أكد خبراء ومحللون أنه بات الآن بمقدور المستثمرين الذين يراقبون عن كثب مؤشرات سلامة الوضع المالي السعودي فك رموز الصعود والهبوط في احتياطات النقد الأجنبي لدى البلد الخليجي البالغة 447 مليار دولار. ويشير الخبراء إلى أن المحدد الرئيسي في ذلك يتعلق بالأساس بتوزيعات الأرباح مقارنة بأسعار النفط الخام التي يبلغ معدلها الآن عند نحو 80 دولارا للبرميل. وتتزامن الزيادات الحادة في صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي السعودي مع مدفوعات شركة أرامكو النفطية المملوكة للدولة. ويعني صرف أرباح الشركة الفصلية البالغة 18.75 مليار دولار، والتي تذهب جميعها تقريبا إلى الحكومة، أن الاحتياطيات من العملة الصعبة تعكس تحويلات نقدية أقل تواترا ولكنها أكبر من جانب أرامكو. وخلال الآونة الأخيرة أصبح الارتباط واضحا عندما قفزت احتياطيات النقد الأجنبي بأكبر قدر خلال عقد في شهر نوفمبر الماضي، وهو ما تزامن مع قيام أرامكو بدفع آخر توزيعات أرباحها في نهاية ذلك الشهر. كما عكست توقيت توزيعات أرامكو ارتفاعات مماثلة في الاحتياطي الأجنبي من العملة الصعبة خلال أشهر أخرى من العام الماضي. حيازة السعودية من احتياطات النقد الأجنبي باتت أكثر قابلية للتنبؤ حاليا بفضل نمو أعمال أرامكو وقفزت أرباح أرامكو في الربع الثالث من العام الماضي، على أساس سنوي، بفضل ارتفاع أسعار الخام لأعلى مستوى خلال سنوات، تزامنت معه زيادة في إنتاج الشركة من النفط بفضل السياسة المتبعة على مستوى تحالف أوبك+. وحقق أكبر منتج للنفط الخام في العالم زيادة تجاوزت 158 في المئة في صافي ربح الربع الثالث من 2021، ليصل إلى قرابة 114 مليار ريال (30.4 مليار دولار)، متخطية بذلك توقُّعات المحللين البالغة نحو 28 مليار دولار. ويجعل التوافق بشكل أوثق بشأن حيازة السعودية من احتياطات النقد الأجنبي أكثر قابلية للتنبؤ في الوقت الحالي، والتي يراقبها منذ فترة طويلة المستثمرون والاقتصاديون والمضاربون في سوق العملات. ويمكن حاليا توقع زيادة الاحتياطيات الدولية بشكل حاد، وفق توقيت توزيع الأرباح والانخفاض على مدى الأشهر التالية له، مما يعكس القيود التي تواجه التدفق النقدي. وتربط السعودية عملتها بالدولار الأميركي، وتميل إلى تعديل سياستها النقدية بشكل وثيق مع تحركات الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي). ووفقا لبلومبرغ إيكونوميكس، فإنه للحفاظ على الثقة في ربط الريال بالدولار تحتاج الرياض إلى امتلاك احتياطيات كافية لتغطية كل عملة محلية متداولة والودائع تحت الطلب. Thumbnail ولطالما كان صافي الأصول الأجنبية لدى المركزي السعودي مرتبطا بقوة بدخل النفط الخام، وقبل الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في ديسمبر 2019، جاءت التحويلات إلى الحكومة من خلال مدفوعات الضرائب وضريبة الاستقطاع أو الإتاوات، مع توزيعات نقدية إضافية عندما ترتفع أسعار النفط. ولكي تصبح الشركة أكثر جاذبية للمستثمرين، تم تعديل معدلات الضرائب وضريبة الاستقطاع وتطبيق توزيع أرباح ربع سنوية كبيرة. ومنذ ذلك الحين، تعكس بيانات المركزي التحويلات الفصلية الضخمة، وهو اتجاه تم حجبه جزئيا في عام 2020 بسبب الجائحة، عندما تراجعت عائدات النفط وأخذ صندوق الاستثمارات العامة ( صندوق الثروة السيادية) دفعات كبيرة من المركزي لوضع رهانات في الأسواق العالمية. وحتى عندما لم تكن أرامكو تكسب ما يكفي لتمويل مدفوعات الأرباح، قامت الشركة بخفض الإنفاق والاقتراض للوفاء بتوزيعات الأرباح. ومن المتوقع أن تحصل الاحتياطات النقدية السعودية على امتداد العام الحالي على المزيد من الدفعات أو الدعم، حيث تتطلع الحكومة، التي ترجح أن تسجل أول فائض في الموازنة العامة خلال نحو 10 سنوات، إلى إعادة بناء مخزونها من الأصول على أسس مستدامة.
مشاركة :