أهمية قمة مجموعة العشرين في تركيا (أنطاليا) لا تقتصر على الاجتماعات العامة التي تجمع الزعماء على طاولة واحدة، وتسبقها اجتماعات تحضيرية لوزراء الدول تحضيراً لها، بما في ذلك الاتفاق على جدول أعمالها. ومع تأكيد أهمية اليومين اللذين حُدِّدا لاجتماعات القمة؛ كونهما شهدا مناقشة مجموعة من الموضوعات ذات الأهمية على مستوى القادة العالميين، إلا أن هناك جانباً آخر يضفي أهمية غير عادية للقمة ذاتها، وأعني به الاجتماعات الثنائية بين الزعماء، التي يتم فيها مناقشة موضوعات قد لا تكون لها علاقة مباشرة بمحاور موضوعات وجدول أعمال المجموعة، وفيها يجد كل زعيم فرصة للقاء أكثر من نظير له في زمن واحد، وعلى أرض واحدة، وله أن يختار منهم من تستدعي التطورات والأحداث والقضايا التي تعنيهم لبحثها، والتوصل إلى توافق أو تفاهم عليها. *** وقد لاحظنا ذلك في لقاءات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ إذ اجتمع بالرئيس الأمريكي، وبالرئيس التركي، وبالرئيس الروسي، وبدولة مستشارة ألمانيا الاتحادية، وبدولة رئيس وزراء جمهورية تركيا، وغيرهم، وبحث مع كل منهم القضايا والموضوعات التي يهم المملكة أن تتوصل معهم فيها إلى نتائج وقرارات وتفاهمات، ضمن اهتمامها واهتمام هذه الدول بما يجري في منطقتنا من تطورات، تؤثر سلباً على أمن واستقرار دول المنطقة؛ وبالتالي على السلم العالمي؛ بدليل ما أفرزته التطورات في سوريا والعراق والتدخل الإيراني بالشأن الداخلي لعدد من دول المنطقة من فوضى واقتتال في هذه الدول، وما ترشحه الأحداث من امتداد هذه الظواهر السلبية على أمن واقتصاد واستقرار دول أخرى في المنطقة مرشحة لذلك، وربما لما هو أكثر. *** من المهم أن نربط بين اجتماعات قمة مجموعة العشرين ومشاركة المملكة فيها؛ إذ إن ذلك يعبّر عن مكانة المملكة اقتصادياً على مستوى العالم، باعتبارها تتمتع بأكبر احتياطي من النفط، وأكبر منتج منه بين دول منظمة الأوبك، وأكبر مصدر على مستوى العالم؛ وهو ما يضعها على خط أكبر عشرين دولة على مستوى العالم اقتصادياً، بل هو ما يضعها ضمن الدول العملاقة التي يُحترم رأيها، وتُقدر مواقفها، ويُنظر إليها على أنها شريك مهم في تطور اقتصاديات الدول وحمايتها من أي تأثيرات سلبية، فضلاً عن العلاقة بين الاقتصاد والسلم العالمي، التي يعتبر صوت المملكة ومواقفها مطلوبة فيها كلما كان هناك تحديات وتقلبات تواجهها الأسواق العالمية.. أي أن المملكة بالقول المختصر شريك مهم، يُعتمد عليه مع بقية دول العالم في رسم مستقبل العالم اقتصادياً وأمنياً. *** واختيار المملكة لتكون ضمن مجموعة العشرين لم يكن اختياراً عفوياً؛ وإنما لأنها مؤهلة لتلعب دوراً ضمن دول المجموعة، ولأن متطلبات المشاركة في هذه المجموعة تتوافر فيها كما تتوافر لبقية الدول الأعضاء. ومن المؤكد أن آراء المملكة ومواقفها وما عبّر عنه الملك سلمان في الاجتماعات المغلقة كانت من ضمن ما أُخذ به في البيان الختامي المشترك للمؤتمر، وأن الملفات التي حملها خادم الحرمين الشريفين، وفيها الكثير من الرؤى ووجهات النظر، كان فيها الكثير من الهواجس التي حرص الملك سلمان على أن يضع أنظار زعماء العالم أمامها، حرصاً على أن يكون البيان المشترك شاملاً ومعبِّراً عن كل المستجدات خلال الفترة بين قمة أستراليا وقمة أنطاليا، وما يمكن توقع حدوثه في المستقبل على المديَيْن القريب والبعيد. ........................................... يتبع مقالات أخرى للكاتب هشام ناظر: الذي ودعنا وودعناه هي الرياض مرة أخرى قمة الرياض بين التحدي والطموح وكيف لا يكون شخصية العرب الأولى؟ صديقنا سلمان
مشاركة :