بغداد - انتخب البرلمان العراقي اليوم الأحد النائب السنّي محمد الحلبوسي رئيسا له في جلسة صاخبة تخللتها فوضى وعنف بعد مشادات بين نواب الكتلة الصدرية ونواب الإطار التنسيقي للقوى الشيعية. وبعد تأجيل لفترة قصيرة، استأنف البرلمان الجلسة تحت قيادة رئيس جديد مؤقت بعد تعرض محمود المشهداني (73 عاما) وهو أكبر أعضاء البرلمان سنا لوعكة صحية مفاجئة ونقله إلى المستشفى، بينما ذكرت مصادر أنه تعرض لاعتداء خلال المشادات بين الصدريين ونواب الإطار التنسيقي. وتعطلت عملية انتخاب رئيس للبرلمان في وقت سابق مع ادعاء كل من الكتل السياسية المتنافسة أنها تملك الأغلبية البرلمانية. وبعد احتدام الجدل بين النواب، قرر المشهداني رفع الجلسة. وتلقى المشهداني طلبا من كل من تحالف الفتح السياسي الشيعي المدعوم من إيران وائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بأن يتم إعلانه أكبر تكتل في البرلمان. غير أن عضوا من حزب رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الذي جاء في المرتبة الأولى في انتخابات أكتوبر/تشرين الأول، عارض ذلك بشدة ودافع عن موقعه كأكبر كتلة. وقال النائب الكردي جمال كوجر "النقاش الحاد بين الكتل الشيعية حول من يصبح الكتلة الأكبر هو الذي تسبب بعرقلة الجلسة وبالتالي رفعها". وتحولت أول جلسة يعقدها البرلمان العراقي اليوم الأحد منذ المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة إلى فوضى وعنف نقل خلالها رئيس الجلسة النائب الأكبر سنّا محمود المشهداني إلى المستشفى بعد تعرضه لوعكة يرجح أنها ناجمة عن اعتداء. ووقعت مشادات عنيفة، فيما سادت فوضى على خلفية توتر سياسي قائم منذ الانتخابات التي تصدّر نتائجها التيار الصدري بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، فيما ندّدت الأحزاب والمجموعات المدعومة من إيران بهذه النتيجة. وينعكس التوتر على عملية تشكيل الحكومة التي تتعثر، وسط إصرار الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية وتمسك آخرين بحكومة توافقية يتمثل فيها الجميع. وذكرت وكالة الأنباء العراقية أن نواب أن "نواب الكتلة الصدرية عقدوا اليوم (الأحد) اجتماعا داخل مجلس النواب قبل انعقاد جلسة البرلمان"، موضحة أنهم "ارتدوا الأكفان خلال الاجتماع". كما أظهرت صور ومقاطع فيديو نواب الكتلة الصدرية خلال جلسة البرلمان وهم يلتحفون الأكفان في إشارة إلى تمسكهم بموقفهم وفي رسالة لخصومهم بأنهم مستعدون للموت. وكانت الجلسة التي ترأسها النائب الأكبر سنا محمود المشهداني (73 عاما)، بدأت بقسم النواب الجدد اليمين. ثم فتح باب الترشح لرئاسة المجلس التي يشغلها عرفا سنّي، قبل أن تندلع مشادات بين النواب وتسود الفوضى. وقال النائب مثنى أمين من الاتحاد الإسلامي الكردستاني "بدأت الجلسة بشكل طبيعي برئاسة رئيس السن وتمت تأدية اليمين الدستوري"، مضيفا "بعدها تقدم الإطار التنسيقي (يضمّ أحزابا شيعية بينها قوى موالية لإيران) بطلب تثبيت كونهم الكتلة الأكبر مشيرين إلى أن كتلتهم مؤلفة من 88 نائبا عندها طلب رئيس السن تدقيق هذه المعلومة وحصلت مداخلات، وقام بعض النواب بالاعتداء عليه"، لينقل على اثر ذلك إلى المستشفى لكن حالته مستقرة. وحصد التيار الصدري 73 مقعدا في البرلمان، وفق