تضمنت الكلمة المكتوبة التي ألقاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أطال الله في عمره في خطابه بافتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة الثامنة لمجلس الشورى السعودي عبر الاتصال المرئي، في التاسع والعشرين من شهر ديسمبر 2021. وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين مرئيات المملكة في العديد من القضايا والانشغالات الداخلية والخارجية، وعلى الصعد الاقتصادية والسياسية والإدارية، ففي مجال الاستثمار الذي يعد قاعدة رئيسية لتعزيز وتطوير حاضر البلاد وإرساء مستقبلها على أسس متينة راسخة، أكد أهمية الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي أطلقها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رعاه الله لتشكل أحد الروافد المهمة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. والتي سيتم من خلالها ضخ استثمارات تفوق الـ(12) تريليون ريال في الاقتصاد المحلي حتى عام 2030. من شأنها أن تحقق طفره غير مسبوقة في جميع قطاعات الاقتصاد الوطني وتخلق فرصا واسعة أمام منشآت القطاع الخاص بما يؤدي إلى مزيد من الوظائف للمواطنات والمواطنين وفي إطار استراتيجية المملكة للسعودة والتي حققت نتائج مبهرة خلال مدة زمنية قياسية. كما أن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار يؤمل أن تقدم نماذج جديدة لتنمية المدن الصناعية، وللخدمات الطبية والتعليمية وللمقاصد السياحية التي تسعى المملكة من خلالها إلى رفد القطاع السياحي وتفعيله بحيث تبلغ مساهمته 10% في الناتج المحلي الإجمالي عام 2030 بدلا من نسبة 2% في عام 2016. وقد أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته المكتوبة متانة الاقتصاد الوطني السعودي، ونجاح سياسات الاستدامة المالية التي اعتمدتها الحكومة على الرغم من الظروف غير المواتية التي واجهها خلال السنتين الماضيتين وخاصة تداعيات جائحة كورونا يقول: «انعكست سياسات الاستدامة المالية إيجابا على التعافي التدريجي للاقتصاد المحلي، كما واصلت الاستثمارات الجديدة في المملكة نموها المطرد»، وقد ظهر ذلك بوضوح في أداء الأنشطة الاقتصادية حتى نهاية الربع الثالث من عام 2021. مع تحقيق الميزانية العامة لعام 2022 فوائض مالية تبلغ نحو( 90) مليار ريال، وانخفض مؤشرات الدين العام إلى 25.9% من الناتج المحلي، مقابل 29.2% في عام 2021. أما بخصوص برامج التخصيص التي بدأ العمل بها منذ عام 2018. فقد أكد أنها «ستزيد وتسرِع من جودة الخدمات، وتولد الفرص الاستثمارية وتعزِز القدرة على استدامة اقتصاد المملكة وقدرته التنافسية». خاصة وأن القطاع الخاص السعودي قد تميز بالفاعلية والمبادءة، بعد أن تجاوز مرحلة الاحتضان إلى التوسع باقتدار عال وكفاءة مشهودة مدعوما بشبكة واسعة من التشريعات والنظم المحفزة. وقد أفلحت جهود الحكومة والقطاع الخاص في تحقيق المملكة المركز الأول عالميا في ثلاثة مؤشرات دولية مهمة وهي: «استجابة الحكومة لجائحة كورونا»، و«استجابة رواد الأعمال لجائحة كورونا»، ومؤشر «المعايير الغذائية»، حيث ساهمت جهود حكومة المملكة في الحد من حالات الإصابات والوفيات الناجمة عن جائحة كورونا، وذلك بحسب ما ورد في تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي، وكنتيجة طبيعية للدور الفعال للبرامج التي أطلقتها الحكومة وتفاعل معها القطاع الخاص لتخفيف تداعيات جائحة كورونا الصحية والمالية والاقتصادية على المواطنين والمقيمين، وذلك تجسيد لحقيقة أن الإنسان هو المورد الأهم والقيمة الأعلى في سياسات المملكة. كما حافظت المملكة على المرتبة الأولى عربيا في أبحاث الكيمياء وعلوم الأرض والبيئة والحياة والعلوم الفيزيائية. وحققت المملكة المرتبة الأولى أيضا على الصعيد العالمي في عدد من المؤشرات الأمنية، مقارنة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ودول مجموعة العشرين كافة، وجاءت الثانية عالميا في المؤشر العالمي للأمن السيبراني. كما عبَّر خادم الحرمين الشريفين عن سعادته لما أثمرت عنه جهود أبناء وبنات المملكة عالميا، حيث صنفت مدينة الرياض - بحسب مؤشر IMD للمدن الذكية- ثالث أذكى العواصم بين دول مجموعة العشرين، ومن المستهدف أن تتقدم الرياض التي تعد من بين أكبر أربعين مدينة اقتصادية لتكون ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية في العالم، والوصول إلى عدد سكان يتراوح بين (15 و20) مليون نسمة، لتكون وجهة رئيسية للاستثمار العالمي والسكاني، حيث سيتم إنشاء أكبر مدينة صناعية في العالم، إضافة إلى العديد من المشاريع الترفيهية وبما يجعل من الرياض وجهة سياحية - ترفيهية، ومقصدا صناعيا عالميا. وقد أوضح خادم الحرمين الشريفين في الكلمة المكتوبة أهمية قطاع الخدمات الترفيهية في المجالات الاجتماعية والاقتصادية بقوله: «الترفيه يمثل حاجة إنسانية ومتطلبا اجتماعيا، إضافة إلى كونه يعد نشاطا اقتصاديا مهما ومصدرا من مصادر الدخل للدول وللقطاع الخاص، ومحركا رئيسيا للأنشطة الاقتصادية الأخرى» ويتوقع أن يوفر نحو (450) ألف فرصة عمل. وعلى صعيد السياسات النفطية للمملكة أكد أن استقرار السوق البترولية وتوازنها، هو من ركائز استراتيجية المملكة للطاقة، لإيمانها بأن البترول عنصر مهم لدعم نمو الاقتصاد العالمي. لذا فإن المملكة حريصة على استمرار العمل باتفاق «أوبك بلس»، لما حققه من استقرار في أسواق البترول. مؤكدا أهمية التزام جميع الدول المشاركة بالاتفاق. وفي ذات الاتجاه أكد الملك سلمان نجاح سياسات المملكة البترولية التي تتمثل في تطويرها المستمر لقدراتها الإنتاجية، واحتفاظها الدائم بطاقة إنتاجية إضافية تمثل صمام الأمان للحفاظ على أمن إمدادات الطاقة عالميا. وحيث إن الإصلاح لا يمكن أن يحققه إلا المصلحون، ولا يستقيم في ظل إطلاق أيدي المفسدين، فقد حققت المملكة نجاحات متتالية في مكافحة الفساد، وهو نهج أضحى استراتيجية أساسية في المملكة، عبر تكريس مبدأ الشفافية والمساءلة، وتتبع ومراقبة الأداء الحكومي وفاعليته. وتعد «مبادرة الرياض» لتأسيس شبكة عمليات عالمية لتبادل المعلومات بين أجهزة مكافحة الفساد حول العالم التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاستثنائية الأولى، تأكيدًا على الدور الريادي للمملكة على الصعيد العالمي في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفساد وتضييق الخناق عليه. حفظ الله المملكة العربية السعودية وأعان قادتها على تحقيق النصر المؤزر في معركة البناء والنهضة والتقدم والأمن، وفي الوقت نفسه التصدي لأعداء النجاح وتجاوز التحديات مهما كان مصدرها. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :