قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن الخميس، إن أنقرة بعثت برسالة إلى واشنطن بشأن إنشاء وتشغيل آلية تتعلق بمعالجة القضايا الخلافية في العلاقات بين البلدين، وهي خطوة سبق أن طرحتها أنقرة مرارا لكن الرئيس الأميركي جو بايدن لم يأبه بها. وذكر قالن أن العلاقات التركية - الأميركية متجذّرة ولها تاريخ طويل، وأن البلدين حليفان في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن تلك العلاقات تنأى من حين إلى آخر عن روح التحالف بسبب تجاهل واشنطن للمصالح التركية. وهناك ثلاث قضايا خلافية كبرى بين أنقرة وواشنطن وهي: منظومة الصواريخ الروسية أس-400، دعم واشنطن للأكراد في سوريا، ورفض الولايات المتحدة تسليم المتهم بتدبير الانقلاب في تركيا سنة 2016 فتح الله غولن. وتعتبر تركيا أكراد سوريا والعراق مجموعات إرهابية تهدد أمنها القومي، فيما تعتبرهم واشنطن حلفاء أساسيين في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي. وتشعر تركيا بخذلان شديد من سياسة الحليف الأميركي السابق إزاء الأزمة السورية؛ إذ أنها كانت تعتقد أن الإدارة الأميركية ستتدخل في مرحلة ما من مراحل الأزمة وتجبر النظام السوري على الرحيل قبل أن تكتشف أن أولوية واشنطن ليست رحيل النظام، فيما كانت أنقرة قد تورطت عسكريًّا في هذه الأزمة، وهو ما وضعها لاحقا في صدام مع روسيا وإيران قبل أن تنفتح على البلدين وتدخل معهما في تفاهمات لعل أهمها أستانة. إبراهيم قالن: بعثنا برسالة إلى واشنطن بشأن إنشاء لمعالجة الخلافات وباءت جميع محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لرفع الغطاء الأميركي عن الأكراد بالفشل، في ظل تجاهل الإدارة الأميركية لهذه المطالب. وفي علاقة بغولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير الانقلاب الفاشل ضده في 2016، رفضت واشنطن أيضا دعوات تركية متكررة لتسليمها غولن حتى في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب الذي تعتبر سياساته أكثر لينا تجاه أنقرة. وتقول الإدارة الأميركية إن الملف قانوني قضائي، وإن الأدلة التي قدمتها تركيا غير كافية، فضلا عن أن هناك أهدافا سياسية وراء مطالب النظام بتسليم الداعية التركي. أما قضية الصواريخ الروسية أف-400 فهي القضية الخلافية الأبرز بين الحليفين في حلف شمال الأطلسي، إذ يرى خبراء عسكريون وسياسيون أميركيون أن تلك المنظومة تقوّض أعمال الحلف وتتعارض مع استراتيجياته، ما حدا بواشنطن إلى طرد تركيا من برنامج طائرات أف-35. وقال قالن "تركيا واجهت ممارسات غير عادلة وغير قانونية في إخراجها من برنامج الطائرة المقاتلة أف-35". وأكد متحدث الرئاسة أن تركيا تواصل اتصالاتها على جميع المستويات في التعبير عن مخاوفها ومتطلباتها بشأن القضايا الخلافية منذ عهد الرئيس دونالد ترامب والإدارة الحالية، وأنها تتطلع إلى إعادة النظر تجاه المصالح الوطنية التركية. وشدّد على أن أنقرة تريد مواصلة العلاقات الثنائية على أساس المصلحة والاحترام المتبادل، وبشكل عادل وشفاف، والعمل بأجندة إيجابية دون التنازل عن المصالح الوطنية التركية وأولوياتها. وفي ردّه على سؤال حول المحادثات بين وفود البلدين ووضع آلية بين وزارتي الخارجية، أكد قالن إمكانية فتح صفحة جديدة إذا تم استيفاء شروط معيّنة واتخاذ خطوات بشأن القضايا المتعلقة بإزالة التهديدات الموجهة ضد تركيا ومصالح أمنها القومي. ولا يرجّح مراقبون أن تتنازل واشنطن عن تحفظاتها حيال القضايا الخلافية وأن أي مبادرة لحلحلة هذه الخلافات لا تستجيب للمصالح الأميركية لن تكون ذات جدوى. ولم يسفر لقاء الرئيس الأميركي ونظيره التركي في روما مؤخرا على هامش قمة مجموعة العشرين، سوى عن بعض التمنيات الدبلوماسية الطيبة لتحسن العلاقات في المستقبل، بينما ظلت الخلافات العالقة دون حسم مع بعض القلق من تفاقمها، حسب وصف المسؤولين الأميركيين، ما يؤكد أن واشنطن وأنقرة لا تزالان متباعدتين في شأن المشكلات التي عصفت بعلاقتهما على مدار العقد الماضي.
مشاركة :