي للأبنية الخضراء بتسجيل وتوثيق ما يزيد على ألف مشروع بمساحة 10 ملايين متر مربع عام 2020م. وقد سبق أن حصدت الأبنية الخضراء يومياً أي ما يعادل 2 في المئة من مشاريع العالم الخاصة (باستثناء الولايات المتحدة)، ولدى دول مجلس التعاون الخليجي 4% من إجمالي الأبنية الخضراء في العالم. وأكد الفضل: توقعاتنا في عام 2016 أن تصل استثمارات الأبنية الخضراء في المملكة العربية السعودية عام 2020 تريليون دولار، وها نحن اليوم والحمد لله نالت جانب الصواب، والآن يبدو أنها تجاوزت هذا الرقم من خلال مشروعات «نيوم» ذا لاين و«البحر الأحمر» «والرياض الخضراء». «بروسترويكا» غذائية تحديات المناخ بما تفرضه من سعي حثيث نحو تغيير هيكلي حتى في قائمة الطعام ومكونات الوجبات، جعلت المنتدى الاقتصادي العالمي يرصد دراسة أجراها «معهد الموارد العالمية» في واشنطن، تتحدث عن سيناريو استبدال الأميركيين 30 في المائة من قطعة اللحم البقري التي تُستخدم في إعداد قطعة الهامبورجر بفطر المشروم، النتيجة حسب الدراسة كالتالي: الأميركيون يتناولون 10 مليارات قطعة هامبورجر سنوياً، وعند تطبيق عملية الاستبدال، فإن انبعاثات الكربون التي سيتم تخفيضها تعادل منع تحرك 2.3 مليون سيارة على الطريق خلال عام كامل، وتوفير كمية من المياه تعادل الاستهلاك المنزلي السنوي الإجمالي لعدد 2.6 مليون أميركي، وتخفيض الطلب على مساحات الأراضي المطلوب زراعتها بمساحة تعادل مساحة ولاية ميرلاند (32 ألف كيلومتر مربع). والخلاصة أن الاتجاه لوجبات بمكونات أقل من اللحوم ومحتويات نباتية أكثر هو المسار الأفضل لصحة الفرض وسلامة الكوكب. قرارات مناخية «بروسترويكا» المناخ جعلت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يقرر في 4 فبراير 2020 تعيين سيلوين هارت من جمهورية بربادوس مستشاراً خاصاً ومساعداً للأمين العام لفريق العمل المناخي. «هارت» أكد أننا أمام تحدٍ كبير، مشيراً إلى أن الكوارث المناخية في عام 2020 أجبرت 30 مليون شخص على النزوح، أي ثلاثة أضعاف النازحين بسبب العنف والصراع. التكيف مع مستلزمات التصدي للتغير المناخي تتطلب «إعادة هيكيلة» أو «بروسترويكا» في قطاع الطاقة وأيضاً قطاع النقل خاصة صناعة السيارات ووقود الطائرات، ما يستوجب قرارات من المستوى السياسي لتوجيه هذه القطاعات نحو المسارات الأفضل. وخلال قمة الأمم المتحدة للمناخ (كوب26) تعهدت الحكومات وشركات صناعة السيارات وأصحاب المصلحة الآخرون بالانتقال إلى سيارات خالية من الانبعاثات بنسبة 100% بحلول عام 2040، وهو اتجاه بدأت ملامحه في السنوات الأخيرة، حيث أعلنت الحكومة البريطانية في 18 نوفمبر 2020 أنه سيتم حظر بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل بعد عام 2030، بدلاً من 2040 في إطار الخطة التي وضعها رئيس الوزراء بوريس جونسون لمعالجة التغير المناخي بثورة صناعية خضراء ستخلق وتدعم ما يصل إلى 250 ألف وظيفة. وفي السياق ذاته، تخطط المفوضية الأوروبية لوقف إنتاج السيارات التقليدية بحلول عام 2035. ستصبح السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات