أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه لن يسمح بـ«الثورات الملوّنة» في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة، في حين أوضح نظيره الكازاخستاني قاسم جومارت توكايييف أن القوة العسكرية بقيادة روسيا التي انتشرت في بلاده، ستنسحب «قريباً»، متحدثاً عن محاولة انقلاب دبرتها «قوات إرهابية منظمة». بعد أيام فقط من مساعدة القوات العسكرية التي تقودها روسيا للسلطات الكازاخستانية، من أجل السيطرة على التظاهرات التي شهدتها البلاد، تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحماية بلاده وحلفائها في الاتحاد السوفياتي السابق، من «الجهود الخارجية» التي تسعى إلى زعزعة استقرار حكوماتهم من خلال الاحتجاجات العامة، مؤكداً أن دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تهيمن عليها بلاده لن تسمح بـ«ثورات ملونة»، في حين أكد رئيس كازاخستان قاسم جومارت توكاييف أن القوات الروسية ستنسحب من بلده «قريباً بمجرد ما تنجز مهامها». وفي كلمة له خلال قمة افتراضية استثنائية لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تضم كازاخستان وأرمينيا وبيلاروس وقرغيزستان وطاجكستان، إلى جانب بلاده، حذّر بوتين، أمس، من أن «روسيا لن تسمح بثورات ملونة»، في إشارة إلى العديد من الثورات في دول الاتحاد السوفياتي السابق على مدى العقدين الماضيين. وتعتقد الصين وروسيا أن «الثورات الملونة» عبارة عن ثورات، حرضت عليها الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى لتحقيق تغيير في الأنظمة. واعتبر بوتين أن الهجوم على كازاخستان «عمل عدواني وكان من الضروري الرد على ذلك من دون تأخير»، مؤكّداً أن جاره وحليفه توكاييف، كان ضحية «إرهاب دولي». وأكد أن المنظمة تمكّنت من اتخاذ إجراءات مهمة وفي الوقت المحدد لمنع تدهور الأوضاع في كازاخستان. وأضاف، أن «الأحداث لم تندلع شرارتها بسبب الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود، إنما بسبب قيام قوى مدمرة من الخارج باستغلال الوضع لتحقيق أغراضها»، مؤكداً أن «هذه العصابات المسلّحة تمتلك خبرة قتالية واضحة وتم تدريبها في مراكز خارج». وفيما يتعلق بإرسال قوات الإنزال الروسية إلى كازاخستان، أكد بوتين أن قوات بلاده وتلك الحليفة لها التي أرسلت إلى هذا البلد المضطرب لمساندة السطلة فيه، ستغادر بعد إنجاز هدفها، وهو وقف «استهدافها من الإرهاب العالمي». وقال الرئيس الروسي، إن «أحداث كازاخستان ليست المحاولة الأولى ولن تكون الأخيرة للتدخل الخارجي، كما أن هذه الأحداث تؤكد أن بعض القوى لا تتردد في استخدام الفضاء الإلكتروني والشبكات الاجتماعية في تجنيد المتطرفين والإرهابيين، وتشكيل خلايا نائمة من المسلحين». من ناحيته، أوضح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن مسألة إمكانية الانتشار الدائم لقوات حفظ السلام في القاعدة العسكرية التي أعيد إحياؤها في بايكونور بكازاخستان لم تُطرح خلال الجلسة الاستثنائية لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي. وتعليقاً على وجود القوات الروسية في بلاده في أعقاب الاضطرابات القاتلة، قال توكايييف: «قريباً جداً ستنتهي عملية مكافحة الإرهاب الواسعة النطاق، وتنتهي معها المهمة الفعالة التي توجت بالنجاح لقوة منظمة معاهدة