فجرت مساعي الاتحاد الأوروبي لتصنيف الطاقة النووية كطاقة خضراء أي صديقة للبيئة جدلا واسع النطاق الأحد ومعارضة شرسة من ألمانيا والنمسا. ويعتزم التكتل الأوروبي تصنيف الطاقة النووية وتلك المولدة من الغاز الطبيعي من بين مصادر الاستثمار “الخضراء”، رغم الخلاف الداخلي حول ما إذا كانت حقا مؤهلة لأن تكون خيارات مستدامة. والاقتراح الذي تم كشف النقاب عنه مساء السبت يهدف إلى دعم تحوّل الكتلة التي تضم 27 دولة نحو مستقبل حياد الكربون، بحيث تكون بين واضعي معايير محاربة التغير المناخي. لكن حقيقة أن المفوضية الأوروبية وزعت النص بهدوء على الدول الأعضاء بعدما طال انتظار الوثيقة وأرجئت مرتين خلال العام، سلطت الضوء على المسار الصعب الذي سلكه الاقتراح لدى صوغه. وفي حال موافقة غالبية الدول الأعضاء عليه يصبح قانونا أوروبيا يبدأ تطبيقه اعتبارا من 2023. وأكدت المفوضية مساء السبت أنها بدأت مشاورات مع الدول الأعضاء حول الاقتراح، وتحديدا القسم المتعلق بالطاقة النووية وتلك المولدة من الغاز. وقالت إن “الأنشطة التي يغطيها هذا القانون التكميلي ستسرع التخلص التدريجي من مصادر أكثر ضررا، مثل الفحم، وتعمل على تقريبنا من مزيج طاقة أقل انبعاثا للكربون وأكثر مراعاة للبيئة”. وأضافت أنها “تعتبر أن هناك دورا للغاز الطبيعي والطاقة النووية كوسيلة لتسهيل الانتقال نحو مستقبل قائم على الطاقة المتجددة في معظمه”. شتيفي ليمكه: من الخطأ تصنيف الغاز والطاقة النووية بين المصادر الخضراء وقادت فرنسا الجهود بشأن ضم الطاقة النووية، مصدرها الرئيسي للطاقة، رغم معارضة قوية من النمسا وتشكيك من ألمانيا التي تواصل إغلاق جميع منشآتها النووية. وقالت وزيرة البيئة الألمانية شتيفي ليمكه لمجموعة فونكه الإعلامية الألمانية السبت إنه سيكون من “الخطأ” تصنيف الغاز والطاقة النووية بين المصادر “الخضراء”، معتبرة أن الطاقة الذرية “يمكن أن تؤدي إلى كوارث بيئية مدمرة”. وبدورها، انتقدت وزيرة البيئة النمساوية ليونور غيفيسلر الاقتراح، معتبرة في بيان أن الطاقة النووية باتت “من الماضي” وهي “مكلفة للغاية وبطيئة للغاية” لمكافحة تبدل المناخ. وقد دافعت الدول التي تعتمد على الوقود الأحفوري في شرق وجنوب الاتحاد الأوروبي، عن استخدام الغاز الطبيعي، أقله كمصدر مؤقت، رغم أنه لا يزال يتسبب بكميات كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة. وجاء في اقتراح المفوضية أنه “من الضروري الاعتبار أن قطاعي الغاز الأحفوري والطاقة النووية يمكن أن يساهما بإزالة الكربون من اقتصاد الاتحاد”. وأضاف أنه بالنسبة إلى الطاقة النووية، يتعين وضع تدابير مناسبة لإدارة النفايات المشعة والتخلص منها. ويدعو الاقتراح إلى أن يكون بناء منشآت جديدة للطاقة النووية مشروطا بتراخيص تمنح قبل 2045، وأن يتم إعطاء أذون تمديد عمل المنشآت القائمة قبل 2040. وفي مسألة الغاز، ينبغي وضع حدود لانبعاثات الكربون تكون أدنى بكثير من تلك المنبعثة من منشآت الفحم، وفق الاقتراح، على أن يكون مصدرا مؤقتا مع ضرورة إعطاء تراخيص بناء المنشآت قبل 2031. وأمام الدول الأعضاء والخبراء الذين استشارتهم المفوضية أسبوعان لطلب مراجعة الاقتراح قبل نشر النص النهائي منتصف الشهر الحالي. وسيكون أمام البرلمان الأوروبي عندئذ أربعة أشهر للموافقة على النص أو رفضه عبر التصويت. وامتدت النقاشات بشأن المقترح المذكور إلى داخل الدول الـ27 المشكلة للتكتل الأوروبي، حيث ناشد حزب اليسار الألماني المعارض بالبرلمان الألماني “بوندستاج” الحكومة الاتحادية اتخاذ إجراء قانوني مع النمسا ضد خطط الاتحاد الأوروبي لتصنيف محطات توليد الطاقة النووية على أنها صديقة للبيئة. وقال خبير الشؤون الأوروبية بالكتلة البرلمانية للحزب المعارض أندريه هونكو، الأحد بالعاصمة الألمانية “يجب أن تدعم ألمانيا الإجراء القانوني الذي تتخده النمسا ضد تصنيف الطاقة النووية على أنها مستدامة وصديقة للمناخ”، مضيفا أن عدم الموافقة ببساطة في مجلس الاتحاد الأوروبي ليس كافيا. وقال هونكو “يجب وقف هذا الاقتراح. برلمان الاتحاد الأوروبي يمكنه رفض ذلك بأغلبية بسيطة، ولكن يتعين على الحكومة الاتحادية دعم مساعي الشكوى (القانونية) النمساوية بكل القوى”. وبدوره كان ماتياس ميرش نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك بالائتلاف الحاكم الجديد بألمانيا صرح من قبل لوكالة الأنباء الألمانية “يجب على ألمانيا استنفاد كل الإمكانات من أجل الحيلولة دون دعم هذه التقنية على مستوى أوروبي”. وفي إيطاليا، قال زعيم حزب الرابطة اليميني المتطرف إن هناك احتمالية لبناء محطات طاقة نووية أخرى على الأراضي الإيطالية مشددا الأحد على أنه “لا يمكن لإيطاليا أن تقف مكتوفة الأيدي… حزب الرابطة مستعد أيضا لجمع التوقيعات من أجل استفتاء يقود بلادنا إلى مستقبل طاقة نظيفة وآمنة ومستقلة”.
مشاركة :