توفيت صباح اليوم المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا الأسبق بعد تدهور حالتها الصحية إثر إصابتها بفيروس كورونا منذ أيام وتم نقلها لمستشفى العجوزة. تهاني الجبالي هي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا السابق، وأول امرأة مصرية تتولى منصبًا قضائيا في الحقبة المعاصرة، ولا زالت هي المرأة المصرية التي احتلت المنصب القضائي الأعلى في تاريخ مصر. والمستشارة تهاني الجبالي، هي المرأة «الحديدية المقاتلة» كما يطلق عليها البعض، لشخصيتها وصلابتها، حاربها في البدايات المجتمع الذكوري كأول امرأة تتقلد منصبًا قضائيا، وكذلك جماعة الإخوان، عندما قرر الرئيس الأسبق محمد مرسي، عزلها من منصبها كنائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا. ولدت «الجبالي» بمحافظة الغربية، وحصلت على المركز الخامس على مستوى الجمهورية، في شهادة الثانوية العامة، ثم التحقت بكلية الحقوق جامعة المنصورة، وتخرجت فيها عام 1973، واستكملت دراستها العليا في الشريعة الإسلامية والقانون الدستوري. عملت بالمحاماة بعد تخرجها لمدة 30 عاما وهي محامية لدى محكمة النقض والمحاكم العليا حتى قرار تعيينها كقاضية، وتم انتخابها كأول عضوة في المكتب الدائم لاتحاد المحامين العرب لتصبح بذلك أول سيدة مصرية وعربية تنتخب في هذا المستوى بالاتحاد منذ تأسيسه في عام 1944 م. وتولت لجنة المرأة في الاتحاد نفسه لتمثل المرأة العربية وأيضا رئاسة لجنة مناهضة العنصرية والصهيونية بالاتحاد، بالإضافة إلى عملها كمحاضرة أساسية في مركز التدريب وتكنولوجيا المعلومات التابع لاتحاد المحامين العرب، وأيضا عضوا بمجلس أمناء المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، وخبير قانوني في منظمة الأمم المتحدة ومحكم تجاري دولي ومحاضر في المعهد العربي لحقوق الإنسان في تونس وعضو اللجنة التشريعية والسياسية بالمجلس القومي للمرأة. كما تم انتخابها دورتين على التوالي عضوا بمجلس نقابة المحامين، كأول محامية تنجح في عضوية المجلس منذ إنشاء النقابة عام 1912. عملت مستشارة قانونية للعديد من المؤسسات الاقتصادية الكبرى وبتدريس القانون في بعض الجامعات، وهي عضو لجنة القانون بالمجلس الأعلى بالثقافة وعضو الهيئة الاستشارية لمكتبة الإسكندرية. بدايتها مع القضاء كانت في 22 يناير 2003، حيث صدر قرار جمهوري بتعيينها نائب رئيس المحكمة الدستورية، ضمن هيئة المستشارين بالمحكمة الدستورية العليا كأول قاضية مصرية، حتى عام 2007 حيث عينت في ذلك العام 32 قاضية بالقضاء العالي، مما بقى القاضية تهاني صاحبة لأعلى منصب قضائي تحتله امرأة في مصر. أثار قرار تعيينها جدلا واسعا في الأوساط الدينية، والسياسية والقضائية ذاتها، وشاركت في العديد من الحوارات مع المعارضين في تعيينها، يذكر أن شيخ الأزهر قبل تعيينها، أفتى إن تولي النساء منصب القضاء أمر مقبول من الناحية الشرعية. كان استبعادها من منصب نائب رئيس المحكمة الدستورية في حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي من خلال نص دستوري قلص عدد قضاة المحكمة الدستورية من 19 إلى 11 عضوا، ونص انتقالي يقضي بعودة كل المستبعدين فور إقرار الدستور إلى مناصبهم السابقة على العمل بالمحكمة الدستورية، محطة هامة في تاريخ القاضية البارزة. مواقفها السياسية هاجمت الرئيس «الإخواني» محمد مرسي ، عقب الإعلان الدستوري في 2012 معلنة أنه فقد شرعيته كرئيس للجمهورية، وأن الإعلان الدستوري انقلاب على كل مكتسبات ثورة 25 يناير التي تؤمن بها وشاركت في أحداثها، لأنه إفشاء لدولة الحاكم بأمره ويمثل خطرًا على مدنية الدولة. تصدت للفاشية الدينية سياسيًا، تركت مقعدها بالمحكمة الدستورية بسبب مواقفها السياسية وخلافاتها مع الإخوان وحتى لا يتشابك عملها السياسي مع دورها كقاضية. ودعت لتأسيس حركة التحالف الجمهورى في 9 يونيو 2013 قبيل ثورة 30 يونيو لمواجهة ما أطلقت عليه الفاشية الدينية التي تحكم مصر وساندت الخطوات الداعمة لاستكمال خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في 3 يوليو 2013، وشاركت الحركة في انتخابات برلمان 2015. بعد معركة البرلمان، قل ظهور «الجبالي» إعلاميًا وحرصت على المشاركة في عدد من الندوات والمؤتمرات وبعض الحوارات الصحفية، حتى اقتحم جسدها فيروس كورونا قبل أيام، ليعلن صباح اليوم انتصاره على تلك المرأة الصلبة التي لم تنهزم أبدًا.
مشاركة :