مبادرات صحية تنطلق من بريطانيا للتخلي عن الكحوليات والمنتجات الحيوانية |

  • 1/6/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كانت بداية العام الجديد 2022 فرصة رائعة للعديد من سكان العالم للاندماج في احتفالات بهيجة تنسيهم ولو لفترة من الوقت ما سببتهم لهم جائحة كورونا من آلام وأحزان. كما تعتبر هذه البداية كما اعتاد البعض فرصة سانحة لبداية منهاج جديد في الحياة تسوده الإيجابية، يحافظ على الصحة والعافية ويحمي البيئة مما يهددها من تلوث، في ظل القلق العالمي من تداعيات التغير المناخي. ومع بداية العام الجديد تجددت الدعوات للناس للانضمام إلى حركتين تركزان على الصحة والتعافي، لفتتا الأنظار في مختلف أنحاء العالم خلال الأعوام الأخيرة، بعد أن تم تدشين نشاطهما في إنجلترا، الأولى أطلق عليها اسم طريف وهو “فاجانيواري”، أي نظام الغذاء النباتي خلال شهر يناير، والثانية حصلت على اسم أكثر طرافة وهو “دراي جانيواري”، أي شهر يناير الجاف، والمقصود به ألا يتم خلاله تناول المشروبات الكحولية. وتهدف حركة “دراي جانيواري” إلى إعطاء الكبد فترة راحة خلال شهر يناير بعد الإفراط في تناول المشروبات الكحولية خلال فترة العطلات، وهي تعد أحدث مبادرة تكررت خلال مئات السنوات الماضية، من حركات تنادي بالاعتدال في تناول الكحوليات في مختلف أنحاء العالم. الأشخاص الذين يتناولون المزيد من المشروبات الكحولية بانتظام يخاطرون بالتعرض لتداعيات صحية خطرة وفكرة “دراي جانيوراي” ليست جيدة فقط للكبد، ولكن أيضا للبنكرياس والمعدة والأمعاء، وذلك وفقا لما تقوله الجمعية الألمانية لأمراض الجهاز الهضمي والتمثيل الغذائي. ويمكن اللجوء إلى فترة من الامتناع عن تناول المشروبات الكحولية، من أجل إعادة التفكير في علاقة المرء بها، وعندما يأتي شهر فبراير قد يقرر المرء أنه لا يريد أن يعود إلى عاداته القديمة، ولكنه يختار أن يحد من استهلاكه من الكحوليات بشكل دائم. ويتفق الخبراء على أن ذلك يؤدي إلى حدوث فارق هائل بالنسبة إلى صحة المرء على المدى الطويل، حيث أن تناول نصف لتر من الجعة أو كأس من النبيذ يوميا يشكل خطورة على الرجال، ويشكل نصف هذه الكمية خطرا على النساء. وبالنسبة إلى الأشخاص الذين يتناولون المزيد من المشروبات الكحولية بانتظام على المدى الطويل، فإنهم يخاطرون بالتعرض لتداعيات صحية خطيرة، فإلى جانب الإصابة بتليف الكبد، تتسبب الكحول في الإصابة بأمراض أخرى كثيرة، وعلى سبيل المثال يتعرض البنكرياس لالتهابات مزمنة متعلقة بالكحوليات، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث المزيد من الأمراض، بل إلى الإصابة بالسرطان. وفي الولايات المتحدة حذرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها الفئات العمرية الأقل من 21 عاما والنساء الحوامل من تناول الكحوليات. كما حذرت من أن الإفراط في تناولها يزيد من مخاطر التعرض لأضرار صحية متنوعة، من بينها التسمم الكحولي وضعف الجهاز المناعي والإدمان، إلى جانب التعرض لحوادث أثناء قيادة السيارات أو ارتكاب أعمال عنف دون وعي. وفي الهند قررت بعض المحافظات حظر بيع المشروبات الكحولية، وفرض عقوبة السجن والغرامة على المتاجر التي تبيعها، وتعد محافظة بيهار نموذجا في هذا الصدد حيث قررت حكومتها المحلية حظر الخمور عام 2016. وشهدت المحافظة في يناير 2017 مظاهرة تأييد لهذا القرار شارك فيها 30 مليون شخص من مختلف