يا فيزا يا غرامي.. | حكيم مرزوقي

  • 1/11/2022
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

علّق أحد الشبّان التونسيين بقوله "وهل تحسبين نفسك فيزا شنغن؟" على عبارة فتاة كتبت على صفحتها "يحبني ويفخر بي كل الرجال". هذا الهوس بالعبور إلى الضفة الأخرى لدى شباب تونس على وجه التحديد، ترويه وتحدث عنه نكات وطرائف كثيرة منها تلك التي تسأل: ماذا يمكن أن يفعله كل شاب من هذه الجنسيات لفتاة جميلة ووحيدة على شاطئ جزيرة مهجورة؟ بادر كل شاب بحسب احتياجات وأمراض وعقد البلد الذي جاء منه، وحين وصل الدور إلى التونسي، سألها عن المركب الذي أوصلها إلى الشاطئ كي يمتطيه نحو الضفة الأخرى. أظن أنه سوف يفعل ذات الشيء إن صادف فتاة جميلة ووحيدة على شاطئ الضفة المقابلة.. فما أصعب أن تكون هنا وما أصعب أن تكون هناك، وفق منطق هذا النزق الدائم والتعلق بما تخفي الحدود، حتى وإن كان منتجا وطني الصنع والمواصفات.. ألم يقل شاعر تونس المشاكس محمد الصغير أولاد أحمد “ولو شردونا كما شردونا لعدنا غزاة لهذا البلد”. تجدر الإشارة إلى أن هذا “البلد” هو نفس البلد الذي قال عنه في نفس القصيدة “نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد.. صباحا مساء وقبل الصباح وبعد المساء، ويوم الأحد”. بالمناسبة، يوم الأحد هو العطلة الأسبوعية الرسمية في تونس.. وماذا يفعل المعطّل عن العمل يوم العطلة الأسبوعية غير المزيد من التثاؤب والتمطط، والتفكير في العبور إلى الضفة الأخرى. أمّا عن الفتاة الوحيدة الحسناء التي قد يدير لها الشاب التونسي ظهره مقابل الفيزا، فقد يستبدلها بعجوز أجنبية شمطاء.. ولنفس السبب. المشكلة تتمثل في أن الحسناوات ومواعيد الغرام بالنسبة إلى هذه الفئة من الشباب، مؤجلة إلى حين ميسرة، بما أنها متوفرة، في حين أن الفيزا “يتمناها، يحبها ويفخر بها كل الرجال” كما زعمت الفتاة على صفحتها في الفيسبوك. ثمة نقطة مضيئة ينبغي التنبه إليها في هذه العتمة المتعلقة بهوس الهجرة الذي أفرز بدوره نسبة هائلة من العزوف عن الزواج، وهي أن تونس تسجل أدنى نسبة عربية في التحرش والاعتداءات الجنسية مقارنة ببلدان أخرى مثل الشقيقة مصر التي تعاني من وباء الكبت الجنسي. نتمنى طبعا، للشقيقة الكبرى أن تتعافى من هذه الجائحة الاجتماعية التي باتت تدق ناقوس الخطر عبر جرائم فظيعة من اعتداءات جنسية طالت الأطفال ومارستها فئات مختلفة من المجتمع. ولن يتحقق هذا التعافي إلا من خلال جملة آليات تربوية وتوعوية تجعل الاختلاط بين الجنسين ثقافة متأصلة. ربما تحققت نسبة كبيرة من هذا في تونس، مما جعل كل شاب يفكر في “فيزا أحلامه” وحدها، ويقدم على الهجرة غير آبه بفتاة جميلة ووحيدة على الشاطئ.. وتلك مصيبة أخرى.

مشاركة :