فشل المعارض الكويتي المثير للجدل مسلم البراك في حشد المعارضة النيابية حول مشروع يستهدف وفق تعبيره “إنقاذ البلاد وإصلاح الأوضاع”. ويرى مراقبون أن العديد من الأسباب ساهمت في هذا الفشل من بينها الانقسامات التي تعصف بصفوف المعارضة، وغياب توافق فيما بينها حول الأهداف المرجوّ تنفيذها، فضلا عن رفض عدد منهم أن يكونوا “بيادق” أو مجرد رقم في مشروع البراك الذي لا يخلو من طموحات شخصية، بحسب رأي البعض. وعاد البراك في نوفمبر الماضي إلى الكويت بعد سنوات قضاها في المنفى في تركيا، وجاءت هذه العودة على إثر عفو أميري طاله ومجموعة من النواب السابقين كانت صدرت بحقهم أحكام بالسجن على خلفية محاولة اقتحام مجلس الأمة في العام 2011. ومنذ وصوله إلى أرض الكويت أظهر النائب السابق طموحا في تزعّم جبهة المعارضة من خلال دعوته النواب المعارضين إلى الاجتماع للاتفاق على خارطة طريق محددة الأهداف للمرحلة المقبلة. واتهمت أوساط سياسية قريبة من الحكومة حينها البراك بالسعي لتصفية حسابات شخصية مع رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، بيد أن رفض البراك الانضمام لحملة “رحيل الرئيسين” بددت تلك الاتهامات لكنها أثارت غضب النواب المتبنين للحملة والذين كانوا في صدارة الداعمين لمبادرته بجمع المعارضة في مشروع واحد. مبارك الوعلان: أنا مع شعار رحيل الرئيسين، ولكننا لا نريد دغدغة المشاعر وكان من المفترض أن يعقد البراك اجتماعا مع نواب المعارضة الاثنين الماضي لكن معظمهم لم يلبّ الدعوة، وكشف البراك لاحقا عن بعض الدوافع التي حالت دون ذلك من بينها وجود تحفظات من بعض النواب على محاور الاجتماع، وكانت لآخرين احترازات على حضور شخصيات بعينها، فيما رفض نواب الحضور بداعي عدم التنسيق المسبق معهم. وفيما بدا رفضا للإقرار بالفشل قرر البراك المضي قدما في إعلان مشروعه الذي يصفه بـ”الإصلاحي” من خلال عقد مؤتمر صحافي الثلاثاء لم يحضره سوى أحد عشر نائبا هم: صالح الشلاحي، أسامة الشاهين، عبدالعزيز الصقعبي، حمد المطر، بدر الحميدي، محمد الحويلة، سعود بوصليب، مهلهل المضف، عبدالله جاسم المضف، أحمد مطيع، وعبدالكريم الكندري. كما شارك في الاجتماع عدد من النشطاء والنواب السابقين الذين شملهم العفو الأميري من بينهم مبارك الوعلان الذي عقد الاجتماع في ديوانه. ووجه البراك خلال الاجتماع سلسلة من الانتقادات للمعارضة التي قسمها بين معارضة المهجر ومعارضة الداخل وقال النائب السابق “الشرفاء في المهجر (هو ومن معه) تعالوا على كل همومهم، بينما هناك من يبحث عن الربح”، متهماً بعض النواب بأنهم “ليس لديهم استعداد لتجاوز خلافاتهم الشخصية، ولا يريدون الاجتماع” ويعلون مصالحهم الشخصية على مصالح الوطن. وأضاف بأن “هنالك من تآمر على دعوتنا للاجتماع الذي يهدف إلى جمع الكلمة وتوحيد الصف.. وأن هناك طرفين متناقضين يعتبران نفسيهما كتلتين وهما مختلفان في كل شيء ومتفقان على تخريب اجتماع المعارضة الوطني”. ووصف البراك شعار رحيل الرئيسين (رئيس مجلس الأمة ورئيس الوزراء) بـ”الفاشل” ومجرد “خطاب سياسي انتخابي لم يحقق للشعب الكويتي شيئا”. وعن مشروعه قال البراك إنه يتضمن سبعة محاور “تعالج الوضع الراهن وفق جدول زمني محدد” وتركز على تطوير العمل السياسي وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء، مشددا على أنه لن يتراجع عن مشروعه الإصلاحي. من جهته أعلن النائب السابق مبارك الوعلان أن المشروع الذي يطرحونه يتعلق بـ”مصلحة بلد ومستقبل أجيال”، وليس الغرض منه تحقيق مكاسب شخصية. وأوضح الوعلان “أنا مع شعار رحيل الرئيسين ولكننا لا نريد دغدغة المشاعر. نعرف مواطن الخلل والكويت في حاجة الى شيء ملموس، وقدمنا هذا المشروع كشيء ملموس ولا نريد أن نضحك على الناس”، مطالباً بعدم المزايدة والتشكيك في موقفه هو ومن معه. منذ وصول مسلم البراك إلى الكويت أظهر النائب السابق طموحا في تزعّم جبهة المعارضة من خلال دعوته النواب المعارضين إلى الاجتماع للاتفاق على خارطة طريق محددة الأهداف للمرحلة المقبلة وقدم الناشط المعارض محمد البليهيس خلال الاجتماع الخطوط العريضة التي تضمنها المشروع وهي “تطوير العمل السياسي والحريات وقوانين تعزيز الشفافية ومكافحة الفساد وتنظيم استقلالية القضاء والإصلاح الاقتصادي والخدمات والبدون”، إلى جانب استكمال ملف العفو عن أصحاب الرأي وعودة الجنسيات المسحوبة. وقال البليهيس لأجل “تطوير العمل السياسي في الكويت”، تقترح المعارضة إصدار “قانون تنظيم الجماعات السياسية وتعديل نظام اللائحة الداخلية، والتصويت علناً لرئاسة المجلس وإلغاء لجنة الأولويات”. ويرى مراقبون أن قوى المعارضة المختلفة في الكويت لا تعارض البنود المطروحة في المشروع الذي أعلنه البراك والمجموعة المناصرة له لكن الإشكال يكمن في الاختلاف حول الأولويات فهناك من يرى اليوم بأن رحيل الرئيسين أولوية مطلقة، فيما يعتبر آخرون أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يعلو على كل الاهتمامات. وإلى جانب الاختلاف حول الأجندات، يشير المراقبون إلى الحسابات الشخصية التي تحكم مواقف جزء كبير من المعارضة الكويتية وهو ما أفرز ظهور معارضات مفتتة فهناك اليوم معارضة المهجر، ومعارضة الداخل التي تنقسم بدورها إلى شقين أحدهما راديكالي والآخر لا يمانع في التعاون مع الحكومة. ويعتبر المراقبون أن من الأسباب الرئيسية التي حالت دون تمكن البراك من حشد المعارضين خلفه هو أنه كشف مبكرا عن طموحات في تصدر جبهة المعارضة، فيما يرى جزء منها أنه الأجدر بذلك، وأنه حان الوقت للبراك أن يتنحى فلكل “زمن رجالاته”. ويقول المراقبون إن هذا التشتت الذي تعيشه المعارضة الكويتية اليوم يخدم بدرجة أولى الحكومة وجهودها في تمرير مشاريع قوانين باتت ملحة لمعالجة التحديات الاقتصادية ومنها مشروع قانون الدين العام.
مشاركة :