مقابر قديمة تكشف أسرار شبكة طرق عمرها 4500 عام شمال غرب شبه الجزيرة العربية

  • 1/11/2022
  • 12:33
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت الهيئة الملكية لمحافظة العلا بالشراكة مع جامعة غرب أستراليا أن السكان الذين عاشوا في شمال غرب شبه الجزيرة العربية القديمة قاموا ببناء "ممرات جنائزية'' طويلة وهي عبارة عن مسارات رئيسية محاطة بآلاف المعالم الجنائزية التي كانت تربط بين الواحات والمراعي وتعكس درجة عالية من الترابط الاجتماعي والاقتصادي بين سكان المنطقة في الألفية الثالثة قبل الميلاد. ويأتي نشر نتائج الاكتشاف في مجلة The Holocene تتويجا لعام كامل من التقدم الهائل الذي أحرزه فريق جامعة غرب أستراليا الذي يعمل تحت إشراف الهيئة الملكية للعلا لتسليط الضوء على حياة السكان القدامى في شبه الجزيرة العربية حيث تشير الممرات الجنائزية إلى وجود شبكة علاقات اجتماعية متطوّرة قبل 4500 عام امتدت عبر مساحات شاسعة من شبه الجزيرة العربية كما يُضاف الاكتشاف إلى التقدم المطرد لعلماء الآثار الذين يعملون بالشراكة مع الهيئة في فهم أسرار التواجد الإنساني والمجتمعات السابقة التي عاشت في شمال شبه الجزيرة العربية. ويعد عمل فريق جامعة غرب أستراليا جزءا من جهود أوسع لـ 13 فريقا متخصصا شارك أعضاؤها من مختلف أنحاء العالم ويعملون في مشروع الآثار والحفظ بالتعاون مع خبراء سعوديين في العلا وخيبر. وحول هذا الاكتشاف علق عمرو المدني الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للعلا بالقول "كلما عرفنا أكثر عن السكان القدامى لمنطقة شمال غرب شبه الجزيرة العربية كلما استوحينا المزيد في مهمتنا لكشف الطريقة التي كانوا يفكرون بها فقد عاشوا في تناغم مع الطبيعة وكرموا أسلافهم وتفاعلوا مع العالم الأوسع ويعكس العمل الذي قامت به فرقنا الأثرية في 2021 تصدر المملكة كموطن للعلوم المتقدمة ونتطلع بالطبع لانضمام المزيد من فرق الأبحاث في 2022". من جهتها قالت الدكتورة ريبيكا فوت مديرة البحوث الأثرية والتراث الثقافي في الهيئة الملكية لمحافظة العلا المشاريع التي انطلقت في العلا وخيبر منذ 3 أعوام وتتضمن المسوحات الميدانية التي تقوم بها فرق متخصصة مثل جامعة غرب أستراليا وبدأت نشر نتائجها ومن اللافت أن نرى ما تعكسه تحليلات بياناتها للعديد من جوانب الحياة في فترة العصر الحجري الحديث إلى العصر البرونزي في شمال غرب شبه الجزيرة العربية وهذه المقالة مجرد بداية للعديد من الأبحاث التي ستثري معرفتنا بالتاريخ الممتد من عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث التي بالطبع سيكون لها أثر هام على المنطقة بشكل عام. وتعد المقالة الجديدة المنشور الرابع لفريق جامعة غرب أستراليا خلال أقل من عام في مجلة علمية محكمة متخصصة بالبحوث الأثرية في العلا وخيبر حيث تم في السابق نشر Arabian Archaeology and Epigraphy في أغسطس حيث قام الفريق بتأريخ المدافن الحجرية على شكل قلادة في واحة خيبر إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد وهو أول دليل مثبت بالكربون المشع ينشر لتأريخ المقابر كما كان أول مقال في مجلة محكّمة حول العصر البرونزي في خيبر ولا يزال التنقيب الأثري عن أسرار خيبر في البدايات وفي أبريل أشار الفريق في مجلة Antiquity