لا تبدو استراتيجية إسرائيل أن تسعى جديا إلى تحقيق السلام في المنطقة، وإلا لاتجهت إلى حماية كيانها عبر التفاهم مع شعوب المنطقة وإرساء الأمن والاستقرار المبني علي الاعتراف بحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني وإقامة دولته علي أرضه، ولكن يبدو أن ما تسعى إليه هو بناء الجدران ونصب المزيد من الأسلاك الشائكة وتنصيب المزيد من بطاريات الصواريخ في كل مكان وصناعة آلاف الأطنان من الأدوات الحربية وتكنولوجيا قتل الإنسان وتدمير ممتلكاته وهذا يثبت للمرة الألف أنها دولة حرب مادام قادتها يصرون على ممارسة الاحتلال العسكري لفلسطين وممارسة الاستيطان وسرقة التراث والتاريخ والأرض. ولأنها دولة حرب تتصور أن الآخرين سوف يشطبونها من الوجود لهذا فإنها ككيان عسكري بالمنطقة تريد أن تبقى بتفوق عسكري مخيف وبالتالي تعتقد أن أي توازن عسكري آخر لأي دولة أخرى يمكن أن يهدد وجودها. المؤشرات الراهنة تشير إلى أن دولة الحرب تتجهز لشن حرب على إيران يمكن أن تأخذ المنطقة لسنوات في صراع دامٍ وربما لا تحقق أي أهداف منها، وهنا نسأل، هل في الحقيقة تريد إسرائيل شن حرب على إيران…؟ وتدمير قدراتها النووية لتعطيل وصولها إلى امتلاك سلاح نووي؟ أم أن كل ما تفعله يأتي في إطار خطة تكتيكية متعددة الأهداف والغايات لصالح حصولها أولاً على المزيد من الدعم الأمريكي العسكري والسياسي بما لا يضمن التفوق العسكري في المنطقة إلا لها…؟ لكي تصبح دولة الكيان قوة مركزية عظمى في المنطقة، الهدف الثاني هو التغلغل في العمق العربي ومن خلال سياسة التغلغل هذه تستطيع دولة الكيان أن تحقق أهدافا أخرى طويلة المدى وهو إضعاف تلك الدول. أذا أيقنا أن دولة الكيان تمتلك خطة تكتيك للموضوع الإيراني فإن ذلك لا ينفي رغبتها في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال سوريا التي لم تتوقف الهجمات عليها أو من خلال عمل عسكري وأمني سري يعطل بعض أجهزة الطرد المركزي الحيوية والمسؤولة عن عمليات التخصيب المطلوبة للسلاح النووي. الحقيقة أن إسرائيل يمكن أن تفعل هذا ولكن ليس في العلن لتتفادي أي ردة فعل إيرانية كبيرة وهنا يمكن أن يقوى الاحتمال الأول في عدم قدرة دولة الكيان مهاجمة إيران وحدها، أما شن حرب خاطفة وضربة مكثفة على مفاعلات إيران النووية تشل كل أجهزة الطرد المركزي وتدمر قدرات إيران النووية ومفاعلاتها الكبيرة فأنا أعتقد أن دولة الاحتلال لا تستطيع وحدها فعل ذلك وما تحاول التخطيط له هو تنفيذ ضربة دولية كبيرة لإيران تقضي علي كل مكونات المنشآت النووية الإيرانية وأهمها (نطنز وبوشهر واراك وأصفهان وقم ومحطة فوردو) وبهذه الطريقة تتفادي إسرائيل ردة فعل إيرانية كبيرة باعتبار أن الهجوم على إيران جاء بقرار ومشاركة دولية متعددة القوى وبالتالي إذا كانت هناك ردة فعل عسكرية إيرانية تجاه إسرائيل وحدها فإن التحالف الذي شارك في ضرب إيران هو المسؤول عن الرد العسكري الموسع حينها وهذا الاحتمال غير ممكن في الوقت الحالي ولا تستطيع دولة الكيان أن تحشد قوة عسكرية دولية في ظل مباحثات فيينا التي لم تصل إلى طريق مسدود بعد بل إن المؤشرات تقول إن إيران تتعاطي إيجابيا مع هذه المفاوضات وسمحت مؤخرًا لموظفي التفتيش بوكالة الطاقة الذرية الدولية أن يغيروا الكاميرات المنصوبة علي مفاعل الطرد المركزي الإيراني في موقع (كرج) المصنع لأجهزة الطرد المركزي. قد لا تسمح القوى المركزية بالعالم والتي تفاوض إيران في فيينا لهذه المفاوضات بالفشل لأن فشلها يعني الذهاب إلى الخيار العسكري ولا تريد هذه الدول في الوقت الحالي استخدام الحل العسكري للأزمة النووية الإيرانية مادامت إيران تجلس علي الطاولة وتستخدم هذه الدول سلاح العقوبات علي إيران ولعل دولة الكيان تفهم ذلك لكنها من طرفها ترفع وتيرة التحريض الدولي علي استخدام الحل العسكري وتوحي بمؤشرات عسكرية أنها تجهز من طرفها لضربة قوية لإيران وهذا باعتقادي إيحاء تكتيكي أكثر منه خطة وذلك بهدف الضغط على الدول الخمس المفاوضة لبلورة حل عسكري دولي يمنع امتلاك إيران القنبلة النووية. إن دولة الكيان الصهيوني تعرف أن شن حرب بشكل منفرد على إيران سيعرض مصالح أمريكا في المنطقة للخطر وسيفجر حربا كبيرة في المنطقة وسوف تكون كل المواقع الاستراتيجية الإسرائيلية من مصانع عسكرية وموانئ ومطارات مدنية وعسكرية تحت رحمة الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى وبالتالي قد تشل قدرات دولة الاحتلال العسكرية ما يعني في الحسابات العسكرية خسارة كبيرة لا تستطيع دولة الاحتلال تحملها وحدها. { كاتب من فلسطين
مشاركة :