أصدرت إحدى الجامعات السعودية عقوبات مختلفة على بعض طلابها، بحجة أو تهمة الإساءة لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاوتت العقوبات بين مشددة ومخففة حسب آراء وفهم الذين تولوا إصدار العقوبة من قيادات الجامعة، متجاهلين أن هناك جهات مختصة يمكن تقديم شكوى رسمية لها وهي القادرة على تقييم (المكتوب)، هل يعتبر إساءة بحق الجامعة كما تدّعي أم مجرّد انتقاد حقيقي لا يرتقي لمرحلة الإساءة؟ إذا ترك الحبل على الغارب لكل إدارة منشأة سواء حكومية أو خاصة لتقوم برصد ومتابعة ما يكتب عنها، ومعاقبة منسوبيها ممن يكتبون آراء خاصة كنقد أو توجيه أو إساءة، سنصل لحالة من الفوضى غير المبررة، وهذه التصرفات ستقلص من أدوار الجهات المتخصصة بمثل هذا النوع من الجرائم، إن قيام إدارة الجامعة أو إدارة أي جهة أخرى بإصدار قرارات تأديبية بحق منسوبيها بتهمة انتقادهم عبر المواقع الاجتماعية يعتبر مخالفة أشد وأكبر مما فعله منسوبوها، حيث إنه انتهاك واضح للنظام وبالذات نظام العمل وبنود عقد العمل بين الطرفين، ليس فيها ما ينص على إعطاء حق للمنشأة في معاقبة منسوبها إذا انتقدها عبر الشبكات الاجتماعية، مع ملاحظة شيء مهم جداً، وهو أن كثيراً من منسوبي إدارات المنشآت لا يملكون العمق المعرفي والمهنية الإعلامية لتقييم مشاركة الموظف وفرزها أتعتبر إساءة أم نقداً أم مشاركة عادية ليس لها أي إساءة، لا يجب أن نعطي لأنفسنا حصانة غير مبررة تصل لدرجة أن تغضب جامعة من أحد طلابها لمجرد أنه كتب انتقاداً لها عبر المواقع الاجتماعية، الذي يذهب للشكوى عبر الشبكة العنكبوتية، علينا أن نفكر قبل معاقبته ما هي الأسباب التي دفعته إلى ذلك؟! ربما قد يكون طرق جميع الأبواب ولم يتم الإنصات له! ربما تكون الجامعة قد أغلقت جميع أبوابها وأقفلت آذانها حتى لا تسمع صوت منسوبيها وطلبتها، المنشآت أياً كان نوعها لا يجب أن تكون حساسة ضد كل نقد أو ما يكتب عنها في وسائل الإعلام أو المواقع الاجتماعية، وعليها أن تتقبل النقد بصدر رحب بغض النظر عن مصدر هذا النقد سواء أكان أحد منسوبيها أو من خارج المنشأة، كما يجب على كل منشأة أن تواكب التطور التكنولوجي الإعلامي وتجلب موظفين متخصصين في إعلام (السوشال ميديا)، وعدم الاكتفاء بموظفي السكرتارية الذين يمارسون مهاماً إعلامية لا يفقهون بها شيئاً، وهذا السبب هو الذي أوسع الفجوة والجفاء بين وسائل الإعلام والجهات الأخرى، ولا يمكن تقريب المسافة سوى بتوظيف موظفين متخصصين بالإعلام، يملكون القدرة على التعامل مع كل ما يكتب عن المنشأة سواء كان نقداً أم غير ذلك، تخبُّط الجهات وعدم نجاحها في التعامل مع النقد، يرجع لعدم وجود متخصصين إعلاميين يتبعون للجهات نفسها، يقومون بحمايتها من التعامل الخاطئ والاجتهادات غير الموفقة التي تصدر من عقول موظفين لم يدرسوا سوى سكرتارية وأعمال مكتبية بحتة لا صلة للإعلام بها!
مشاركة :