النتائج الرسمية قبل أن يعزز عدد مقاعده ليبلغ 83 بعد عقد تحالفات، بينما لم يكن في الإمكان التأكد من عدد النواب الذين انضموا إلى "الإطار التنسيقي" وهو الإطار الذي يضم القوى الشيعية الخاسرة في الانتخابات والموالية لإيران. وأكد النائب رعد الدهلكي من كتلة "تقدّم" برئاسة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي أن "مشادات حصلت ووقع تدافع بين الكتلة الصدرية والإطار التنسيقي حول أحقية أحدهما بأنه الكتلة الأكبر". وبعدما سادت الفوضى لفترة، ثم استأنفت الجلسة برئاسة خالد الدراجي من تحالف "عزم" السنّي (14 مقعدا) وأُعلن إثر ذلك ترشيح كل من محمد الحلبوسي (37 مقعدا لكتلته) البالغ من العمر 41 عاما ومحمود المشهداني من "عزم"، لرئاسة البرلمان، وفق بيان للدائرة الإعلامية. وبدأ التصويت بعدها لانتخاب رئيس البرلمان. وكان مقررا أن تنطلق الجلسة عند الساعة الحادية عشر بالتوقيت المحلي، لكن تأخر عقدها لبضع ساعات، إذ جرت مداولات مكثفة قبل الجلسة خارج قاعة البرلمان لمحاولة تخفيف التوترات. ومدفوعا بحيازته على العدد الأكبر من المقاعد (73 مقعدا من أصل 329)، كرر الصدر مرارا إصراره على تشكيل "حكومة أغلبية" ما سيشكّل انقطاعا مع التقليد السياسي الذي يقضي بالتوافق بين الأطراف الشيعية الكبرى. ويبدو أن التيار الصدري يتجه للتحالف مع كتل سنّية وكردية بارزة من أجل الحصول على الغالبية المطلقة (النصف زائد واحد من أعضاء البرلمان). وتسمية رئيس للوزراء يقتضي العرف أن يكون شيعيا. وقال الصدر في تغريدة عشية الجلسة "اليوم لا مكان للطائفية ولا مكان للعرقية. بل حكومة أغلبية وطنية". وفي المقابل، تدفع أحزاب شيعية أخرى منضوية في الإطار التنسيقي منها قوى موالية لإيران، إلى حكومة توافقية تتقاسم فيها جميع الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد منذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، المناصب والحصص. ويضمّ الإطار التنسيقي تحالف الفتح الممثل للحشد الشعبي الذي حصل على 17 مقعدا فقط مقابل 48 في البرلمان السابق، فضلا عن تحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعدا). ولعدة أسابيع، شددت القوى الموالية لإيران على رفضها لنتائج الانتخابات وقدّمت طعنا للمحكمة الاتحادية لإلغائها، لكن المحكمة ردت الدعوى. وتظاهر مناصرون لها أمام بوابات المنطقة الخضراء لأسابيع تنديدا بالنتائج، فيما وصل التوتر في البلاد إلى ذروته مع محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في نوفمبر/تشرين الثاني. ويرى رئيس مركز التفكير السياسي والباحث العراقي إحسان الشمري أن الوضع يشي بأن "شكل الحكومة القادمة قد يكون وفق مبدأ جديد هو ما يسمى بتوافق الأغلبية هي حكومة ائتلافية لكن بصيغة جديدة"، على عكس الحكومات السابقة التي شاركت بها جميع الأطراف. وتابع موضحا "قد نكون أمام مفهوم جديد يسمى توافق الأغلبية أي أن يتحالف الصدر مع البيت السنّي الذي يمثله عزم وتقدم ومع البيت السياسي الكردي ممثلا بالحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحتى جزء من الإطار التنسيقي قد يلتحق مع مشروع السيد مقتدى الصدر". ويفترض أن ينتخب البرلمان بعد جلسته الأولى خلال 30 يوما رئيسا جديدا للجمهورية الذي