الشرائح السكانية، شكلوا سلسلة بشرية على الطرق بلغت 12760 كيلومترا. وأشارت الدراسات إلى أن نتائج هذا الحظر كانت إيجابية، حيث تراجعت معدلات الجرائم والحوادث، وزادت دخول الأسر بعد توفير الأموال التي كانت تنفق على الكحوليات، مما أدى إلى تحسين الأحوال المعيشية للسكان. ومن ناحية أخرى، نجد أن الحركة الأخرى “فاجنيواري” هي مبادرة انطلقت من بريطانيا تشجع الناس على التخلي عن تناول المنتجات الحيوانية طوال شهر يناير. ولقيت الحركة رواجا وإقبالا بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يراها كثير من المستخدمين على أنها تمثل نوعا من التحدي والقدرة على الاستغناء عن اللحوم التي يعتبرها البعض أطباقا شهية، وهم يتبادلون صورا للأطعمة النباتية التي يعدونها، ويقول موقع فاجانيواري الإلكتروني إن أكثر من نصف مليون شخص انضموا إلى هذا التحدي عام 2021. ويعرض موقع veganuary.com دليلا للناس المستجدين على الأطعمة النباتية، بتقديم وصفات ونصائح غذائية وطرق لجذب آخرين للانضمام، ومحاولة تجربة العيش لمدة شهر على الأطعمة النباتية وعدم تناول اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان والبيض. ومع تنامي الوعي الصحي لدى المستهلكين، ظهر اتجاه في بعض الدول خلال الأعوام الأخيرة، يدعو إلى تناول كميات أقل من اللحوم، حيث يقر الناس بالفوائد الصحية لهذا الاتجاه ويدركون أن ذلك يساعد على الحفاظ على البيئة. ومع ذلك، فإن هذا الاتجاه ليس كافيا لتصحيح الزيادة العالمية في إنتاج اللحوم، والذي تضاعف خلال الأعوام العشرين الماضية، وفقا لبحث أشار إلى أن السبب في هذه الزيادة يرجع إلى الزيادة السكانية وارتفاع معدلات الدخول، خاصة في الاقتصاديات الناشئة سريعة النمو. ويمكن لسلوك المستهلكين أن يقوم بدور في تغيير أنماط صناعة اللحوم على الرغم من كون تأثيره محدودا، كما أن تزايد الإقبال على بدائل اللحوم المصنعة من فول الصويا أو بروتينات القمح هو أحد الأمثلة على القدرة على الحد من استهلاك اللحوم، ومع مواصلة المستهلكين شراء هذه المنتجات البديلة، من المتوقع أن تستجيب الشركات بإنتاج المزيد منها وتوسيع الاختيارات المتاحة من هذه البدائل. وهناك توجه كبير نحو الحميات الغذائية النباتية واتباعها كأسلوب حياة جديد، والتوجه الأكبر مؤخرا نحو ما يدعى الخضارية أو النباتية، التي لا تقتصر على التخلي عن اللحوم فقط، وإنما على إلغاء الحليب وجميع منتجاته من قائمة طعامك، إضافة إلى البيض. وتشير الأبحاث إلى أن النظام النباتي لن تكون له فوائد صحية كبيرة على الجسم، إذا ما لم يتم التخطيط له بشكل جيد، ربما يؤدي اتباع هذا النظام إلى تغيرات كبيرة داخل الجسم خصوصا بالنسبة إلى أولئك الذين اتبعوا نظاما غذائيا غنيا باللحوم ومنتجات الألبان طوال حياتهم. ومن ناحية أخرى، يفضل أخصائيو التغذية عدم التخلي عن اللحوم ومشتقات الحليب، نظرا للفيتامينات والمعادن التي سيفقدها الجسم، غير أن ذلك لا يعني تناول اللحوم بشكل يومي، بل اتباع نظام غذائي متوازن. ويرى خبراء البيئة أن الحد من استهلاك اللحوم من شأنه أن يقلل من الانبعاثات الغازية الناتجة من التوسع في تربية الماشية، حيث تبين أن هناك انبعاثات لغازات الميثان والأمونيا وثاني أكسيد الكربون من روث الماشية، إلى جانب أن زيادة المساحات المزروعة بالأعلاف تؤدي إلى قطع أشجار الغابات، ومن ثم تسهم في حدوث التغير المناخي.

مشاركة :