رد الرئيس اللبناني ميشال سليمان على الاتهامات التي اطلقها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في حديث تلفزيوني مساء اول من امس، ضد المملكة العربية السعودية. وقال خلال افتتاح مؤتمر «الحوار الحقيقة والديموقراطية» الذي اقامه المركز الدولي لعلوم الانسان- بيبلوس، وحضره رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، ونواب قضاء جبيل وعدد من الوزراء والنواب الحاليين والسابقين وشخصيات ثقافية وسياسية وإعلامية لبنانية وعالمية: «لا يجوز أن نفسد في علاقاتنا التاريخية مع دولة عزيزة، وشعبها، وهنا أعني المملكة العربية السعودية من طريق توجيه التهم اليها جزافاً من دون أي سند قضائي او حقيقي او ملموس، او عبر التدخل في ازمات دولة اخرى وأعني سورية، لمناصرة فريق ضد آخر، وهذا التدخل من أي طرف أتى هو أيضاً مداناً وكل هذا يجري للأسف وعدونا ينتظر ويحقق أهدافه الهدف تلو الآخر، واليوم حقق هدفاً من أهدافه. فلنعتبر ماذا نفعل في وطننا في هذه الايام. هذه الاهداف تتعلق كذلك بتحديد وجهة السلاح وكيفية الإفادة من القدرات الوطنية للدفاع عن السيادة والارض، وأبرزها طاقات الشباب ومعاني التضحية والاستشهاد» . وتوجه سليمان الى المشاركين في المؤتمر بالقول: «أرى فيكم اليوم، لبنةً أساسيةً في مداميك بناء لبنان كمركزٍ لحوار الحضارات والثقافات، وهو مسارٌ اخترت السير فيه منذ تسلمي مسؤولياتي، إيماناً مني بأن الكيان اللبناني، إنما يقوم في الأساس على فلسفة الحوار والوفاق والعيش المشترك. لقد عبّرت من على منبر الجمعية العمومية للأمم المتحدة في ايلول (سبتمبر) العام 2008، عن طموح لبنان لأن يصبح مركزاً دولياً لإدارة حوار الحضارات والثقافات، بما يتناسب مع دوره كجسر تواصل بين الشرق والغرب، وانطلاقاً من ميزاته الفريدة، وتنوعّه الغني، وتجربته المتجذرة في التوفيق بين الوحدة والتعدد، والمعاصرة والأصالة، وخصوصية الانتماء والمواطنة». اضاف: «ادعوكم الى أن تستفيدوا من تعاونكم مع الاتحاد الفلسفي العربي، ومن الرعاية المشكورة لمنظمة الاونيسكو، وما توفره من أفقٍ واسعٍ، يربطكم بشبكةِ تواصلٍ عالمية، مع سائر المراكز الحضارية والفكرية، المهتمة بقضايا الإنسان، بهدف ضمان التنمية المستدامة للجماعات البشرية، وبهدف تعميم قيم التسامح والعدالة». وقال: «انطلاقاً من هذه الرؤية للبنان ولموقعه في محيطه وعلى خريطة العالم، وتأسيساً على هذه المبادئ والقيم الإنسانية، وضعنا منذ البداية، مجموعة أهداف استراتيجية، كان في مقدمها تعميم نهج التلاقي والحوار، وتطوير ممارستنا الديموقراطية، حتى تصبح أكثر عدالةً وتمثيلاً. وهذا الحوار اذا كان صادقاً وصريحاً، يوصل بالتأكيد الى مشتركات هي في ذاتها حقيقة تنبع من المعتقدات والتقاليد والحضارات». وزاد: «أما في موضوع تطوير الممارسة الديموقراطية، فقد تحدّثت الورقة الخلفية لمؤتمركم، عن حيزٍ واسعٍ تشغله الديموقراطية في مجالات الفكر السياسي والاجتماعي، وعن فكرة الديموقراطية التي لا تزال تنمو وترتقي، وغدت المدن الكبرى حول العالم، تجمعات بشرية متعددة الثقافات والحضارات، وهذا التنوع يتمدد بسرعة الى مناطق اوسع على مساحة الكرة الأرضية، فضلاً عن تلك المجتمعات التي عرفت التنوّع منذ نشأتها مثل لبنان. ولا بد تالياً من قيام ديموقراطية جديدة، تتناسب مع هذا التنوّع والعولمة، اللذين اصبحا حقيقة قائمة وواقعاً ملموساً، وتسمح بإشراك كل المكونات في الحياة السياسيّة، وفي إدارة الشأن العام، بالنظر الى قدراتها الحضارية، وليس نظراً الى حجمها العددي. هذه الديموقراطية الجديدة تعزز فكرة المواطنة