الديمقراطية الأمريكية أمام اختبار بعد عام على هجوم مقر الكونجرس

  • 1/3/2022
  • 01:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

واشنطن‭ - (‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬اقتحام‭ ‬أنصار‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬مقر‭ ‬الكونجرس‭ (‬الكابيتول‭) ‬وإغلاقهم‭ ‬الكونجرس،‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬الأميركيون‭ ‬بانتظار‭ ‬محاسبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬مثّلت‭ ‬تحديا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬للديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وما‭ ‬زال‭ ‬السؤال‭ ‬نفسه‭ ‬مطروحا‭: ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬مجرّد‭ ‬تظاهرة‭ ‬تحوّلت‭ ‬إلى‭ ‬أعمال‭ ‬شغب‭ ‬أم‭ ‬تمرّدا‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬انقلاب‭ ‬خطط‭ ‬لها‭ ‬ترامب؟ وتعد‭ ‬التسجيلات‭ ‬المصوّرة‭ ‬العائدة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬2021‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬ارتُكب‭ ‬باسم‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭. ‬ويظهر‭ ‬في‭ ‬التسجيلات‭ ‬مهاجمون‭ ‬أثناء‭ ‬ضربهم‭ ‬عناصر‭ ‬الأمن‭ ‬بقضبان‭ ‬حديدية‭ ‬وهراوات،‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬شرطي‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الممرات‭ ‬وهو‭ ‬يتأوّه‭ ‬ألما‭. ‬ وهتف‭ ‬المهاجمون‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يحملون‭ ‬معدات‭ ‬الاعتداء‭ ‬‮«‬اشنقوا‭ ‬مايك‭ ‬بنس‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬نائب‭ ‬الرئيس‭ ‬الذي‭ ‬فر‭ ‬من‭ ‬المكان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬نواب‭ ‬ديمقراطيين‭ ‬وجمهوريين‭. ‬وقُتلت‭ ‬امرأة‭ ‬بإطلاق‭ ‬نار‭ ‬في‭ ‬ممر‭ ‬في‭ ‬الكابيتول‭. ‬وشكّل‭ ‬الاعتداء‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬لساعات‭ ‬صدمة‭ ‬للأميركيين‭ ‬والعالم،‭ ‬الذي‭ ‬اعتاد‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬كنموذج‭ ‬لدولة‭ ‬ديمقراطية‭ ‬تتمتّع‭ ‬بالاستقرار‭. ‬ وبعد‭ ‬عام،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬محاولة‭ ‬منع‭ ‬الرئيس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭ ‬من‭ ‬تولي‭ ‬السلطة‭ ‬بعد‭ ‬فوزه‭ ‬بانتخابات‭ ‬نوفمبر‭ ‬2020‭ ‬بانتظار‭ ‬المحاسبة‭. ‬وقال‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬‮«‬حتى‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية،‭ ‬لم‭ ‬يخرق‭ ‬المتمرّدون‭ ‬الكابيتول،‭ ‬حصن‭ ‬ديموقراطيتنا‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هذه‭ ‬معارضة‭. ‬كانت‭ ‬خرقا‭ ‬للنظام‭ ‬ ومثّلت‭ ‬أزمة‭ ‬وجودية‭ ‬واختبارا‭ ‬بشأن‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬بإمكان‭ ‬ديمقراطيتنا‭ ‬الاستمرار‮»‬‭. ‬ وبعد‭ ‬عام،‭ ‬تم‭ ‬توجيه‭ ‬اتهامات‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬700‭ ‬شخص‭ ‬بالاعتداء‭ ‬على‭ ‬عناصر‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬واقتحام‭ ‬قاعات‭ ‬الكونجرس‭. ‬وكشفت‭ ‬التحقيقات‭ ‬عن‭ ‬جهود‭ ‬منسّقة‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬ترامب‭ ‬وحلفاؤه‭ ‬لمنع‭ ‬بنس‭ ‬من‭ ‬ترؤس‭ ‬عملية‭ ‬مصادقة‭ ‬الكونجرس‭ ‬على‭ ‬بايدن‭ ‬كرئيس‭ ‬منتخب‭ ‬قانونا‭.‬ ويتردد‭ ‬سؤال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد‭ ‬مفاده‭: ‬كيف‭ ‬يرتبط‭ ‬الهجوم‭ ‬بمحاولات‭ ‬ترامب؟