الأمن الجماعي»، كاشفاً أن 2030 عسكرياً نشروا في إطار هذه القوة. وأكد رئيس كازاخستان، أن «قوات إرهابية منظّمة تضمّ في صفوفها إسلاميين ومجرمين ومخربين ومقاتلين مسلحين، من أفغانستان والشرق الأوسط وآسيا الوسطى, استغلت الحركة الاحتجاجية وكانت تتحين اللحظة المناسبة لها لمحاولة الانقلاب على السلطة»، مضيفاً: «لم نستخدم ولن نستخدم أبداً القوة العسكرية ضد متظاهرين سلميين». وقال توكايييف: «الصفعة الأساسية وُجهت إلى مدينة ألماتي. وسقوط هذه المدينة كان من شأنه أن يمهّد الطريق للسيطرة على الجنوب ذي الكثافة السكانية العالية ثم على البلد بأسره ثم كانوا يخططون للاستيلاء على العاصمة» نور سلطان، مؤكدا نجاح السلطات «في استعادة السيطرة على الوضع بصورة كاملة». من ناحيته، أكد رئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشينكو في القمة، أنه «بناء على نشاط السياسيين الغربيين، فإنهم يراقبون الوضع في كازاخستان عن كثب، وإدخال قوات حفظ السلام الجماعية ينتهك خطط العملاء والمنفذين للصراع المثار». وقال: «إذا لم يتم تعلم الدروس من أحداث كازاخستان، فقد يحدث هذا مرة أخرى، في المقام الأول في أوزبكستان». بدوره، أكد رئيس وزراء قيرغيزستان أكيلبيك زاباروف من خطر تنقل «الإرهابيين» عقب أحداث كازاخستان عبر الحدود داخل بلدان منظمة معاهدة الأمن الجماعي. أما رئيس طاجكستان إمام علي رحمن، فأشار إلى أنه نبه مراراً وحذر من وجود خلايا «نائمة» في بلدان المنظمة، لافتاً إلى خطورة الوضع على الحدود الطاجيكية - الأفغانية داعياً إلى ضرورة إنشاء حزام أمني حول أفغانستان. وأوضح أن هناك أكثر من 40 معسكر تدريب إرهابي قرب حدود منظمة معاهدة الأمن الجماعي بينهم أكثر من 6 آلاف مسلح. كما حذر من «مشكلة تنقل المواطنين للدراسة في المراكز الدينية الأجنبية وضرورة تتبع الأمر، لأنهم غالبا ما يخضعون هناك لتدريب متطرف صارم». وفي بكين، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، أمس، خلال اتصال هاتفي مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكازاخستاني مختار تلوبيردي، إن بلاده مستعدة لزيادة التعاون مع كازاخستان «لإنفاذ القانون والأمن» ومساعدتها في مواجهة أي تدخل من قبل «أي قوى خارجية». في غضون ذلك، وبعدما نُكست الأعلام، أمس، فوق جميع المباني الحكومية حداداً على أرواح ضحايا الاضطرابات، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها، أمس، في ألماتي عاصمة كازاخستان الاقتصادية البالغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة، حيث توافرت خدمة الإنترنت مجددا. وذكرت وزارة الداخلية أن قوات الأمن تسيطر بشكل كامل على العاصمة نور سلطان وتنفذ فيها دوريات وحملة مداهمات للمنازل. ونقلت وسائل إعلام محلية عن نائب عمدة ألماتي قوله إن «الوضع مستقر، غير أنه لا يزال هناك بعض المسلحين يقاومون بشراسة». وفي وقت أفادت وزارة الداخلية إن قوات الأمن اعتقلت نحو 8 آلاف شخص حتى الأمس، أعلنت لجنة الأمن القومي تحييد خليتين متطرفتين في ألماتي، شارك أعضائهما في أعمال الشغب. وبعد اعتقال وإقالة رئيس لجنة الأمن القومي كريم ماسيموف الخميس الماضي بتهمة الخيانة العظمى، أقال رئيس كازاخستان أمس الأول عدداً من كبار المسؤولين الأمنيين، بينهم نائبان لماسيموف.
مشاركة :