أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع السبت التعبئة الحزبية الشاملة من أجل خوض المعركة الانتخابية، منوها بأنها معركة إنقاذ لبنان ومعركة التخلص من "الواقع المزري لتحالف حزب الله والتيار". ودعا جعجع خلال اجتماع مع الكوادر الحزبية ضمن إطار "المجلس المركزي" في حزب القوات، إلى "إطلاق ليس فقط الماكينة الانتخابية في الحزب، وإنما تحويل كل الهيئات الحزبية من تنسيقيات ومصالح وأجهزة ومكاتب إلى ماكينة انتخابية مجيشة لصالح العملية الانتخابية، كونها الوسيلة الوحيدة التي تحمل في طياتها العبور إلى الخلاص الوطني". واعتبر جعجع أن هذه "المعركة هي معركة إنقاذ لبنان من محاولة تغيير هويته وتاريخه، كما أنها معركة اللبنانيين للتخلُّص من الواقع المزري الذي أوصلهم إليه تحالف حزب الله والتيار الوطني الحر ومن معهما". وأكد أن "فرص النجاح كبيرة جدا بسبب التحول الكبير في مزاج الرأي العام الذي لمس خطورة وجود سلطة لا تعبأ سوى بمصالحها، وأوصلت البلد إلى الانهيار". وعرّض حزب الله، خلال الفترة الأخيرة، مصالح لبنان إلى خطر متكرر، وحاول تقويض علاقاته التاريخية مع محيطه العربي، وخاصة مع السعودية بعد التصريحات الاستفزازية للأمين العام للحزب حسن نصرالله التي اتهم فيها المملكة بـ"الإرهاب" ونشر الفكر المتطرف في العالم، في وقت تسعى فيه الحكومة اللبنانية إلى كسر حلقة التوتر مع الرياض، جراء مواقف سابقة لبعض الوزراء اللبنانيين. ولاقى هجوم نصرالله على الرياض رفضا واسعا من كل الطيف السياسي اللبناني، إلى جانب انتقادات من السفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري الذي قال إن "أنشطة حزب الله الإرهابي وسلوكه العسكري الإقليمي يهددان الأمن القومي العربي". وتدهورت العلاقات بين السعودية ولبنان في أكتوبر الماضي فاستدعت المملكة بخاري من بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة أراضيها، على وقع تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي، لكن وزير الخارجية السعودي اعتبر يومها أن المشكلة تكمن "في استمرار هيمنة حزب الله على النظام السياسي" في لبنان. وفي السادس والعشرين من ديسمبر الماضي، اتّهم التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن والذي تقوده السعودية إيران وحزب الله بإرسال خبراء وعناصر إلى مطار صنعاء، لمساعدة المتمردين على إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة تجاه المملكة من المطار، تسبب أحدها في مقتل شخصين مؤخرا. وكان جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، أكبر حزب مسيحي في لبنان، هاجم في وقت سابق من هذا الشهر تفاهم مار ميخايل محملا حزب الله مسؤولية تحويل التفاهم إلى غطاء للفساد وشل صلاحيات الرئيس ميشال عون، لكن هذه التصريحات رأى فيها البعض ملامح خطاب شعبوي يدشن حملة انتخابية مبكرة، كما عُدت هجوما عالي السقف على حزب الله وحركة أمل وتلويحا بفك الارتباط. ويحمل اللبنانيون عون وصهره جزءا من مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، فيما تشارف عهدة عون على النهاية دون إنجازات تذكر. ويتعلل عون بعدم حصول إنجازات في عهده بالصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية. ودعا جعجع في خطابه، اللبنانيين إلى تحمل المسؤولية في هذه المعركة "لأنهم إذا تخاذلوا فهذا يعني أننا سنبقى في جهنم التي نعيشها اليوم، وسننزل إلى طوابق أكثر تحت الأرض، على الأقل للسنوات الأربع المقبلة". وشدد على أن هذه المعركة "مصيرية، وعلى هذا الأساس يجب أن نحضِّر لها بكل قوتنا، لأن هذه الانتخابات هي الطريق الأساسي لاستعادة لبنان من القعر الذي هو فيه وإنقاذه من جهنم التي وضعوه فيها". وأضاف "لا بد من أن تنتقل الأكثرية الجديدة إلى الجهة التي تريد إنقاذ لبنان، وهي ليست القوات اللبنانية وحدها، بل معها كل من يلتقي مع هذا الهدف وهذا الخط". ولفت جعجع إلى أن "فرص تعطيل الانتخابات صعبة، وسنواجه أي محاولة من هذا النوع، وفي ظل استكمال التدابير العملية لإتمام الانتخابات فإن الأمور وضعت على السكة الصحيحة خصوصا أن أنظار العالم كله تنتظر هذه الانتخابات"، مشيرا إلى أن "الجيش اللبناني مع القوى الأمنية الأخرى قادر على ضمان العملية الانتخابية على أفضل وجه ممكن". وأواخر الشهر الماضي، حسم المجلس الدستوري اللبناني، قراره بشأن الانتخابات، وأيد إجراء الاقتراع في موعده نهاية مارس المقبل. ويتوقع مراقبون أن يخسر التيار الحر بقيادة باسيل في الانتخابات النيابية المزمع عقدها في مارس القادم عددا كبيرا من المقاعد بعد خسارة شعبيته في الشارع المسيحي لصالح حزب القوات اللبنانية. وكان جعجع أكد في وقت سابق من الشهر الماضي، أن حزبه سيكون أول من يربح، وبالدرجة الثانية سيربح مستقلون لديهم السياسة نفسها، مضيفا "أشك أن يخسر حزب الله كثيرا في بيئته، ولكن خسارته ستكون بالبيئات الأخرى".
مشاركة :