تواصل الحكومة العراقية طريقها في خط سير يتقاطع تماماً مع الفصائل المسلحة التي يُعتقد صلتها الوثيقة بطهران في ما يتعلق بالموقف من وجود القوات الأميركية والأجنبية في العراق ضمن إطار التحالف الدولي لمساعدة العراق في حربه ضد الإرهاب. وهاجمت الفصائل المسلحة للمرة الثالثة في غضون 72 ساعة معسكراً للجيش العراقي قرب مطار بغداد، أمس. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصادر أمنية وعسكرية عراقية أن صاروخ كاتيوشا أصاب قاعدة عسكرية عراقية تستضيف قوات أميركية بالقرب من المطار. ومساء أمس، سقطت 5 قذائف قرب قاعدة عين الأسد في الأنبار بعد يومين من استهدافها بطائرتين مسيرتين أسقطهما التحالف الدولي المتمركز في هذه القاعدة الضخمة غرب البلاد. وجاءت هذه الهجمات في وقت جدد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي تأكيده مغادرة القوات المقاتلة الدولية أرض العراق. وتعليقاً على الهجمات الأخيرة التي طالت أهدافاً عسكرية في الأنبار وبغداد، قال الكاظمي خلال اجتماع لمجلس الوزراء، أمس الأربعاء، إن «هناك بعض التصرفات العبثية، فمع الأيام الأولى من العام الجديد انطلقت عدة صواريخ مستهدفةً معسكرات عراقية، وهذا بالتأكيد يعكر صفو الأمن والاستقرار». وأكد الكاظمي «انتهاء الدور القتالي للقوات الأميركية وقوات التحالف الدولي في العراق، وتم تسلّم كل المعسكرات من قبل القوات العراقية. وحالياً يوجد عدد من المستشارين يعملون إلى جانب القوات الأمنية». وفي التفاصيل الميدانية، أعلنت خلية الإعلام الأمني الحكومية، أمس، سقوط صاروخ على معسكر النصر القريب من مطار بغداد الدولي غرب العاصمة. وذكرت الخلية، في بيان، أن «صاروخاً سقط على معسكر النصر غرب بغداد، حيث كان انطلاقه من منطقة حي الجهاد» الذي يقع في جانب الكرخ وقريب نسبياً من المطار. وأضافت أن «القوات الأمنية عثرت على منصة لإطلاق الصواريخ عليها صاروخ لم ينطلق عيار 240 ملم تم تفكيكه وتسليمه إلى مديرية الأدلة الجنائية. الأجهزة الأمنية والوكالات الاستخبارية تتابع تحقيقاتها للوصول إلى المنفذين». ورغم الهجمات العديدة التي شنتها الفصائل المسلحة على المنطقة الخضراء والسفارة الأميركية في بغداد وعلى معسكرات للجيش، إلى جانب الهجمات التي تستهدف بشكل شبه يومي أرتال الإمدادات اللوجستية العسكرية العابرة من جنوب البلاد، ورغم التعهدات الحكومية المستمرة بمحاسبة المنفذين، فإن ذلك لم يحدث في حده الأدنى، ولم تعلن السلطات العراقية نجاحها في إلقاء القبض على أي عنصر من عناصر الجماعات المتورطة في شن الهجمات. ويكشف ذلك أن تلك الجماعات تعمل على الأرجح تحت غطاء سياسي وإقليمي يجعلها بمنأى عن المحاسبة والوقوع تحت طائلة القانون، ما يدفعها إلى مواصلة أعمالها المهددة للسيادة الوطنية بكل أريحية. وكان وزير الدفاع جمعة عناد اعتبر، أول من أمس، أن «استهداف القواعد وقضية هجمات الطائرات المسيّرة على المعسكرات سياسية ولا علاقة لها بالانسحاب من العراق». وأضاف في تصريحات صحافية أن «العراق ما زال يحتاج قدرات إضافية للقوة الجوية، ونحن بحاجة للمستشارين ضمن التحالف الدولي». ويتزامن التصعيد الذي تنفذه الفصائل المسلحة هذه الأيام مع إحياء الذكرى السنوية الثانية لمقتل القائد السابق لـ«فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» بضربة جوية أميركية على طريق مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.
مشاركة :