ذكرت نتائج دراسة ألمانية سويسرية مشتركة أن الفلورا المعوية التي تعيش في أمعاء الإنسان لها تأثير كبير على أسلوب النوم وعدد ساعاته عند الرضع كما عند الكبار، وهو ما قد يشرح أسباب مشاكل النوم عند البشر وطرق علاجها. أظهرت دراسة جديدة أن هناك بالفعل علاقة بين سلوك النوم والفلورا المعوية عند الرضع تعيش تريليونات البكتيريا والفيروسات والكائنات الحية الدقيقة الأخرى في أمعاء الإنسان، والتي تُعرف بأكملها باسم "النبيب الجرثومي المعوي" أو "الفلورا المعوية". وهي تساعد على الهضم وإنتاج الفيتامينات، وتقي من تغلغل الجراثيم المسببة للأمراض، وتقوي جهاز المناعة وتمنع الالتهابات في الجسم بالكامل. والفلورا المعوية لها تأثير أيضاَ على سلوك النوم عند الرضع، وفقًا لدراسة جديدة مشتركة بين جامعتي فرايبورغ الألمانية وزيورخ السويسرية، والتي كانت بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية السويسرية (SNSF). ونشرت نتائج الدراسة في الدورية العلمية "التقدم في علم الأعصاب"، نقلا عن موقع "هايل براكسيز" الألماني المختص بالصحة. فلورا معوية أقل تنوعا تساعد على المزيد من النوم وذكرت الدراسة أن البكتيريا المعوية ترتبط في أمعاء الرضع بالنوم. يمكن ملاحظة ذلك من سن ثلاثة أشهر، بحسب الباحثتين في مجال النوم سالومه كورت من جامعة فرايبورغ وسارة شوش من جامعة زيورخ. على سبيل المثال، الأطفال الصغار الذين يحملون بكتيريا معوية أقل تنوعاً ينامون أكثر أثناء النهار، كما أن أنماط النوم في الليل ترتبط أيضاَ بأنواع البكتيريا الموجودة. وتضيف الباحثة شوش: "حتى الآن، كان هذا معروفا فقط عند البالغين". وتوصلت الباحثتان أيضاً إلى معرفة أن النوم والبكتيريا المعوية ونشاط الدماغ تتطور ديناميكياً بالتوازي في السنة الأولى من العمر. بمعنى آخر: وفقًا للباحثتين، فإن الأطفال الصغار الذين توجد عندهم أنواع مختلفة من البكتيريا المعوية لديهم أيضاً أنشطة دماغية مختلفة عندما ينامون. تظهر هذه العلاقة بشكل أكثر وضوحاً في عمر ثلاثة أشهر، مما يشير إلى أن هذه المرحلة حساسة جدا لتطور أسلوب النوم ، كما ذكر موقع "هايل براكسيز". دراسة النوم في البيئة المعتادة وجاءت النتائج عبر دراسة طويلة الأمد أجريت في سويسرا مع مجموعة من 162 رضيعاً. وذكرت الباحثة المشاركة في الدراسة سولمه كورت أنه "شارك الكثير من الأشخاص في هذه الدراسة الميدانية، على سبيل المثال في الزيارات العائلية لأننا أردنا مراقبة نوم الأطفال الصغار في بيئتهم المعتادة - في المنزل أو في عربة الأطفال وفي السيارة - وعلى مدى فترة زمنية أطول. وأعطى النهج هذا المتبع ميزة للدراسة، لأن العديد من دراسات النوم (السابقة) تقتصر على ليلة واحدة في مختبر النوم". وتمت متابعة الأطفال الرضع في منزلهم في ثلاثة أوقات: بعمر ثلاثة وستة واثني عشر شهراً. تم توصيل جهاز استشعار للحركة بكاحل الرضع لمدة عشرة أيام لمراقبة نومهم. في الوقت نفسه، سجل أولياء الأطفال في يومياتهم بيانات النوم والأكل ووقت البكاء. كما آخذ أولياء الرضع أيضًا عينات من البراز، والتي تمكن العلماء من تحليل الجراثيم المعوية وراثياَ بناءً على ثلاثة معايير: التنوع، والنضج إذ يتغير الميكروبيوم (مجموعة الميكروبات المتعايشة مع الإنسان) على مدار الحياة وخاصة في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى النمط المعوي (صورة مبسطة للفلورا المعوية). علاوة على ذلك، يوضح أهل الرضع في استبيان كيف تطور الطفل في خمسة مجالات: التواصل، والمهارات الحركية الكبرى، والمهارات الحركية الدقيقة، وحل المشكلات، والعلاقات الاجتماعية. وتضيف كورت بأن "هذه النتائج مثيرة للاهتمام للغاية لأنها تظهر أن النوم والفلورا المعوية مرتبطة بالتطور السلوكي للأطفال. نظراً لأنه من الممكن التأثير على مشاكل النوم من خلال تدريب الوالدين (الأب والأم) والبكتيريا المعوية من خلال التغييرات في النظام الغذائي، قد نتمكن من إحداث فرق في المستقبل بهذه الطريقة مع مشاكل النمو". لكن من السابق لأوانه التعميم بشأن نتائج الدراسة، ويجب التحقق مما إذا كان يمكن تنفيذ نتائجها بشكل فعال في الدراسات السريرية. ز.أ.ب/أ.ح
مشاركة :