تقول الروائية والناقدة المغربية زهور كرام عن روايتها الجديدة «لا أتنفس»: إنها حالة مخاض إبداعي بدأت منذ أكثر من أربع سنوات، وكانت عبارة عن حكاية تبحث عن سيولتها، بدأت عندما شعرتُ بامتلاء استثنائي لحالة تجعلني أغمضُ عيني وأنثر السيولة نثراً. وكلما نثرتُ بعضاً من الحالة، غمرني إحساسٌ بالاقتراب من نبض الامتلاء الذي لم أكن أدرك سيره. وأضافت: «توقفتُ عن نثر جرعات الحالة ولم أسأل لماذا، بل تركتُ الحالة تنتعش بامتلائها، ثم حلت «كورونا»، فأجْبِرْتُ كغيري على الحجر الصحي، لأجد نفسي مدفوعة بقوة إبداعية إلى نثر امتلاءٍ استثنائي أدهشني عندما نسجت رواية «لا أتنفس» حياة شخصيات تهرب إلى العالم الافتراضي تحت ضغط الاختناق من أزمات وقضايا، لتجد نفسها أمام تحدٍ مختلف». وتقول: «الافتراضي حاضر بقوة في نسيج هذه الرواية، سواء باعتباره فضاء لإقامة الشخصيات، أو شرطاً للوجود ضمن سؤال الأزمة. ويتجلى الافتراضي في صفحة بالفيسبوك، فتحها شخص غير معروف، انتقلت إليها الشخصيات بعدما عاشت اختناقاً بسبب قضايا الهوية والهجرة والغربة والحدود والفساد، وأقامت في صفحة تحمل اسم «لا أتنفس»، ليتحول الافتراضي إلى مكان للعيش والحياة، وإعادة ترتيب القضايا كما تعيشها الشخصيات في واقعها الاجتماعي، غير أن الافتراضي سيتحول إلى اختناقٍ من نوع مختلف، يجبر الشخصيات على مواجهة ذواتها. ويدخل الافتراضي إلى الرواية بوصفه فضاء روائياً، ويضع الشخصيات في وضعيات جديدة، ويفرض عليها لغات غير مألوفة، حتى تبدأ الشخصيات الروائية، في إعادة ترتيب واقعها الاجتماعي الذي فرت منه، سعياً منها إلى التحرر من الاختناق. وتوضح أنه في هذه الرواية نرى حياتنا وقد انتقلت إلى نظام مختلف، وعلاقاتنا بدأت تتغير، فالإقامة في «الافتراضي» تشبه المرآة المكسورة التي تفضح بشاعتنا، وتشوه الجمال الذي ننتظر أن نكون عليه. وتشير المؤلفة إلى أن الرواية تتنفس الحب، وهي تبحث عن مَنفذ لها من الاختناق. وعندما يشتد الاختناق تبحث الشخصية عن فضاء آخر، تُمارس فيه حياتها، لعلها تتحرر من الاختناق بسبب الحلول المُؤجلة والانتظار القاسي، والبحث المستمر من دون بقعة ضوء، وجراح الحب الذي تعثر عند محطة معينة، وحول الحب إلى ذاكرة موجعة. استدعاء سينمائي تلفت الروائية المغربية زهور كرام إلى أن كل محطات حكاية «لا أتنفس» يُضيئها الحب بطرق متعددة. وتضيف: «مرة يأتي الحب باعتباره منقذاً من فقدان الذاكرة، في تجربة أدهشتني شخصياً، عندما وجدتُ السرد في «لا أتنفس» يستدعي الفيلم السينمائي الأميركي «The NoteBook» الذي يروي فيه رجل عجوز بدار المسنين حكاية من دفتر ملاحظاته لزميلته المُصابة بالخرف، تدور أحداث الحكاية حول قصة حب جمعت بين شاب وشابة، وتعرض حبهما إلى إكراهات اجتماعية، يتضح فيما بعد أن المريضة هي الشابة، والعجوز الحاكي هو الشاب الذي أصبح زوجها». ويبدو أن قصة الفيلم السينمائي الذاكرة تضع «لا أتنفس» أمام سؤال: كيف يمكن للحب أن يكون علاجاً ضد النسيان؟ ولعله امتحان تواجهه شخصيات روائية تُوجد في وضعيات الأزمة، فهل يستطيع الحب أن ينقذنا؟
مشاركة :