كانت يوليدوس أبو ليميت، ترتدي عباءة بيضاء وقفازات بلاستيكية، وتفحص بعناية حالة مجموعة من المجلدات ذات الأوراق المجعدة والمصفرة، التي يبلغ عمر بعضها أكثر من عمر من هم على قيد الحياة. وتعتبر حماية الكتب القديمة عملها الروتيني اليومي في مكتب الكتب القديمة التابع للجنة الشؤون الإثنية بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم بشمال غربي الصين حيث جمع المكتب أكثر من 2000 نسخة قديمة من الكلاسيكيات الإسلامية باللغات العربية والفارسية وغيرهما من اللغات. وقالت يوليدوس أبو ليميت، حاملة نسخة من القرآن الكريم: “يعود تاريخ هذه المخطوطة إلى أواخر القرن الـ19″، موضحة: “إن الأوراق مصنوعة من لحاء أشجار توت هوتان والغطاء مصنوع من جلد البقر.” ثم عرضت أقدم كتاب في المكتب حاليا، يبلغ من العمر 230 عاما ويحمل عنوان “سيرة النبي”، الذي تم إدراجه في “دليل الكتب النادرة الوطنية في الصين”. وبذلت منطقة شينجيانغ جهودا كبيرة في الحفاظ على الكتب الدينية وحمايتها، مع تخصيص أموال حكومية خاصة. وفي عام 1983، تم إنشاء مجموعة توجيهية في المنطقة لجمع وترتيب ونشر الكتب القديمة للأقليات الإثنية. وأشارت يوليدوس أبو ليميت إلى إيلاء الحكومة المركزية والحكومة الإقليمية أهمية كبيرة لعملهم على مر السنين، مضيفة: “لقد نظمنا أكثر من 200 خبير وعالم لجمع وترتيب وترميم الكتب الدينية القديمة خلال أكثر من 60 رحلة لهم عبر منطقة شينجيانغ”. كما تم بناء مكتبة خاصة مزودة بدرجة حرارة ورطوبة ثابتة في مدينة أورومتشي للحفاظ على الكتب الدينية الثمينة، وإطلاق مبادرة لرقمنة الكتب الدينية القديمة لجعلها أكثر سهولة للمنال. ومن ناحية أخرى، تبذل شينجيانغ جهودا شاملة لحماية الأنشطة الدينية المشروعة وضمان حرية المعتقد الديني للناس وفقا للقانون، وإتاحة القنوات للمؤمنين لاكتساب المعرفة الدينية، إلى جانب تحسين مرافق وظروف أماكن ممارسة الأنشطة الدينية، وفقا لكتاب أبيض صدر في يوليو/ تموز الماضي. وتم تقديم دعم كبير لتدريب رجال الدين الشباب في المنطقة. حيث تم تدريب مجموعة من رجال الدين المسلمين ذوي الكفاءات العالية لضمان ممارسة الإسلام بطريقة سليمة ومنظمة. ويحلم سوباتجان سيمي، البالغ من العمر 22 عاما، بأن يصبح إماما مثل جده. وفي عام 2019، التحق بمعهد شينجيانغ الإسلامي الذي يعتبر أفضل مدرسة إسلامية في المنطقة، بعد تخرجه من المدرسة الثانوية. وقال سوباتجان سيمي إن المعهد يقدم مجموعة متنوعة من المناهج الدراسية، بما فيها قراءة القرآن، والشؤون الدينية، واللغة العربية الأساسية، والماندرين، والتاريخ والثقافة. مضيفاً: ” هناك طلاب من القوميات الويغورية والقرغيزية والقازاقية في فصلنا، وجميع المعلمين والطلاب يتعايشون مع بعضهم البعض بشكل جيد”. ويضم المعهد الذي يغطي مساحة أكثر من 10 هكتارات، مكتبة وصالة للألعاب الرياضية وقاعة للصلاة، إضافة إلى دورة مياه وأماكن للوضوء، مزودة بالمياه الساخنة على مدار السنة. وأوضح كمال الدين أحمد، الأستاذ المشارك في المعهد، أنه يوجد حاليًا أكثر من 1100 طالب في المعهد، مع تسجيل طلاب جدد كل عام. وفي عام 2021، تم قبول أكثر من 160 من خريجي المدارس الثانوية من جميع أنحاء شينجيانغ. وتابع كمال الدين أحمد أن الطلاب يصلون كل يوم ويستمعون إلى خطب الوعظ أيام الجمعة، ومن المتوقع أن يصبحوا رجال دين بارزين ومسؤولين أخلاقياً بعد تخرجهم من المعهد. وقال عبد الرخيب تمنياز، رئيس معهد شينجيانغ الإسلامي، إن مشاهد مماثلة تُلاحظ في جميع مساجد المنطقة، مؤكداً أن حرية المعتقد الديني مكفولة بالقانون.
مشاركة :