هي المسموح بسيرها على الطرق الأوروبية، ضمن حل وسط من بين مقترحات بتسريع الموعد إلى عام 2030 وتأجيله إلى عام 2040.. وفي 10 سبتمبر 2017 وضعت وزارة الصناعة الصينية جدولاً زمنياً لإنهاء إنتاج وبيع السيارات، التي تعمل بالبنزين والديزل، وتعزيز تطوير التكنولوجيا الكهربائية. فبحسب تحليل أجرته وكالة «بلومبيرج نيوز»، من المتوقع أن تشكل السيارات الكهربائية 54% من إجمالي مبيعات السيارات في العالم بحلول عام 2040، وسيكون متوسط تكلفة السيارة الكهربائية في العام نفسه، 22 ألف دولار أميركي، وهو أقل بنحو 35% من أسعار السيارات التقليدية الجديدة. وحسب بلومبيرج، فإنه بحلول عام 2040، ستقوم المركبات الكهربائية بإزاحة 8 ملايين برميل من وقود النقل يوميًا وإضافة 5% إلى الاستهلاك العالمي للكهرباء. جزر مارشال.. وتحديات جزر القمر «إكسبو 2020 دبي» منصة مناخية بامتياز، فالحديث عن مواجهة التغير المناخي حديث عن المستقبل، وشعار المعرض «تواصل العقول وصنع المستقبل»، ويتكون المعرض من مناطق ثلاث (الفرص والتنقل والاستدامة)، وكلها بنود تتعلق بالتغيرات التي تفرضها تحديات مواجهة التغير المناخي. ومن خلال زيارة المعرض، تستطيع التعرف على البلدان التي يهددها التغير المناخي، مثل جزر مارشال، حيث يعرض جناحها صوراً فوتوغرافية مصحوبة بدعوة لمنع ارتفاع منسوب مياه البحر كي لا تفقد «الدولة الجزيرة» جمالها وأرواح سكانها. وتقول «دوين دوبروم» المفوض العام لجناح جزر مارشال، والممثل الدائم لبلادها لدى المنظمات الدولية وبعثة الأمم المتحدة في جنيف، إن ارتفاع مستوى سطح البحر بسبب تغير المناخ سيؤدي إلى تآكل السواحل والفيضانات، وبالنسبة لدولة مثل جزر مارشال، فإن هذا السيناريو يهدد اعتمادها على المحيط من أجل بقاء سكانها للحفاظ على صحتهم وحماية التنوع البيولوجي. وتؤكد «دوبروم» أن الجزر المرجانية والمحيطات عنصر حاسم في ثقافة جزر مارشال، ويُعد الحفاظ على الوصول إلى المحيط عنصراً حاسماً في الحفاظ على الثقافة. وأضافت «دوبروم»: إدراكاً للتهديد الذي تمثله انبعاثات غازات الدفيئة وتأثيرها على ارتفاع مستوى سطح البحر، أنشأت جزر مارشال، بدعم من «منظمة الدبلوماسي المستقل»، وهي منظمة غير حكومية غير هادفة للربح، «ائتلاف الطموح العالي»، كمجموعة غير رسمية تضم حوالي 61 دولة في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لقيادة اتفاقية باريس الطموحة، لا سيما الإشارة إلى حد الاحترار الكربوني، وهو 1.5 درجة مئوية كجزء من هدف على المدى الطويل، ومسار انبعاثات عالمية صفرية بحلول النصف الثاني من القرن الحالي. وأشارت «دوبروم» إلى أنه منذ اتفاقية باريس للمناخ، استمرت جزر مارشال في ممارسة الضغوط من أجل الوفاء بالمساهمات المحددة وطنياً، أو المساهمات المقصودة المحددة وطنياً هي خطط وطنية غير ملزمة تسلط الضوء على الإجراءات المناخية، وتمكنت مؤخراً في قمة جلاسكو (كوب26) من ضمان مضاعفة تمويل التكيف (من 20 مليار دولار سنوياً إلى 40 مليار دولار سنوياً)، ودعوة الدول للعودة إلى طاولة المفاوضات مع أهداف