والتنوّع من ضمن الوحدة، وصولاً إلى الدولة المدنية، الضامنة لحقوق المواطنين من دون تمايز أو تفضيل، ومن دون ان تكون نسخة واحدة جامدة تنسحب على المجتمعات كافة». ولفت الى انه «في عالم اليوم اصبح الكثير من الدول يدير مبدأ «التنوّع من ضمن الوحدة»، كمقاربة تتوافق مع المعادلات الجديدة، التي فرضها عالم الاتصالات وسهولة التواصل والانتقال. وهذه المقاربة، يعزّزها اعتماد مبدأ النسبيّة في القوانين الانتخابيّة، كما تعزّزها اللامركزيّة الإداريّة، لما تساهم في تحقيقه من تنمية مناطقيّة متوازنة ومستدامة. كذلك، فإن التنوع ضمن الوحدة يحول دون ذوبان الدول الصغيرة في دنيا العولمة، كما يجنّبها في الوقت نفسه التقوقع والانعزال». ورأى سليمان أنّ «استقرار الدول وهناء شعوبها، يتوقّف إلى حدّ كبير، على طبيعة العقد الاجتماعي، الذي قد تعتمده المكوّنات المختلفة، لهذه الشعوب، ويتوقّف كذلك، على مدى توصّلهم إلى فهم مشترك لمفردات هذا العقد ومصطلحاته، حتى إذا ما تمّ ذلك، أمكن القول، إنّ هذا التوافق فعليّ وقائم، لأنّه مبنيّ على الحوار والمعرفة، أيّ على الحقيقة، ويؤسّس لممارسة ديموقراطيّة سليمة، ولانتظام في عمل المؤسسات»، مؤكداً ان «هذه المعادلة، تصلح في أيّ مجتمع من المجتمعات، كما تنطبق على لبنان، الذي توافق أبناؤه منذ العام 1943، على ميثاق وطنيّ جامع، إلا أنّهم لم يتعمّقوا ربما في مفاهيمه، ولم يلتزموا دوماً مندرجات هذا الميثاق وروحه، حتى إذا ما ابتعدوا عنه، كما حصل مراراً في تاريخهم المضطرب، وقعوا في شرك الفتنة والتقاتل والاحتراب». ولفت الى ان هذه «الإشكاليّة تطرح، مسألة البحث من جهة، عن كيفيّة بناء الدولة، التي هي عنصر أساسي لقيام الأوطان، وللمحافظة على الاستقلال، على ما ذهب إليه وطالب به الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب، عندما دعا الى بناء «دولة الاستقلال» .إلا أنّ الواقع الاجتماعي المؤسف، الذي بات مطبوعاً بالطائفيّة والمذهبيّة، وروح التبعيّة والارتهان، ومشوباً بالفساد والمحسوبيّة، وسوء الممارسة الديموقراطيّة، يفرض علينا جميعاً، العمل بشكل ممنهج وحثيث، لبناء «مجتمع الاستقلال»، أيّ مجتمع المعرفة والثقافة، والفكر المستنير والعدالة، والحوار المبني على الحقيقة، والحريّة وحقوق الإنسان. ذلك أنّه يصعب بناء الدولة، إذا لم نسع بصورة موازية، لبناء قدرات الإنسان الثقافيّة والفكريّة والخلقيّة». اضاف: «أما وقد اخترتم لمؤتمركم عنوان الحوار، الحقيقة، والديموقراطية، فإنني أرى أن مهمتكم سوف تكون شاقة ومحفّزة على السواء، حيث سيكون عليكم معالجة مجموعةٍ من الإشكاليات البحثية، المطروحة بقوة على بساط البحث والتشريح، على امتداد الوطن العربي، وفي العالم، كما عندنا في لبنان. وأنا على ثقة بكفاءتكم وقدرتكم وقدرة المسؤولين عن هذا المركز، على الخروج بتوصياتٍ ومقترحاتٍ علميةٍ رفيعة، تتضمن استراتيجياتٍ قابلة للتطبيق، يمكن وضعها بتصرف صانعي القرار وأصحاب الحل والربط، تخدم اجيال الغد، ويكون عملكم في خدمة لبنان وشعبه». «التوحيد العربي» ينتقد ورد حزب «التوحيد العربي» (الوزير السابق وئام وهاب) على كلام رئيس الجمهورية عن السعودية، منتقداً رده على كلام نصرالله. وسأل: «لماذا لم يسارع إلى الرد على الذين أساءوا إلى سورية وإلى صيانة العلاقات اللبنانية السورية، خصوصاً الاقتصادية؟». وتمنى حزب التوحيد على سليمان أن «ينشغل بعملية الاغتيال (القيادي في حزب الله حسان اللقيس). وسأل: «هل أزعجه اتهام السعودية ببعض الأعمال في لبنان أم الذي أزعجه فعلاً هو نعي السيد حسن نصرالله التمديد؟».
مشاركة :