للأخوة طعم جميل حين تكون مليئة بنقاء القلب وطيبة النفس.. بالأمس شعرت بأسى شديد وانهمرت من المآقي دموع كانت مؤلمة وانتابت دواخلي حالة من اللاشعور بين مصدق ومكذب عن وفاة رجل يملك كل صفات الإنسانية ومعانيها الجميلة.. مات صالح بن عبدالعزيز البركاتي وماتت معه الكثير من الابتسامات الجميلة المرسومة على محياه.. رحل طيب السريرة، وترك لنا وجعًا قد لا يندمل حتى مع مرور الزمن.. عشت مع صالح أيامًا جميلة لأعوام مضت في الرياض.. كان صديقًا للجميع، لا يعرف البغضاء أو التحاسد، ولم أره يومًا إلا جابرًا للخواطر.. بدأ حياته المهنية في الصحافة كمصور محترف واستطاع خلال فترة وجيزة أن يفرض نفسه على الجميع بدماثة خلقه وصدقه وتعامله الراقي مع الجميع لدرجة كانت تأتيني اتصالات تطلبه تحديدًا وتصر على تواجده خاصة في التغطيات الرياضية التي خاض فيها غمار المنافسات الشريفة بميادين البطولات الإعلامية.. وغامر بنفسه وجسده من أجل الوطن فكان يتابع لالتقاط أفضل الصور للأحداث الإرهابية التي حدثت آنذاك وحصل على إشادات كثيرة من مسؤولين في الحكومة.. عاش صالح البساطة بكل معانيها فكانت أحلامه أن يستقر وتكون له أسرة في منزل يأويه من مشقة الإيجار.. مرت به سنوات العمر وقلبه متعلق بقريته وأهله.. لم يحتمل حياة الغربة فعاد إليها محملاً بكل آمال الاستقرار.. كافح كثيرًا وصبر وعمل في عدة مجالات ليحقق جزءًا من حلمه بعد أن رزقه الله بالزوجة والابن.. لكن في زحمة هذه الدنيا الفانية وضغوطها لم يحتمل قلبه النقي كل المواجع فقيل له لا ترهق نفسك ولا تجهد قلبك.. وكعادته لم يكن يأبه لآراء الأطباء.. ذهب في المساء الأخير ليمارس الرياضة لكن قلبه المرهف لم يحتمل أي جهد ففارق الحياة سريعًا.. كان لموت صالح ألم كبير ووجع أحرق صدر كل من عرفه وتعايش معه.. فقد ترك فراغًا كبيرًا لنفس مليئة بالتسامح ووجه لا يعرف العبوس.. رحل الإنسان الحبيب.. وربما لا يعرفه الكثير.. لكن ستبقى صورته مثالاً حيًا لمعنى أن يكون الإنسان.. إنسانًا.. رحمك الله أبا حاتم.. وطبت حيًا وميتًا.. فقد أدميت قلوبنا على فرقاك.. لكن أثرك الطيب باق في الصدور.
مشاركة :