دوما حين تأخذ الأمور منحى معيناً لمدة طويلة وبصورة مبالغ بها تعود النتيجة بشكل عكسي غير متوقع تماماً كمقولة «الشيء إذا زاد عن حده..»، أعني هنا الاهتمام بقضايا المرأة وحقوقها التي لم نعرف منها حتى الآن إلا ما يسميه بعضهم «حقوق» وهي مجرد مكملات حياتية فردية لا أكثر. الأمر فعلا انعكس على الحالة النفسية لتلك المرأة التي وكل الجميع أنفسهم بشد أطرافها نحوهم لبلوغ مصالح شخصية أو اعتبارات وقناعات ذاتية فقط، فأصبحت الروح الانهزامية هي الطاغية على النساء في هذا الوقت. الواقع وعدم تفهم حقوقها الإنسانية والنفسية الحقيقية وردود فعل الرجل كجزء لا يتجزأ من حياتها جعلت منها أداة شبيهة بالسلم يصعد عليه كل من رغب الشهرة أو إثارة الجدل، مندداً أو مؤيداً لمشاركتها في الانتخابات ولعضويتها في مجلس الشورى وغيرها ومتجاهلا حقها الحقيقي في العيش بسعادة وأمان ضمن أسرة متناغمة ومع رجل يتفهم إنسانيتها قبل أن يقبل بعملها أو تعليمها. المرأة كائن بسيط تاه في خضم هذه الضوضاء الفكرية والاجتماعية ولم تعد تعرف حتى ماذا تريد؟ السعادة الأسرية والزوجية وسعادة الأمومة وعضوية المرأة الفاعلة تربويا في المجتمع غابت وأصبحت أموراً لا يفتخر بها بل تخجل بعضهن منها وأصبح الميدان والسبق للمتمردة على كل عادة أو تقليد أو تعليم ديني أو لكل من كسرت روتين المسيرة الحياتية الفطرية التي ارتضاها لها القدر. أصبح السواد الأعظم من السيدات في مجتمعنا ذوات أرواح انهزامية بالرغم من كل أصابع التأييد الصادقة والمزيفة التي تشير إليهن أثناء تحقيقهن أبسط إنجاز ولم تعد تجدي شعارات المطالبة بحقوقهن في رفع الروح المعنوية لهن حتى وإن تظاهرت بعضهن بذلك.
مشاركة :