يواصل النائب العام الليبي الصديق الصور حملته ضد الفساد والفاسدين التي بدأها الأسبوع الماضي بجملة من الإيقافات، ليعلن مكتبه الأربعاء حبس الصديق عبدالكريم كريم النائب الأول لرئيس الوزراء الأسبق، ووزير الداخلية في حكومة علي زيدان، على ذمة التحقيق في قضايا فساد مالي. وقال مكتب النائب العام في بيان إن كريم "خالف القواعد المنظمة لتعاقد جهة الإدارة والتحايل على إجراءات الرقابة المنوطة بديوان المحاسبة، ويتمثل ذلك في تجزئة إجراءات تكليف مباشر صادر لـ11 شركة إلى 121 تكليفا مباشرا للشركات نفسها". وأضاف أن المسؤول "تعاقد على توريد احتياجات تفتقد إلى الجودة وبأسعار مرتفعة، وصرف قيمة التعاقد على توريدها دون الحصول على إذن ديوان المحاسبة". وأوضح أن تلك التعاقدات "رتبت التزامات على الدولة الليبية بلغت قيمتها مليارا ومئتين وسبعة وخمسين مليون وتسعمئة وخمسة وأربعين ألف وسبعمئة دينار". وشدد على أن "المتهم قدم المساعدة لأحد أصدقائه لغرض تحصيله أموالا عامة، مصدرها مخالفة القانون وإساءة استعمال سلطة الوظيفة". ولفت إلى أن المتهم لم يعترف ببعض الأدلة القائمة ضده، خاصة "انتهاء خبراء مركز البحوث والخبرة القضائية إلى أن سلوك المتهم نجم عنه إهدار مبلغ مالي قدره مائتان وثلاثون مليونا ومئة وتسعة وثمانون ألفا وثمانمئة وتسعة وخمسون دينارا". وقالت النيابة إنها تولي اهتماما بتحقيق الجرائم الموصوفة بالفساد بسرعة واتساق، وعلى الأخص استعجال البدء في الملاحقة القضائية للموظفين العموميين الذين مست أفعالهم بحرمة الأموال العامة، واتخاذ الإجراءات الاحتياطية في مواجهتهم في حال استيفاء إجراءات التحقيق التي كشفت عن تملكهم لها بالمخالفة للتشريعات. وكان الصديق كريم قدم في الثاني والعشرين من نوفمبر أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في طرابلس، وجاء ترتيبه رقم 98، كآخر من قدّم أوراقه للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات. ويأتي حبس وزير الداخلية الأسبق ضمن سلسلة من الإيقافات شملت في البداية وزيرة الثقافة في حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبدالحميد الدبيبة، مبروكة توغي بتهمة قضايا فساد، بينها "الحصول على منافع بالمخالفة للقوانين واللوائح التي تحيط المال العام بالحماية"، قبل أن يتم الإفراج عنها الأحد، بعد انتقادات وجهها الدبيبة للنائب العام الخميس الفائت، حول احتجاز الوزراء "استنادا إلى قوانين بالية". وكان النائب العام أصدر الأسبوع الماضي أوامر بحبس موظفين في أحد المصارف الحكومية وثلاثة مسؤولين في شركة أسمنت بتهم فساد. وتكررت عمليات الحبس "الاحتياطي" للمسؤولين والوزراء في ليبيا طيلة السنوات الماضية، وهي تنتهي عادة بإطلاق سراحهم أو الحكم عليهم بأحكام مخففة. وتعيش ليبيا منذ أكثر من عقد في حالة من الفوضى، وتقع البلاد ضمن تصنيفات متقدمة في مؤشرات تفشي الفساد المالي والإداري على مستوى العالم، في ظل حالة عدم الاستقرار وغياب المحاسبة الفاعلة في جرائم إهدار المال العام. وكان الليبيون ينتظرون إجراء انتخابات رئاسية هي الأولى في تاريخها في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021، إلا أن المفوضية الوطنية العليا للانتخابات اقترحت تأجيل الجولة الأولى من الانتخابات إلى الرابع والعشرين من يناير 2022. وكشف رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات عماد السايح، خلال إحاطته أمام مجلس النواب بطبرق الاثنين، عن دوافع إعلان القوة القاهرة، والتي أدت إلى تأجيل الانتخابات، أبرزها التهديدات التي تعرضت لها المفوضية في حال نشر القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة، إضافة إلى الأحكام القضائية المتضاربة بشأن الطعون. ولا تزال ملامح المرحلة القادمة في ليبيا غير واضحة، في ظل خلافات كبيرة وتباين في الآراء بين النواب بخصوص الروزنامة الجديدة للانتخابات ومصير السلطة التنفيذية الحالية.
مشاركة :