إلى أن الهياكل الأثرية المعروفة باسم المستطيلات هي أقدم بكثير مما كان يعتقد في السابق ويعود تاريخها إلى 5200 عام قبل الميلاد ويبدو أنه كانت لها وظيفة جنائزية متعلقة بطقوس سكان المنطقة أما في مارس فقد نشر الفريق في Journal of Field Archaeology اكتشافه بقايا أحد أقدم الكلاب المستأنسة في شبه الجزيرة العربية. أما فريق جامعة غرب أستراليا فقد استخدم في أحدث أبحاثه التي ترأسها الدكتور ماثيو دالتون كباحث رئيسي تقنية تحليل صور الأقمار الصناعية والتصوير الجوي والمسح الأرضي والتنقيبات لتحديد وتحليل الممرات الجنائزية عبر مساحة لا تقل عن 160 ألف كيلومتر مربع في شمال غرب شبه الجزيرة العربية وقد سجل الفريق 17.800 مدفن حجري على شكل قلادة ضمن مناطق دراستهم الأولية في العلا وخيبر حيث يُشكل 11 ألف منها جزءاً من الممرات الجنائزية وسواء كانت في السهول البازلتية أو الممرات الجبلية فإن التجمعات الأكثر كثافة للمنشآت الجنائزية في هذه الممرات تركّزت بالقرب من مصادر المياه الدائمة ويُشير اتجاه الممرات إلى أنه تم الاعتماد على العديد منها للتنقل بين الواحات الرئيسية بما في ذلك خيبر والعلا وتيماء بينما تتلاشى ممرات أخرى عبر المناظر الطبيعية المحيطة بالواحات مما يُشير إلى أنها كانت تُستخدم لنقل قطعان الحيوانات الأليفة إلى المراعي القريبة خلال فترات هطول الأمطار. وأوضح الدكتور هيو توماس مدير المشروع أن البحث الذي أجراه فريق جامعة غرب أستراليا وزملاؤنا الباحثون من الهيئة الملكية في العلا وخيبر يظهر مدى أهمية علوم الآثار في هذه المنطقة لتعزيز فهمنا لكيفية عيش سكانها في فترة العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وتوضح النتائج التي توصلنا إليها أن هذه المنشآت ربطت بين العديد من الواحات المأهولة الواقعة ضمن مساحة شاسعة وأن الممرات الجنائزية أنشئت قبل 4500 عام وتتركز هذه الممرات بشكلٍ خاص حول خيبر وتشكل إحدى أكثر المناظر الطبيعية الجنائزية ذات الكثافة المرئية مقارنة بأقرانها حول العالم. هذا وقد انطلقت الهيئة الملكية لمحافظة العلا في خطة رئيسية بعنوان "رحلة عبر الزمن" تمتد لـ 15عاما بهدف تطوير العلا وأجزاء من خيبر باعتبارهما وجهة عالمية رائدة للتراث الثقافي والطبيعي في حين تعمل الأبحاث الأثرية في العلا وخيبر التي يقوم بها فرق من محلية ودولية على تعميق وتوضيح مسار رحلة السكان عبر الزمن في المنطقة وتوفير البيانات لمعهد الممالك الذي يُعد مركزاً عالمي المستوى لبحوث الآثار والحفظ مع التركيز على اكتشاف تفاصيل تاريخ يمتد لـ 200 ألف سنة من تاريخ البشرية في العلا. وستفتح المؤسسة التي تعمل الآن كمنظمة بحثية أبوابها للجمهور كمنشأة سياحية دائمة في العلا بحلول 2030 وسيجري تشييد أبرز مبانيها في جبال الحجر الرملي الأحمر مقابل موقع دادان الأثري مع تصاميم مستوحاة من الحضارة الدادانية التي ازدهرت خلال ذروة تجارة البخور في الألفية الأولى قبل الميلاد. وحول الخطوات المقبلة قال خوسيه إجناسيو المدير التنفيذي لقسم الآثار وبحوث التراث وحفظه في الهيئة "ينتظرنا المزيد في 2022 والسنوات المقبلة حيث سنكشف عن عمق وثراء التراث في المنطقة الذي ظل لعقود من الزمن يكتنفه الغموض ليحقق مستهدفاتنا في الإستراتيجية العلمية في معهد الممالك".

مشاركة :