عليه بدوره أن يكلّف رئيسا للحكومة خلال 15 يوما من تاريخ انتخابه، يكون مرشح "الكتلة النيابية الأكبر عددا"، وفق الدستور. واعتبارا من يوم تكليفه يكون أمام الرئيس الجديد للحكومة 30 يوما لتشكيلها. ويبلغ عدد النساء في البرلمان الجديد 95 فيما كان في البرلمان السابق 75. ويضمّ أيضا كتلتين من المستقلين الأولى تضم 28 نائبا من حركة امتداد المنبثقة من الحركة الاحتجاجية وحركة الجيل الجديد الكردية والثانية تضمّ تسعة نواب من كتلة "اشراقة كانون" ومستقلين. ومعظم هؤلاء يدخلون البرلمان للمرة الأولى. بغداد – اتفق أكبر تحالفين للسنة في العراق مساء السبت على ترشيح محمد الحلبوسي لرئاسة جديدة للبرلمان الذي افرزته انتخابات العاشر من اكتوبر/تشرين الأول. ومن المقرر أن يعقد البرلمان الأحد جلسته الأولى التي سيتم فيها أداء اليمين الدستورية لأعضائه وفتح باب الترشح لمنصب رئيس للبرلمان ونائبين له. وذكر بيان مشترك صادر بعد اجتماع بين التحالفين انه "تم التصويت بالإجماع على اختيار خميس الخنجر رئيسا لتحالف تقدم والعزم، ومحمد الحلبوسي مرشحا لرئاسة مجلس النواب". وحل تحالف "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي في المرتبة الثانية بالانتخابات التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي برصيد 37 مقعدا (من أصل 329) خلف التيار الصدري الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد والبالغ 73 مقعدا. أما تحالف "العزم" الذي يتزعمه الخنجر فقد حصل على 14 مقعدا إلا أن رئيسه أعلن في ديسمبر/كانون الأول الماضي انضمام قوى سنية أخرى إليه لتصبح مقاعده 34. ويفترض أن ينتخب البرلمان خلال 30 يوما بعد جلسته الأولى، رئيسا جديدا للجمهورية الذي عليه أن يكلف رئيسا للحكومة خلال 15 يوماً من تاريخ انتخابه. وألمح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجمعة الى ان تحالفي تقدم وعزم سيشاركان في الحكومة الجديدة. وقال الصدر في تغريدة على تويتر ان "ارادة الشعب هي حكومة اغلبية وطنية وان اي ضغوطات خارجية لن تثنينا عن ذلك، واي تهديدات ستزيدنا (تصميما) و(تقدما) و(عزما) نحو (ديمقراطية) عراقية حرة ونزيهة". ويشير الصدر بذلك إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني (31 مقعدا) وتحالفات تقدم وعزم، وتصميم الذي يشغل خمسة مقاعد في البرلمان. ويحتاج التيار الصدري الفائز بالانتخابات البرلمانية والحائز على 73 مقعدا إلى أصوات الأغلبية المطلقة من أعضاء البرلمان لتشكيل الحكومة المقبلة. ونهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي صدقت المحكمة الاتحادية العليا على نتائج الانتخابات وردت الدعوى التي أقامها رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري لإلغاء نتائجها بداعي أنها "مزورة". وجاء إقرار النتائج بصورة نهائية بعد الكثير من الجدل والتوترات التي شهدها العراق حيث رفضت القوى والفصائل الشيعية الموالية لايران النتائج واعتبرت أنها "مفبركة" و"مزورة". ومنذ عام 2006 جرى العرف في العراق بأن يحصل الشيعة على منصب رئاسة الوزراء بينما يحصل السُنة على منصب رئاسة البرلمان ويحصل الكرد على منصب رئاسة الجمهورية بغض النظر عن عدد المقاعد التي حصل عليها كل مكون.
مشاركة :