رام الله - باريس: «الشرق الأوسط» أعرب مسؤولون فلسطينيون ومقربون من الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أمس عن خيبة أملهم بعد استبعاد الخبراء الفرنسيين لفرضية وفاته مسموما. وأكدت سهى عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني في أنها «مقتنعة تماما» بأن «أبو عمار» «لم يمت بطريقة طبيعية». وقالت عرفات في تصريحات من مقر إقامتها بباريس «لا زلت مقتنعة تماما أن الشهيد عرفات لم يمت بطريقة طبيعية وسأظل أتابع إلى أن أصل إلى الحقيقة». واستبعد خبراء مكلفون من القضاء الفرنسي التحقيق في وفاة ياسر عرفات في تقريرهم الثلاثاء فرضية وفاة الزعيم الفلسطيني مسموما مرجحين الموت الطبيعي بحسب مصدر قريب من الملف. وأشارت عرفات إلى أنها «مصدومة جدا من التقرير الفرنسي الذي تسلمت منه ملخصا من أربع صفحات فقط» مؤكدة إلى أنه من «غير المنطقي إطلاقا» أن الفرنسيين لم يجدوا شيئا. وبحسب عرفات فإن التقرير الفرنسي «كان مبسطا جدا ولم ينشر بالتفصيل على غرار التقرير السويسري الذي نشر بالكامل حتى على الموقع الإلكتروني للمختبر السويسري». وقالت النيابة العامة في نانتير قرب باريس في بيان «مع التحاليل التي أجريت والمستندات التي يتضمنها الملف، خلص الخبراء إلى غياب تسميم لعرفات بالبولونيوم - 210» وهي مادة مشعة على درجة عالية من السمية. وتوفي عرفات في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 في مستشفى بيرسي دو كلامار العسكري قرب باريس الذي نقل إليه في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) إثر معاناته من آلام في الأمعاء من دون حمى، من مقره برام الله حيث كان يعيش محاصرا من الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر (كانون الأول) 2001. وأعلن رئيس لجنة التحقيق الفلسطينية توفيق عرفات في بيان أن «الجانب الفلسطيني لم يتسلم التقرير الفرنسي بعد» مؤكدا «نحن بانتظار نتائج التحقيقات الفرنسية بهذا الخصوص». وأعرب عدد من المسؤولين الفلسطينيين عن تفاجئهم من تناقض التقرير الطبي الفرنسي مع أقوال الأطباء في مستشفى بيرسي الذي توفي فيه عرفات. وأوضح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية «قال الفرنسيون في عام 2004 بأنها مادة غريبة لم يكونوا قادرين على جلب ترياق لها». وأضاف: «آمل ألا يحدث بيننا وبين فرنسا سوء فهم حول هذا الموضوع». وأشار تقرير طبي فرنسي يعود تاريخه إلى 14 نوفمبر 2004 إلى التهاب بالأمعاء وتخثر «شديد» للدم لكنه لم يوضح أسباب الوفاة. وكانت سهى أرملة عرفات رفعت في يوليو (تموز) 2012 دعوى ضد مجهول بتهمة القتل في نانتير بعد اكتشاف مادة البولونيوم المشعة والعالية السمية على أغراض شخصية لزوجها. وهذه المادة أعطيت له كما قالت من أحد المحيطين به. وأمر قضاة التحقيق المكلفون بهذا الملف بنبش جثة الزعيم الفلسطيني لأخذ عينات، وتم ذلك في نوفمبر 2012. ثم تم توزيع ستين عينة للتحليل على ثلاثة فرق من المحققين السويسريين والفرنسيين والروس، ليقوم كل فريق بعمله من دون تواصل مع الفريقين الآخرين. وبالنسبة للفرنسيين فإن وجود غاز مشع طبيعي، الرادون، في البيئة الخارجية يوضح هذه الكميات الكبيرة. وعلى عكس الفرنسيين، أعلن السويسريون مطلع نوفمبر أنهم يغلبون فرضية التسميم بعد أن وجدوا البولونيوم - 210 بكميات أكبر بعشرين مرة مما اعتادوا قياسه. لكنهم لم يؤكدوا بشكل قاطع أن هذه المادة كانت سبب الوفاة. لكن الفريقين ينطلقان من مسلم واحد وهو وجود البولونيوم بكمية تتجاوز المعدل الطبيعي في جسد ياسر عرفات، بحسب ما أعلنت سهى عرفات ومحاميها الفرنسي بيار أوليفييه سور. وقال سور بأنه سيطالب بضم التقرير السويسري إلى الإجراء الفرنسي لإجراء «مقارنة» بين النسختين. وشدد على أنه «ينبغي أن يتوصل الخبراء إلى إعطائنا نتيجة متجانسة». ويتهم الكثير من الفلسطينيين إسرائيل بتسميم عرفات وهو ما تنفيه الدولة العبرية على الدوام. وأكد المتحدث باسم حركة فتح أحمد عساف لوكالة الصحافة الفرنسية «قناعتنا في حركة فتح أن الرئيس عرفات مات مسموما وأن إسرائيل وحدها تقف وراء هذه الجريمة. ونحن معنيون في هذه المرحلة بالتوصل إلى المنفذين».
مشاركة :