كشفت شركة تشيناليسيس المتخصصة في أبحاث سلاسل الكتل أمس، عن ارتفاع تداولات العملات المشفرة إلى 15.8 تريليون دولار في 2021 أي بأكثر من خمسة أضعاف على أساس سنوي. وبحسب "رويترز"، شهدت الأصول الرقمية من عملة بيتكوين إلى الرموز غير القابلة للاستبدال زيادة كبيرة في الإقبال عليها في 2021 مع احتضان مستثمرين وشركات كبرى لها. ودخل المستثمرون الجدد السوق بفعل إغراء المكاسب السريعة، التي روج لها أنصار العملات المشفرة والأمل في أن توفر بيتكوين، حماية من التضخم المرتفع. غير أن تنظيم هذه العملات لا يزال متباينا، الأمر الذي لا يوفر حماية كافية للمستثمرين من الجريمة. وقالت "تشيناليسيس" ومقرها الولايات المتحدة، إن حجم المبالغ التي انطوت عليها جرائم العملات المشفرة سجل مستوى غير مسبوق العام الماضي، بلغ 14 مليار دولار وذلك في وقت تطالب فيه الهيئات التنظيمية بمزيد من الرقابة على هذا القطاع سريع النمو. وأشارت الشركة إلى أن حجم العملات المشفرة التي استقبلتها عناوين المحافظ الرقمية المرتبطة بنشاط غير مشروع، بما في ذلك محاولات الاحتيال وأسواق الإنترنت المظلم وبرمجيات طلب الفدية قفز 80 في المائة عما كان عليه قبل عام. غير أن هذا النشاط لم يمثل سوى 0.15 في المائة من إجمالي حجم التعاملات في العملات الرقمية وهو أدنى مستوى على الإطلاق. إلى ذلك، تراجعت عملة بيتكوين المشفرة إلى ما دون 43 ألف دولار أمس، لتختبر أدنى مستوياتها في عدة أشهر بعدما أظهر محضر أحدث اجتماع لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي ميله نحو سياسة أكثر تشددا، ما حد من إقبال المستثمرين على الأصول التي تنطوي على مخاطر أكبر. وسجلت أكبر عملة مشفرة في العالم في أحدث التعاملات 42700 دولار، بانخفاض 1.7 في المائة، بعدما خسرت 5.2 في المائة الأربعاء. وإذا نزلت إلى ما دون 42 ألفا، المستوى المتدني الذي سجلته الشهر الماضي، فسيكون ذلك أقل مستوى لها منذ أيلول (سبتمبر). وكانت بيتكوين قد سجلت ذروة قياسية عند 69 ألف دولار في تشرين الثاني (نوفمبر). وخسرت إيثر، وهي ثاني أكبر عملة مشفرة في العالم التي تدعم شبكة إيثيريوم، 5.2 في المائة ولامست أدنى مستوى لها منذ تشرين الأول (أكتوبر)، قبل أن تعود للارتفاع قليلا إلى 3460 دولارا. وبحسب مذكرة بحثية، رجح بنك الاستثمار جولدمان ساكس، أن تنال العملة المشفرة بيتكوين من حصة الذهب في السوق في 2022، بينما يصبح استخدام الأصول الرقمية أكثر شيوعا. وأضاف "جولدمان ساكس"، أن حصة أكبر عملة مشفرة في العالم حاليا 20 في المائة من سوق "مخزن القيمة"، مشيرا إلى قيمة سوقية لبيتكوين تبلغ 700 مليار دولار، مقارنة بذهب بنحو 2.6 تريليون دولار مملوك للاستثمار. وقالت المذكرة، إنه في سيناريو افتراضي تنتزع فيه بيتكوين حصة 50 في المائة من هذه السوق، فإن سعرها سيصل إلى ما يزيد قليلا على 100 ألف دولار. ومصطلح "مخزن القيمة" يستخدم في العادة لوصف الأصول، التي يمكنها الاحتفاظ بقيمتها مع مرور الوقت، مثل المعادن النفيسة وبعض العملات. واستأنف "جولدمان ساكس" نشاط مكتبه لتداول العملات المشفرة في 2021. وشهدت الأعوام الأخيرة نموا سريعا في الأصول المشفرة والمنتجات والخدمات المرتبطة بها. وهناك ازدياد أيضا في الروابط بينها وبين النظام المالي الخاضع للتنظيم. ويسعى صناع السياسات جاهدين إلى مراقبة المخاطر الناشئة عن هذا القطاع الآخذ في التطور الذي لا يغطي التنظيم كثيرا من أنشطته. والواقع أننا نرى أن هذه المخاطر على الاستقرار المالي يمكن أن تتحول قريبا إلى مخاطر نظامية في بعض الدول. وبينما يشير رأس المال السوقي البالغ نحو 2.5 تريليون دولار، إلى القيمة الاقتصادية الكبيرة للابتكارات التكنولوجية الأساسية، مثل تكنولوجيا بلوكتشين، فإنه قد يعكس أيضا بعض القيم الجوفاء في بيئة تسودها التقييمات المفرطة. وبالفعل فقد تضمنت ردود الأفعال المبكرة تجاه سلالة المتحور أوميكرون قدرا كبيرا من المبيعات البخسة للعملات المشفرة. وبشأن مخاطر الأصول المشفرة على النظام المالي، فإن تحديد القيمة لا يمثل التحدي الوحيد في المنظومة المشفرة. ذلك أن تحديد المخاطر ومراقبتها وإدارتها تمثل تحديا للأجهزة التنظيمية والشركات. وتشمل هذه المخاطر، على سبيل المثال، مخاطر التشغيل والسلامة المالية الناشئة عن بورصات ومحافظ الأصول المشفرة، وحماية المستثمرين، وعدم كفاية الاحتياطيات وعدم دقة الإفصاح بالنسبة لبعض العملات المستقرة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي استحداث الأصول المشفرة في اقتصادات الأسواق الصاعدة والنامية، إلى التعجيل بما سمي بالتشفير حين تحل هذه الأصول محل العملة المحلية وتلتف حول قيود الصرف وتدابير إدارة الحساب الرأسمالي.
مشاركة :