أصدر الكونغرس الأميركي قراراً بوضع نصب من الرخام لديك تشيني في مبنى الكابيتول، وقرأت أن احتفال إزاحة الستار سيكون في الثالث من الشهر المقبل. تشيني كان وزير الدفاع في إدارة جورج بوش الأب، وأصبح نائب الرئيس مع ابنه، فأقام إمبراطورية خاصة به وتحوّل إلى متشدّد جداً بعد إرهاب 11/9/2001، وقد أثرت فيه كثيراً زوجته لين وابنته ليز، وكلاهما من المحافظين المتطرّفين. أما دونالد رمسفيلد، وزير الدفاع في إدارة بوش الابن، فركب رأسه وتصرّف في شكل خاطئ وبتطرّف. تشيني ورمسفيلد أساءا خدمة بوش الابن، إلا أنه كان الرئيس وهو المسؤول. ما سبق رأيي إلا أنني لم أقل هذا الكلام وإنما قاله جورج بوش الأب، الرئيس 41 للولايات المتحدة عن إدارة ابنه الرئيس 43، وهو موجود في الكتاب «المصير والسلطة: الرحلة الأميركية لجورج هربرت ووكر بوش» (أي الأب) من تأليف جون ميتشام الفائز بجائزة بوكر. طلبت الكتاب من الناشر، إلا أنني قبل أن أتلقاه وجدت أن عندي بضعة عشر عرضاً للكتاب وتعليقاً في الصحف الأميركية، فأتوكأ عليها اليوم، وقد أعود إلى الكتاب كلّه بعد قراءته. الكونغرس يكرّم رجلاً يقول عنه بوش الأب الذي عمل معه وعرفه، أنه كان متطرفاً ومتشدداً. ولعل الكونغرس هو مؤسسة الحكم الوحيدة في الولايات المتحدة التي كانت دائماً أسوأ من الرئيس حتى لو كان هذا جورج بوش الابن. أرجو أن يراجع القارئ معي بعض رموز إدارة بوش الابن: - بول وولفوفيتز نائب وزير الدفاع. - دوغلاس فايث وكيل وزارة الدفاع. - سكوتر ليبي رئيس موظفي مكتب نائب الرئيس. - ريتشارد بيرل رئيس مجلس سياسة الدفاع في إدارة الأمن التي تنصح الرئيس. - جون بولتون سفير إدارة بوش لدى الأمم المتحدة. كل هؤلاء من رموز المحافظين الجدد، وبعضهم صدرت عليه أحكام قضائية، وكلّهم سعى إلى حرب على العراق قتِل فيها حوالى مليون عربي ومسلم. وكان شريكهم أحمد الجلبي الذي توفي أخيراً، فقد ساهم في تقديم أدلة مزوّرة عمداً عن علاقة صدام حسين مع القاعدة وامتلاك العراق أسلحة دمار شامل. إذا كان ما سبق لا يكفي، فقد عينت إدارة بوش بول بريمر رئيساً للسلطة الوطنية الموقتة التي أدارت العراق، وهو ديبلوماسي لا خبرة له في بلادنا. كان الأمر رقم واحد الذي أصدره، إخراج حزب البعث من مواقع العمل الحكومي في العراق، والأمر رقم 2 حلّ الجيش العراقي. اليوم، هناك معلومات للاستخبارات الأميركية تقول إن الثورة على الاحتلال الأميركي قادها ضباط سابقون وجنود في الجيش العراقي فقدوا عملهم، وإن قادة الإرهاب الآن في «داعش» جميعهم ضباط سابقون في الجيش والاستخبارات العراقية. الولايات المتحدة جنت ما زرعت، وقُتِل في العراق حوالى سبعة آلاف جندي أميركي، وجرح عشرات الألوف لا يزال بعضهم يعالج من أمراض نفسية حتى اليوم. وبلغت النفقات النهائية للحرب حوالى ترليون دولار، ولا يزال الدفع لقدامى المحاربين والمرضى مستمراً. أخيراً، تشيني ترك الحكم ونسبة تأييده 13 في المئة فقط، وهذا رقم قياسي في الهبوط، ثم يكرّمه الكونغرس لأنه مثله، فلا أقول سوى: احذروا يا عرب.
مشاركة :