جديدة (فيما يتعلق بالمساهمات المحددة وطنياً) في العام المقبل، مما يعكس الحاجة الملحة لخفض الانبعاثات إلى النصف في هذا العقد، أول ذكر لدعم الوقود الأحفوري والفحم في نتائج مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP). تحدي التغير المناخي في جزر القمر وفي «إكسبو 2020 دبي» التقينا محمد حسيني ماضي مدير جناح جمهورية جزر القمر، الذي أشار إلى أنه في ظرف عقد من الزمن، لاحظ سكان بلاده ارتفاعاً في درجات الحرارة، واختفاء الأشجار، التي تُقطع من أجل خشبها الذي يوجّه للصناعة أو للتدفئة. وهناك مناطق مهددة بارتفاع منسوب مياه المحيط. كما يؤثر الجفاف على بعض المناطق، جراء عدم انتظام هطول الأمطار، الذي جعل بعض المناطق جرداء وشديدة الانحدار بشكل متزايد، ما يؤدي إلى انجراف المحاصيل وتآكل الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة في اتجاه الوادي، نحو الأنهار والمحيط الهندي. وبسبب الظروف الجوية التي أضحى من الصعب بشكل متزايد التنبؤ بها والضرر المتواصل الذي يطال الأراضي الزراعية، أصبح عدد قليل جداً من مزارعي جزر القمر يستطيعون الآن كسب قوتهم من خلال زراعة الموز. بعض المزارعين يشكون انخفاض محاصيل حقولهم إلى الثلث خلال السنوات الماضية العشر، وتحتاج الزراعة إلى إنفاق كثيرٍ من المال واللجوء إلى الأسمدة. بعض الأطعمة التي كانت متوافرة على نطاق واسع والتي كان يعتمد عليها القرويون اختفت تماماً، مثل «القلقاس»، وهو عبارة عن نوع من الخضر-الجذور التي تنمو في الغابة. وبعض الأطعمة الأساسية، مثل البطاطا الحلوة باتت نادرة بسبب الأمراض التي اجتاحت أيضاً الفلفل والباذنجان اللذين أصبحا ينموان الآن مرة واحدة فقط في السنة مقابل مرات عدة في السنة سابقاً. أما الطماطم، فمن المستحيل زراعتها، ويمكن شراؤها في المدن فقط. وتعكس التقارير البيئية الخاصة بجزر القمر شدة الآثار الحالية والمتوقعة للاحترار العالمي، التي تهدد جميع قطاعات الاقتصاد والبيئة وآفاق التنمية وحتى السلامة المادية للأرخبيل. ولهذا ينبغي دمج الاستجابات الخاصة بمواجهة تغير المناخ في السياسات العامة. «بروسترويكا» المناخ.. مسؤولية الجميع وحده التغير المناخي حيّد الأيديولوجيات ووضع العالم أمام خطر مشترك لا يفرق بين أي ركن من أركان المعمورة، ولا دين ولا عِرق، وبات حتمياً التعاون والحوار في إطار الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية، وحتى بين القوى الكبرى المتنافسة، وأيضاً على المستوى الثنائي. ولا مناص من تطوير الصناعة والزراعة والسياحة والنقل والتخطيط الحضري ومصادر الطاقة، وابتكار أصناف جديدة من الوقود وتغيير نمط استهلاكنا للغذاء، بسياسات تضعها المنظمات الدولية والحكومات، تعززها مبادرات يقودها المجتمع ويفعّلها الأفراد، لأن قراراتنا الشخصية في اختيار السكن والملابس ووسيلة النقل والمنتجات الغذائية وحتى مستحضرات التجميل والعطور تؤثر على كوكبنا. وكل مفردات هذه «البروسترويكا» المناخية تحمل معها فرصاً جديدة في الاستثمار، تستفيد منها جميع الأطراف من أجل سلامة الكوكب.

مشاركة :