‭  ‬ تحقق‭ ‬لجنة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬في‭ ‬الأمر،‭ ‬لكن‭ ‬كلّما‭ ‬تعمّقت‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬القضية،‭ ‬ازدادت‭ ‬حساسيتها‭. ‬ففرضا‭ ‬لو‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬أدلة‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬حرّض‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬على‭ ‬الهجوم،‭ ‬أو‭ ‬خطط‭ ‬للبقاء‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬السلطة،‭ ‬فهل‭ ‬تخاطر‭ ‬بإثارة‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬الاضطرابات‭ ‬عبر‭ ‬المطالبة‭ ‬بملاحقة‭ ‬جنائية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬تستهدف‭ ‬رئيسا‭ ‬سابقا؟ وفي‭ ‬الذكرى‭ ‬السنوية‭ ‬الأولى‭ ‬للاعتداء‭ ‬التي‭ ‬توافق‭ ‬الخميس‭ ‬المقبل‭ ‬أمرت‭ ‬رئيسة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬نانسي‭ ‬بيلوسي‭ ‬بـ«مراسم‭ ‬رسمية‮»‬‭ ‬في‭ ‬الكونجرس‭. ‬وأما‭ ‬ترامب،‭ ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬يعد‭ ‬الشخصية‭ ‬الأكثر‭ ‬نفوذا‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬فيخطط‭ ‬لإحياء‭ ‬ذكرى‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬على‭ ‬طريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬في‭ ‬بالم‭ ‬بيتش‭ ‬في‭ ‬فلوريدا،‭ ‬حيث‭ ‬يقول‭ ‬إنه‭ ‬سيركّز‭ ‬على‭ ‬انتخابات‭ ‬2020‭ ‬الرئاسية‭ ‬‮«‬المزوّرة‮»‬‭.  ‬ ورغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يقدّم‭ ‬أي‭ ‬أدلة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الانتخابات‭ ‬كانت‭ ‬مزورة،‭ ‬تظهر‭ ‬الاستطلاعات‭ ‬بأن‭ ‬حوالي‭ ‬ثلثي‭ ‬الناخبين‭ ‬الجمهوريين‭ ‬يؤيّدونه‭. ‬وبدورهم،‭ ‬يدرك‭ ‬النواب‭ ‬الجمهوريون‭ ‬بأن‭ ‬ترامب‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬الدفع‭ ‬بهم‭ ‬قدما‭ ‬أو‭ ‬سحقهم‭ ‬سياسيا،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يفضّل‭ ‬معظمهم‭ ‬إرضاءه‭. ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بنس‭ ‬لم‭ ‬يدل‭ ‬بأي‭ ‬تصريح‭ ‬ضده‭. ‬ وعلى‭ ‬العكس،‭ ‬يسعى‭ ‬الحزب‭ ‬لاستعادة‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬الكونجرس‭ ‬المرتقبة‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬وفي‭ ‬اقتراع‭ ‬2024‭ ‬الرئاسي،‭ ‬والذي‭ ‬قد‭ ‬يترشّح‭ ‬ترامب‭ ‬لخوضه‭ ‬مجددا‭. ‬ وقال‭ ‬عضو‭ ‬الكونجرس‭ ‬الديمقراطي‭ ‬بيني‭ ‬ثومبسن،‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬تحقيق‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬عدم‭ ‬القيام‭ ‬بتحرّك‭ ‬ما‭ ‬أو‭ ‬تجاوز‭ (‬ما‭ ‬حصل‭)‬،‭ ‬ليس‭ ‬خيارا‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‮»‬‭.‬ وسيكون‭ ‬على‭ ‬اللجنة،‭ ‬التي‭ ‬استجوبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬300‭ ‬شخص،‭ ‬استكمال‭ ‬عملها‭ ‬قبل‭ ‬انتخابات‭ ‬منتصف‭ ‬الولاية‭ ‬المرتقبة‭ ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعيد‭ ‬سيطرة‭ ‬الجمهوريين‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ما‭ ‬سيعني‭ ‬إلغاء‭ ‬التحقيق‭. ‬لكن‭ ‬خبراء‭ ‬يشيرون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬الحقيقة‭ ‬الكاملة‭ ‬لما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬يحمل‭ ‬مخاطر‭ ‬سياسية‭ ‬هائلة‭ ‬لإدارة‭ ‬بايدن‭. ‬لكن‭ ‬تركها‭ ‬طي‭ ‬الكتمان‭ ‬خطير‭ ‬أيضا‭.  ‬وأفاد‭ ‬الخبير‭ ‬السياسي‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬بروكينجز‭ ‬وليام‭ ‬جالستون‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السادس‭ ‬من‭ ‬يناير‭ ‬كان‭ ‬نذيرا‭ ‬بشأن‭ ‬خطر‭ ‬واضح‭ ‬وحاضر‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬‮«‬أخفقت‭ ‬جهود‭ ‬إلغاء‭ ‬نتائج‭ ‬انتخابات‭ ‬ديمقراطية‮»‬‭.‬

مشاركة :